كلما تقدم بنا الزمان نتوق لآخره ،لمجهوله ،لخفاياه و خباياه ، الزمان الذي يضرب دون أن ينطق، و يأمر دون رحمة، و يتسيد دون أن يتعب، و يرمي عناصره في مكان أو زمان أو موقف أو قدر فيترك لهم الخيار في الإتجاه و الإختيار فإما الصراع للثبات أو الإستسلام للموت ، ذلك الزمان الذي يراكم عليهم تبعاته الجيدة و الخبيثة، و هو يدفن في أحشائه أسرار الأرض و البحر، و القلب و العقل ،و النفس و الروح.
من خلال متابعتي لبعض المسلسلات السورية و المصرية في رمضان ، و ملاحظتي التي ركزت على تجاعيد الوجه و ما أخذه الزمان من وهج ونظارة وجوه بعض الممثلين كانت في مكانها، فالزمن لم يتركهم إلا و قد حفر عليهم آثاره المتعبة، فأيمن زيدان الذي ظهر علينا بمظهر المتعب الكبير و الهزيل بغض النظر عن العمر، و عباس النوري و كأنه يعاني من ضمور الجسد، و سلوم حداد و عابد فهد، فقد اعترف الزمان على أنه أتعبهما، و غيرهم و غيرهم من وجوه كانت مشرقة و غيرها الزمان.
و نحن أيضا يأخذنا الزمان إلى حيث ما ذهب، إلى المجهول، و المستتر، فكل شيء على هذه الأرض أبيض أو أسود، إلا الزمان لا لون له و لا مبدأ له و لا معطيات و حل له، هو الخفايا و الأسرار التي نصارعها كي نستمر في العيش بسلام وخير أو حقد و شر.