لا يستطيع أحد أن يقف أمام أراده الله.. لان الله غالب دائما بأمره ، وإن إرادته منجزه .. وأنه لا يعجزه شيء ، لكن قد يحدث ذلك عن جهل كما نفعل أحيانا نحن حينما نتخذ قرارا مخالفا للإرادة الالهيه ،ثم لا ندرك ألا بالإشارات التي يرسلها الله لنا فلا نقف أمام إرادته ولا نصر علي موقفنا دائما .. وفي هذا ائتي بموقف ألصحابه رضوان الله عليهم جميعا أمام أراده الله فلم يستجيب أحد إلى نداء الرسول يوم الحديبية .. ووجد الرسول نفسه وأم سلمه وحدهما .. كما حدث من قبل لموسي فقال اللهم أني لا املك الا نفسي وأخي .. لكن جاءت حكمه الله في صوره حكمه أم سلمه فنفعت المؤمنين وامتثلوا جميعا لأوامر الله ..وحتي لو حصل ذلك الإعراض عن علم وليس عن جهل فإن ذلك لن يغير من أراده الله شيء .. وقد وقف عليه السلام يونس بن متي أمام إرادة الله وذهب مغاضبا وترك أمته لتجابه الأمواج .. فجابت الأمواج سفينته ردا علي هذا الوقوف أمام أراده الله وما هي إلا لحظات حتى القوه يجابه أمواج البحر منفردا فآواه الله الي بطن حوت لينقذه إلى البر.. ذلك أنه ندم علي هذا الوقوف أمام أراده الله فنجاه الله بقول النجاة في القرآن ( لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) ..
أن خلف الدم الذي رآه سيدنا يعقوب علي قميص يوسف قصه شبيهه وقف فيها أمام أراده الله ولو بفعل بسيط فجاء القميص به دم وجاء الفراق وجاء البكاء عليه وحرقه الصدر .. وذلك عندما ذبح سيدنا يعقوب ماعز أمام أمه فغضب الله لغضب أم الماعز وشعر بها فأذاق يعقوب بعضا مما الم بتلك الماعز الأم .. ليس المهم أنه وقف أمام أراده الله عن جهل ولكن المهم أنه أدرك ذلك الخطأ وتابع قبل أن ينزل سخط الله ..أما فرعون فقد وقف أمام إرادة الله عن عمد وعن بينه وأراد أن يتحدي هذه الاراده الالهيه بمحاوله إهلاك العصبة المؤمنة من بني إسرائيل وقد أنجاهم الله بشق البحر إلى نصفين فكان كل فرق كالطود العظيم .. ومع ذلك وقف فرعون أمام أرادة الله ولم يندم علي هذا وأصر علي موقفه حتى بعد ما تبين له أنه الحق وأن رب بني إسرائيل هو الحق فإذا به يدخل إلى الطريق اليابس الذي أعده الله لنجاه بني إسرائيل المؤمنين وحدهم وبإصرار من فرعون إصرارا لا عوده فيه ولا ندم ولا تراجع.. فدخل بكامل إرادته تحديا صارخا لله ..
هنا أهلكه الله برغم قول الإيمان الذي قاله : (آمنت أنه لا اله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وإنا من المسلمين ) .. أن خطيئة فرعون كانت واضحة لا لبس فيها ولا غموض.. لهذا فهو يقدم قومه يوم ألقيامه فأوردهم النار وبئس الورد المورود.. ليس هو فقط فكل من شهد المشهد من الجنود والقادة لهم نفس المصير ..فلم يحرك أحد ساكنا تجاه أراده الله التي باتت واضحة لا لبس فيها ولا غموض.. وتلك هي أيام الله وتلك هي آيات الله.. وتلك هي حجه الله التي أتاها ابراهيم علي قومه فجاءتهم الآيات تلو الآيات .. بينما نجد لآيات الله صدي عند سحره فرعون من قبل فجاء رد فعل السحرة من المصريين بأن آمنوا جميعا وهم نحو سبعون ألفا من المصريين لما رأوا الحجة التي لا راد لها ولا مجال للوقوف أمامها فآمنوا جميعا لم يتخلف أحد ..لم يأبه أحد بسلطان فرعون وبطشه فآمنوا إيمانا لا يتزعزع وقالوا اقضي ما أنت قاض إنما تقصي هذه الحياة إنا آمنت بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى .. فعذبهم فرعون لم يرحم منهم احد ..
لكن جيش فرعون لم يفعل مثل هذا الإيمان أمام معجزه هي اقوي واكبر من معجزه السحرة..لذلك لم يهلك الله فرعون وحده ولم يتوعده وحده بالعذاب ولكن قال : إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين .. أن كثير من أمتنا من يقف أمام أراده الله ويصر علي هذا إصرارا بالغا ولكن الذي يشفع لهم في عدم نزول عذاب الله أن الحجة الدامغة لم تقع عليهم كما وقعت علي فرعون وعلي السحرة من قبل .. ولكن تبقي أراده الله كاملة فيمن يقف أمام أراده الله.. فكيف ينصر الله قوما وقفوا أمام إرادته سبحانه ولم يندموا علي هذا ..وفي هذا نجد لسان حال كثير من المؤمنين منا ..وهذه أمتنا تجابه الأمواج العاتية وسط الأمم ولا منقذ لها أحد إلا الله .. لأنهم يقفون أحيانا أمام أراده الله ولم يندموا كما ندم يونس بن متي عليه وعلي نبينا السلام .. أن الوقوف أمام أراده الله أمر متكرر يلهث وراءه إبليس ليوقعنا في المحظور كما أوقع أبونا ادم من قبل بالأكل من الشجرة لكنه تاب فنجا ونجت أمته.. ونحن لم نتب من هذا حتى الآن ،والله المستعان.