صدر حديثا كتاب بعنوان "بيت المقدس في عهد المماليك"، للباحث عبد الرحمن سعيد حموده، حيث يبرز الكتاب تاريخ هذه المدينة المقدسة تحت حكم دولة المماليك.
يقسم الكتاب إلى ستة فصول، بالاضافة الى مقدمة وتمهيد خاتمة وملاحق وخرائط ومراجع وفهارس، تحدثت التمهيد عن مدينة بيت المقدس منذ نشأتها حتى بداية الحكم المملوكي، تخلل ذلك لمحة تاريخية عن نشأة المماليك في الدولة الإسلامية.
يتناول أما الفصل الأول "استيلاء المماليك على بيت المقدس" بعد اغتيال تورانشاه والصراع الذي دار بين المماليك والأيوبيين، ودور الخلافة العباسية في الصلح بينهما، ثم تطرقت لهزيمة المغول في معركة عين جالوت، وبينت دور بيت المقدس في بعض الأمور السياسية في الدولة المملوكية، ومكانة بيت المقدس وأثرها في علاقة المماليك مع الدول الأجنبية.
عن "النظام الإداري في بيت المقدس في زمن المماليك"، يتحدث الفصل الثاني عن التقسيم الإداري لبلاد الشام ومدى ارتباط بيت المقدس بدمشق وحرص سلاطين المماليك على إرساء قواعد العدل والإنصاف بين أفراد الرعية، كما بينت بعضا من مظاهر العلاقات بين المسؤولين في بيت المقدس، واستعرضت الوظائف الإدارية في هذه المدينة، كما تكلمت عن معاملة المماليك لأهل الذمة في بيت المقدس.
اعتمد المؤلف في الفصل الثالث على الدراسة الميدانية لتكون هذه الدراسة مصحوبة بصور للنصوص المكتوبة على هذه الآثار، ورجعت إلى مصادر كثيرة في هذا الفصل منها، "الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل" لمجير الدين الحنبلي وهو المصدر الرئيسي لتاريخ هذه المدينة المقدسة في عصر المماليك.
أما الفصل الرابع فيتحدث عن "حياة بيت المقدس الاقتصادية والاجتماعية"، مبينا مدى الأهمية التجارية والصناعية لبيت المقدس في تلك الفترة، وتهافت القادمين إليها على شراء منتوجاتها. وموضحا العلاقة الاجتماعية بين فئات السكان على اختلاف أديانهم وطبقاتهم وتوزيعهم في المدينة وأعيادهم، والحالة الصحية في المدينة المقدسة والحياة الزراعية فيها.
ويتناول الفصل الخامس "الحياة الثقافية في بيت المقدس في ظل المماليك"، حيث يبرز أهم المؤسسات الثقافية وما كان لها من دور في الحياة التعليمية.كذلك تناولت وظائف المدرسين ومراحل التعليم ومواد التدريس ودور المرأة في الحركة التعليمية في هذه المدينة المقدسة.
فيما يتناول الفصل السادس "الصراع بين المماليك والعثمانيين في بلاد الشام وأثره على بيت المقدس"، ويبين الفصل أثر هذا الصراع على بيت المقدس، كما يستعرض زيارة السلطان سليم الأول العثماني لبيت المقدس واستقبال سكانها له، مع اعطاء لمحة بسيطة عن حياة هذه المدينة المقدسة في بداية العهد العثماني.
ويقول المؤلف إنه في هذا الكتاب لم يقتصر على سرد الحوادث، بل "قارنت النتائج بأسبابها والأحكام بأدلتها، ولجأت إلى التوسع في البحث والإفاضة في القول، فأجهدت نفسي وركبت كل صعب وذلول متحريا الحقيقة متصفحا كتب التاريخ الموثوق بصحتها، واستوعبت ما فيها فما وجدته يتعلق بهذه المدينة المقدسة نظرت فيه وتخيرت منه ما استبان صدقه وتعدد رواته، وما لم أجده بحثت عنه في مظانه، كما قرنت الدراسة النظرية بدراسة ميدانية لجميع الآثار العمرانية خلال فترة البحث".
يخلص حموده الذي ولد في القدس وعاش مرّ مصائبها ونوازلها التي تمثلت في تقسيمها في العام 1948، إلى قسمين:القدس الغربية، خضعت للسيطرة الإسرائيلية والقدس الشرقية بقيت تحت السيادة العربية، وما لبث القسم الأخير أن وقع فريسة في قبضة الاحتلال الصهيوني سنة ألف وتسعمائة وسبع وستين لتعيش هذه المدينة في أخطر مرحلة من مراحل تاريخها في تغيير معالمها وتشويه مقدساتها.