بكلمات معبرة ومؤثرة وصفت الدكتورة شادن، ابنة الزميل الراحل محمد سالم العبادي رحمه الله تعالى، واقع أيامه الأخيرة.
وتاليًا نص ما كتبته الدكتورة شادن :
"بابا"السلام على روحك والرحمة:
لم اكن اعلم عندما تلقيت خبر مرضك في السابع والعشرين من اذار بانها ستكون الاخيرة وستكون حقا الرحمة لك من اوجاعك والامك! صدمت وضاقت بي الارض بما رحبت حينها.
وقف اصحابي بالغربة " اللذين لطالما اعتبرتهم ابناءك" الى جانبي لم اعلم كيف مرت الساعات وكيف اجريت فحص كورونا اللعين بتلك الاداة التي وصمت انفي خمس مرات لا باس حبيبي انها ضريبة الغربة كما كنت تقول لي ..مرت الساعات والدقائق كانها سنوات ضوئية حزمت امتعتي وانا شاردة الذهن مغيبة العقل،استقليت الطائرة المتوجهة الي عمان في السابعة الا عشرة بتوقيت القاهرة.
حللت في مطار الملكة علياء ولم اجد احضانك الدافئة تحتويني كالعادة فاستقبلني اخي الذي لم تلده لي امي" علي" استحلفته بالله الاف المرات بانكم تنتظرون حضوري للدفن وان روحك قد فارقتنا ولحسن الحظ كنت حيا ترزق.
وصلت المستشفى اسابق الثواني ركضت الى العناية المشددة فتحت الستارة ووجدتك نائما كالملاك تحت رحمة الاجهزة وعناية الادوية.
اعتقد بان دموعي وصلواتي حينها قد وصلتك كنت اصلي لاراك وكان قلبي يعتصر الما لما المّ بك "يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا".
لم انم تلك الليلة ولا ذلك الاسبوع كان كابوسا اسودا كالحاك سواد الليل عرفت الله فيه .. لم اجد الا كتاب الله مداوٍ لجروحي واهاتي.
لقد كنت طبيبتك الصغيرة في كهف العناية المظلم لقد حظيت بشعبية " الدكتورة لمغتربة" واستلمت الراية من خلفك " من شابه اباه فما ظلم".
كنت اتمسك ب بصيص الامل بانك ستحيا وانه قادر على ان يحيي العظام وهي رميم اصابني الياس كثيرا لم ابك امامك كنت اهرب الى مخرج الطوارئ افرغ دموعي واحزاني لا اخفيك من الامر شيئا بانني تمنيت بان ياخدنا الله جميعا وينتهي هذا الكابوس.
لن اوافيك بكل التفاصيل التي حدثت لكنني لا ولن اساوم على شجاعتك. في الثالث من نيسان كان لهذه الرواية ان تنتهي لقد تمسكت بالحياة عنوة ، قلبك الكبير بالحب الضعيف بالمرض تشبث بما اتاه الله من قوة ليكمل الخير في هذه الارض لكن خيرة الله افضل من امانينا! انتهت رواية العطاء ومسيرة الخير فقد كانت اربع وستون عاما وشهرا من الانسانية والانجازات الخير لا يموت بل هي " كارما" تلف وبترجعلك.
شكرا يا من ضجت المجالس بذكرك شكرا يا كل الخير شكرا يا ايها القابع في اعماق الروح والساكن في قلوب الجميع فقيد الانسانية وفقيد الوطن ،شكرا لكوني ابنة اعظم بابا في الدنيا.
اعلم بان روحك الطاهرة تنظر الينا من السماء وهي فرحة بما تركت من اثر بكى العالم وصلّت المجرات دموع الرجال قبل النساء رايت الحب فيك سنكمل رسالتك في هذه الارض لن نخيب ظنونك.
الحمدلله كانت اخر ما نطق ثغرك الباسم ان الله يمنح اقسى المعارك لاقوى الجنود. اختارني الله لهذا الامتحان وانت تعلم بانني لن افشل يا ابتاه. وانا عندي ملاك بالسما يحرسني كل الحب والرحمة.