منذ انطلاقتها في سبتمبر عام 2016م نجحت قناة الوسطى من الذيد في لفت أنظار المشاهد من خلال برامج متنوعة حققت نسب مشاهدة عالية عبر محتوى إعلامي نوعي هادف وجاذب يرتقي بذائقة المشاهد، ويعكس رؤيتها في المساهمة بالنهضة الحضارية والثقافية التي تشهدها إمارة الشارقة، جهود كبيرة تتم عبر طاقم عمل متميز من أبناء المنطقة الوسطى يسعى دون كلل أو ملل ليصل بهذه الرسالة الإعلامية إلى العالم أجمع.
ومن أبرز البرامج التي عرضتها القناة مؤخرًا برنامج "ويبقى الأثر" الذي يستمر في عرض حلقات موسمه الثاني وسط نجاح كبير لا سيما وهو يستعين في فكرته بمخزون كبير من الحنين والوفاء والذكريات الجميلة لشواهد مكانية وشخصيات محورية من الراحلين الذين أسهموا في تكوين تاريخ المنطقة الوسطى وتراثها الغني بمكوناته ومفرداته، وذلك من خلال استضافة أسرهم وأصدقاءهم والشخصيات المعاصرة لهم للتعرف على سيرتهم وحياتهم وما تركوه من ذكرى باقية في قلوب كل من عرفوهم. التقينا ناصر سعيد الطنيجي مقدم البرنامج وأجرينا معه هذا الحوار ليخبرنا عن "ويبقى الأثر" فكرته وهدفه والنجاح اللافت الذي حققه منذ عرضه وحتى الآن وجديد البرنامج خلال المرحلة المقبلة
كيف بدأت مشوارك الإعلامي ؟
الإعلام ملكة وممارسة بالإضافة للحضور والموهبة والقبول، وطبعاً هذا الأخير منحة من الله عز وجل ودائماً يهبه الله للمجتهد في عمله، ومنذ صغري كان لدي ميول كبيرة للعمل الإعلامي، أنا بطبعي شغوف للفنون بشكل عام، محب للشعر وأحفظ الكثير من القصائد، أحرص منذ طفولتي على مجالسة كبار السن والتزود بما في معيتهم من أخبار السابقين وقصص وحكايات الأولين، والإعلام في نظري فن وصناعة تجذب من يحبها وتعطي لمن يتقنها، في الحقيقة أنا لست خريج إعلام، لكن لطالما تطلعت للعمل في هذا المجال وخوض غماره، سلاحي الثقة والعزيمة والإصرار، كانت انطلاقتي الإعلامية الحقيقية مع قناة الوسطى من الذيد منذ انطلاقتها في عام 2016، كانت فرحة كبيرة لنا كأبناء البادية أن تكون لنا قناة تعبر عنا وتكون لسان حالنا وتنقل ثقافتنا الأصيلة إلى العالم، في البداية قدمت برنامج "سوالف لول" الذي اكتسبت منه الخبرة والمهارة وأصبح لدي مخزون معرفي في الكثير من تفاصيل العمل الإعلامي، ثم قدمت برامج "جيل القصيد" والبرنامج الرمضاني "فريج البدو" في موسمه الثالث، وأخيرًا برنامج ويبقى الأثر، تجربة متميزة أفتخر بها، غنية بالتفاصيل ومفعمة بالأحداث والذكريات.
لقي البرنامج الذي تقدمه "ويبقى الأثر" صدىً طيباً عند متابعي القناة وحقق نسبة مشاهدة عالية منذ انطلاقة موسمه الأول في سبتمبر الماضي .. حدثنا عن فكرة البرنامج وانطباعاتك حول النجاح الكبير الذي حققه البرنامج؟
الأثر الطيب والصدى الكبير الذي حققه برنامج "ويبقى الاثر" جاء أولاً بفضل وتوفيق من رب العالمين، وثانياً بدعم القائمين على قناة الوسطى فإدارة القناة لم تأل جهدًا من أجل توفير كل مقومات الدعم من أجل إنجاح البرنامج وهذا هو دأب القناة منذ انطلاقتها حتى الآن، فكرة البرنامج جاءت بعد جلسات حوارية وعصف ذهني مع إدارة البرامج ومنتج ومعد البرنامج من أجل الخروج بشكل ومحتوى إعلامي متميز يرصد سيرة ومسيرة الآباء والأجداد ومساهمتهم المختلفة في شتى المجالات ودورهم الكبير في الحفاظ على الموروث الشعبي من العادات والتقاليد ومبادئ الضيافة والكرم والأخلاق والقيم الأصيلة، سيرتهم تستحق أن تبقى راسخة في أذهاننا وأذهان الأجيال المقبلة، وأنا بكل صدق وأمانة فخور بأن أكون مساهماً في نقل هذا الموروث الشعبي لأبناء المنطقة وللعالم أجمع.
كيف يتم اختيار الشخصيات الراحلة التي تذكر سيرتها خلال حلقات البرنامج؟
المنطقة الوسطى غنية وثرية بالشواهد المكانية والشخصيات المحورية التي كان لها بالغ الأثر في صياغة تاريخ هذه المنطقة ورسم ملامح ثقافتها وهويتها، وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهها آباءنا وأجدادنا في الماضي إلا أنهم كانوا على قدر المسؤولية ونجحوا في أن يسجلوا بأحرف من نور قصص ملهمة في مختلف الميادين والمجالات التي خاضوها، ونحن من خلال البرنامج نبرز دور هذه الشخصيات ونتلمس عن قرب ملامح من رحلتهم الحياتية سواء كانوا من رجال الدين أو شيوخ القبائل أو الشعراء وغيرهم، وإجمالًا الشخصيات التي أثرت في الهوية الثقافية والاجتماعية لهذه المنطقة وهم كثر، وما قدمناه حتى الآن هو غيض من فيض، ورحلتنا مستمرة إن شاء الله في تقديم المزيد من الشخصيات والشواهد المكانية خلال المرحلة المقبلة.
