تلعب المرأة المصرية دورًا حائزا متميزا علي مر الأزمان، ليس في أوقات السلم فحسب؛ بل وفي أوقات الحرب كذلك. لاسيما وأن عدونا هذه المرة غير معلوم الهوية، ولا الجنسية، ولا حتى يبدو مرئيًا للعيان. فعدونا هذه الأيام فيروس لا يُري بالعين المجردة، ولا يمكن تحديد مكان ولا زمان انتشاره، ولا يمكن تحديد وسائل مجابهته بشكل نهائي إلي الآن.
ومن هذا المنطلق، يقع علي عاتق المرأة المصرية عبئًا جديدًا وحملًا ثقيلًا نحو حماية نفسها ومعيلها من أب وأم، أخوة وأخوات، زوج وأبناء. فنجدها من جديد تحمل حربة الطعن لتحمي مُعيليها من جديد مثلما حملت "أحمس نفرتاري" حربتها لتعين بها أبنها "أحمس" في درأ أعداء الوطن ليعيد للدولة المصرية أمجاد الوحدة من جديد. وها نحن نراها من جديد تحمل حقيبة الوقاية طوال يومها من ماسكات وكحول ومطهرات مثلما كانت تحمل الأم المصرية القديمة كيس الحبوب خلف زوجها لتنشر الحبوب في الحقول المروية بطمي النيل وماءه.
وعلي الرغم من أن مصر _ وبدعم القيادة السياسية _ كانت من الدول السباقة في الاهتمام باتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الوقائية للحد من تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" لاسيما على المرأة والطفل باعتبارهما من أكثر الفئات تضررًا من الأزمة الحالية. ورغم ما رصده المجلس القومي للمرأة في النسخة الثانية من تقريره حول عدد السياسات والإجراءات والبرامج الداعمة للمرأة والتي اتخذتها الدولة المصرية للحد من انتشار الفيروس، والتي بلغ عددها ٥٢ تدبيرًا وقرارًا و إجراءً وقائيًا منذ بدء الأزمة وحتى الآن؛ إلا أن المرأة المصرية تظل حائط الصد وجدار العزلة الذي من خلاله لا زالت أغلب فئات الشعب المصري بأمان تام، خاصة وأن النسبة الأكبر من بين فئات الشعب المصري كانت، في أغلبها، من نصيب فئة الشباب والأطفال، واللذان تقع حمايتهما علي عاتق المرأة المصرية، لاسيما وأن نسبة الشباب في الفئة العمرية بين 18 - 29 سنة قد بلغت نحو 21% من إجمالي أحدث تعداد للسكان لعام 2019 م، كما بلغت نسبة السكان فى الفئة العمرية للأطفال أقل من 15 سنة نحو 2,34% من إجمالي تعداد السكان ذاته.
المرأة المصرية .. وكورونا
ما يعني أن النسبة الأكبر من فئات الشعب المصري للأطفال دون 15 عامًا، وللشباب حتي 29 عامًا، والذين تبلغ نسبتهما مجتمعة ما يزيد عن 55% من نسبة التعداد المصري، تقع علي عاتق المرأة المصرية، لاسيما إن أدركنا أن أغلب حالات الإصابات بفيروس كورونا المستجد جاءت في أغلبها لرجال ومدخنين وكبار سن مقارنة بباقي الفئات العمرية والنساء. حيث يصبح فيروس كورونا الجديد أكثر خطورة مع التقدم في العمر؛ إذ ترتفع درجة خطورته تدريجيًا بين الفئة العمرية من 40 إلى 80 عامًا فما فوق، حيث نشهد زيادة في أعداد الوفيات. أما فئة الأطفال والشباب، والذين تتراوح أعمارهم بين 1- 29 عامًا، فلم يصب بفيروس كورونا الجديد سوى 2% فقط من إجمالي عدد المصابين. وهذا إن دل علي شئ فإنما يدل علي دور المرأة المصرية الأبرز كونها الابنة الحريصة علي أبويها، كونها الأخت الحريصة علي صحة أخوتها وأخواتها، كونها الزوجة والأم الحريصة علي صحة أفراد عائلتها.
من هنا لا يسعنا إلا أن نقدم جل احترامنا وتقديرنا للمرأة المصرية في ظل أزمة كورونا، خاصة إذا ما علمنا أن الجهود الحثيثة التي تبذلها وزيرة الصحة المصرية – هاله زايد، ليس علي المستوي المصري في ظل أزمة كورونا فحسب؛ بل علي المستوي الدولي من جهة، وما بذلته وزيرة التضامن الإجتماعي - نيفين القباج من صرف مرتبات شهرية عاجلة لأصحاب العمالة اليومية المتضررة من جراء فيروس كورونا من جهة ثانية، وما بذلته وزيرة الهجرة والمصريين بالخارج – نبيلة مكرم من محاولات جادة لاستعادة المصريين العالقين بالخارج في ظل جائحة كورونا من جهة ثالثة، وما قامت به وزيرة البيئة ياسمين فؤاد من جهود ملموسة بدعم من القوات المسلحة المصرية في حملات تطهير واسعة الانتشار .. وغيرهن من حاملات الحقائب الوزارية. مما يدل علي دور المرأة المصرية سواء أكانت ابنة، أخت، زوجة، أم، وزيرة كانت أم غفيرة في ظل جائحة كورونا، ما يجعلنا دومًا نردد: "يا جبل ما يهزك ريح".