آخر الأخبار

الدكتور الطاهر مورتجين يكتب : التربية بالقدوة

الدكتور الطاهر مورتجين يكتب : التربية بالقدوة
جوهرة العرب - د. الطاهر مورتجين / أستاذ باحث في علم الاجتماع
التربية مجهودات متواصلة يكتسب من خلاله الطفل ألوانا من الفكر و العواطف و السلوك و القيم و الأخلاق التي لا يمكنه أن يكتسبها لوحده.فهي عملية وفعل و اقتداء
ان التربية تكوين وتنظيم جديد للخبرة (جون ديوي)أما القدوة فهي المثل الأعلى الذي يحتدى به ,انها الأسوة الحسنة .و قدوتنا و مثلنا الأعلى ,معلمنا سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه أجمعين.
التربية بالقدوة من أهم و أنجع الطرق و الاليات لترسيخ المبادئ و الاخلاق الحميدة و تريبة الأجيال تربية حسنة ,فكل الدراسات والأبحاث تؤكد أن كل المناهج و النظريات رهينة بمن يعمل على تطبيقها و تمثلها ,ولن تحقق الاهداف الا اذا تحولت هذه الاخيرة الى سلوكات عملية للمربين انفسهم سواء الوالدين او الأساتذة في فصولهم الدراسية أو المدبرين في مؤسساتهم .هذا ما عمل به رسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم من خلال منهجه النبوي في اصلاح البشرية و هدايتها اعتمادا على القدوة التي حولت تعاليم و مبادئ الدين الاسلامي الى سلوك عملي و تدين حقيقي يرى في أفعال و أقوال وأعمال المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه أجمعين.
و باعتبار الأسرة الوحدة الاجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الطفل فهي تمثل المؤثر الأول في صنع سلوكه بصبغة اجتماعية.و بالتالي تربويا تعد أكثر جماعات التنشئة الاجتماعية أهمية مقارنة مع باقي المؤسسات الاخرى ,المدرسة و النادي و الحي و ,,,,بحكم أن شخصية الطفل تتحدد معالمها في السنوات الست الأولى من عمره.
فالوالدان مسؤولان على اكتساب طفلهما (أطفالهما) القيم الصحيحة و المبادئ و الأخلاق الحميدة و العادات الجيدة و السليمة التي تروم تكوين الذات و غرس معاني الوطنية و تمثل السلوك المدني و تحسيسه بأهمية الوقت و الحرص على استغلاله على النحو الأمثل .
بوجود الأم يتعلم الطفل الحب و الحب ضروري لانماء شخصيته عاطفيا و وجدانيا, بوجود الاب يتعلم الطفل الثقة في النفس و تتهيأ شخصيته لمجابهة مشكلات و صعاب الحياة و يتخذ لنفسه مثلا أعلى يقتدي به.وجود الوالدين معا في البيت يقوي الاطمئنان والاستقرار النفسي لذى الاطفال ,فالأسرة التي تعيش في جو قائم يسوده الاحترام المتبادل و التوادد بين أفرادها تيسر للطفل امكانية و فرصة تنمية شخصيته و اكتساب مهارات حياتية تؤهله للاندماج الاجتماعي و التفاعل الايجابي ,كل هذا اساسه قدوة الوالدين.
لما يكون الأب حريصا على صدقه في القول و العمل و الفعل يتمتع بشخصية متفتحة و عابدا لله جل وعلا وعلا , يحترم الأم و يحاور أطفاله ,يحرص على اسعادهم مع تصحيح كل السلوكات غير المنضبطة و قواعد الأسرة و المؤسسة و المجتمع بطرق اللين و التحفيز و التشجيع تارة و الحزم و الصرامة تارة أخرى حسب الموقف و السلوك و ردة الفعل لدى الأطفال و المراهقين ,فأكيد سوف يتخده أطفاله و بناته قدوة و مثلا أعلى .و لكي يتحقق هذا الهدف الأسمى لابد من بناء علاقة ثقة محورها الايجابية و أساسها التفاعل التربوي من خلال اعطاء القدوة في السلوك ,العمل,التعاطف,الحوار ,العبادة وفي التفاوض و التعاون ,في ادارة الذات فالمهارات الحياتية تكتسب وترسخ وفق النمودج الذي يقلده و يحتك به الطفل.القدوة الحسنة تنشر الخير فالناس بفطرتهم يحبون محاسن الاخلاق و درجات الكمال..
لقد أظهرت كثير من الدراسات و البحوث حاجة الأطفال الى نمادج قدوة ,لهم دور ايجابي كي يثقنوا تنمية حبهم لذواتهم وثقتهم في أنفسهم.يقر ابن خلدون بأن للقدوة الحسنة الأثر الكبير في اكتساب القيم و الفضائل .الاحتكاك بالصالحين و محاكاتهم يكسب الانسان العادات الحسنة و الطبائع المرغوبة و السبب في ذلك ان الناس يحصلون معارفهم و أخلاقهم و ما ينتحلونه من المذاهب و الفضائل تارة علما و تعليما و تارة بالمحاكاة و التلقين المباشر.
من أجل ذلك على الأستاذ و المدير و الأب و الام ,المربي و المربية الحرص أن يكون قدوة حسنة في العلاقة مع الله تعالى و مع الناس و التلاميذ.قدوة و مثل أعلى في صدق الكلمة و المعلومة و أمانة الرأي و حسن المعاملة و اجتناب الردائل حتى يحقق المعني الفعلي و الحقيقي للقدوة .والصلاة و السلام على سيدنا محمد القدوة الحسنة وعلى اله وصحبه أجمعين.