ما أثر تقديم برنامج يستعرض سير الآباء والأجداد على الجمهور وعلى الأجيال الشابة؟
من خلال حلقات البرنامج يتعرّف المشاهدين على سير الأوليين ورحلة حياتهم وقصة نجاحهم في مواجهة دروب الحياة ومواقفهم النبيلة وتمسكهم بالقيم والعادات البدوية الأصيلة، وأثر هذا البرنامج على المشاهدين يكون على من عاصروا هذه الشخصيات التي نتناولها في الحلقات ويعتريهم الكثير من الحنين للزمن الماضي الجميل، وكذلك على الأجيال الجديدة حيث رسخت لديهم معاني وقيم التمسك بالعادات والتقاليد والتعلم من ذكرى الأجداد وتاريخهم وخصالهم ومآثرهم الطيبة ومن ثم يعلمونها للأجيال الجديدة.
هل تواجه صعوبات معينة في اختيار الشخصيات واستضافة المتحدثين عن الشخصية من أهله وأصدقاءه؟
لا توجد صعوبة في اختيار الشخصيات بل على العكس هناك وفرة في الشخصيات التي لها مآثر طيبة والسير التي تستحق الإهتمام والذكر عبر برنامجنا، كلٌ حسب عمله وخبرته وميوله الشخصية التي تركت أثراً في تاريخ ونشأة المنطقة الوسطى، وأود هنا أن أشكر ضيوف البرنامج سواء من أهالي الراحلين أو أصدقاءهم ممن بادروا إلى الظهور والحديث عنهم وذكر مواقفهم وسيرهم الطيبة بكل فخر واعتزاز بهم.
يعرض في الوقت الحالي الموسم الثاني من البرنامج، هل هناك خطط لبدء موسم ثالث؟
نعم بكل تأكيد، نحن في الموسم الثاني ونستعد لموسم ثالث جديد سوف تعرض حلقاته خلال الدورة البرامجية لشهر رمضان المبارك من أجل إبراز المزيد من الشخصيات، أؤكد أن المنطقة الوسطى هي معين لا ينضب من الشواهد المكانيات والشخصيات المحورية الأصيلة التي ما زال لها أثرها العميق في قلوب وعقول من عاصروها أو سمعوا عنها، وهدفنا أن نبرزها خلال المواسم القادمة من برنامج "ويبقى الأثر"
لاحظت أن غالب الشخصيات الراحلة التي تم عرضها وذكر سيرة حياتها في البرنامج هم من الرجال، هل سنرى ذكر لسيرة نساء من المنطقة الوسطى في المواسم المقبلة؟
بالتأكيد سنتناول شخصيات نسائية خلال المواسم المقبلة، لأن المرأة لها دور كبير منذ القدم وعلى امتداد التاريخ، وقد ساهمت بشكل كبير في الحفاظ على المبادئ وعلى قيم البداوة من كرم وجود وبذل وعطاء وقد كانت يداً بيد إلى جانب شريكها الرجل، حيث كان دورها الأكثر تنوعاً وصعوبةً نظراً لانشغال الرجل في توفير لقمة العيش، وهناك العديد من النساء في المنطقة الوسطى اللواتي يستحقن الذكر والإشادة بمواقفهن وأدوارهن.
ما الرؤى المستقبلية المتعلقة بمسيرتك الإعلامية، هل من خطة جديدة لتنفيذ وتقديم برنامج يلامس مشاعر وأحاسيس الناس كما يفعل برنامج "ويبقى الأثر"؟
مبدئياً أسعى أن استمر في البرنامج "ويبقى الأثر" لأنه يستحق أن نواصل فيه تخليد ذكرى أهالينا وآباءنا وأجدادانا الأوليين، وأطمح دائماً لتقديم برامج تلامس مشاعر الناس وترضيهم، وأفتخر دائماً أنني أقدم كل ما يخص التراث والموروث الشعبي خاصة تراث البادية، فنحن لابد أن نحافظ على موروث آباءنا وأجدادنا الأوليين، ونحمل هذه الراية.
كلمة أخيرة .. لمن توجهها؟ وماذا تقول من خلالها؟
أبعث برسالة شكر إلى إدارة قناة الوسطى من الذيد وفي القلب منها إدارة البرامج وكذلك إلى منتج ومعد برنامج "ويبقى الأثر" وجميع القائمين على هذا العمل على توفير كافة أوجه الدعم والمساندة التي انعكست على نجاح البرنامج وتحقيق الهدف الرئيس منه والمتمثل في إحياء ذكرى الآباء والأجداد ونقل تجربتهم الحياتية إلى الأجيال الجديدة، كما أرفع أسمى آيات الشكر والامتنان إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حفظه الله الحاكم الذي حلق بالثقافة العربية إلى العالم، والقائد الذي صنع أيقونة ثقافية تتلألأ في سماء العالم اسمها الشارقة، وتوجيهات سموه بإنشاء قناة الوسطى من الذيد، هذه القناة التي انطلقت قبل أكثر من أربعة أعوام لتحمل على عاتقها مهمة جليلة محورها نشر ونقل عادات وتراث المنطقة وطبيعتها وآثارها والحياة الثقافية لأهلها، وليتعرف العالم على هويتها الأصيلة وثقافتها الكامنة في صدور أبناء البادية، جنباً إلى جنب مع إبراز الطابع التراثي والحضاري لها ، لتحقق القناة رؤيتها في أن تكون جسراً يربط ماضي المنطقة العريق بحاضرها الزاهر ومستقبلها المشرق.