هذا الوطن الصغير بحجمه، الكبير بأهله، ترسخ وجوده العظيم بمهج القلوب في مشهد مهيب، أشرق نوره كابتسامة تنبعث من أعماق وجوده البهي لتنساب من ثغر طاهر، بوحه قصائد عشق للوطن، لونت الوجوه، وتوجت الهامات بأكاليل العز والفخار، وترجمت ما استعجم من فصول العشق للوطن، فزينت الجدران بمعلقات الهوى، لتنافس أطلال خولة ببرقة ثهمد، عندما بكاها طرفة بن العبد، فوقفنا نحن عند أطلال أهل الكرامة، الذين فاحت من جنبات أضرحتهم روائح المجد والسؤدد، نرفع بكرامة الشهداء الهامات، ونعلي الرايات، وننشد على أطلالهم، المجد والخلود للشهداء.
نستمع هناك بإنصات إلى صهيل خيل النصر في أرجاء المكان، وتكبيرات فرسان الحق ممن أوفوا بعهودهم، ونصبوا راية الوطن على شواهق الجبال، فألهم صوتهم الوجدان بشعور امتزجت فيه الرهبة والمهابة، فدوت من الأفواه صرخة، عاش الشهداء، عاش الشهداء.
الكرامة قصة وطن، ودرس عظيم، وحمل كبير، علينا أن لا نفرط فيه، فالشهداء رسموا لنا الطريق، ووثقوا معالمها بكلمات خطت من دمائهم، فلا يمكن لكلمات تكتب بالدم، أن لا تكون نهج حياة، وأساس ثابت المعالم، نستهدي به، ونحافظ عليه، وبين القوسين اللذان تركتهما صفحة دروس معركة الكرامة، نحن من نخط بقية القصة.