الدكتور أحمد محمد شديفات يكتب : يوميات "أصحاب الوظائف المُشْبَعة"

جوهرة العرب - الدكتور أحمد محمد شديفات 

أن العدالة لا تتجزأ كما أن الشرك ظلم عظيم ، عندما يرتقي المسؤول ركاب المسؤولية يحلف بالله العظيم أن يخدم الوطن ويحافظ على ترابه ويعامل أبناء الوطن بالتساوي ولا يميز بينهم أبدا، ولو عكست هذا السطر المحلوف عليه فأول شيء يحنث في يمينه وينقضه، أما الوطن فأول ما يفكر كيف يدمره ويخربه ويحرقه ويهدمه...أما ترابه يبيعه لنفسه ولأولاده ويشيد عليه بنيانه وحده، أما معاملة أولاد الوطن يقرب ذو القربى المقربين وأصحاب المعالي والوزراء اللاحقين والسابقين والوجهاء أصحاب التأثير الكريم... 

نعود لكلمة المُشْبَعة أصلها (مُشْبَعٌ) في صورة مفرد مذكر وجذرها (شبع) وجذعها (مشبع) كلها تدل على الجشع فوق حد التجشُّؤ والزيادة والاستزادة فوق طاقته، والجمع من هب ودب وعدم الشبع ، والحرص والطمع وحدث ولا حرج...

كثير من موظفين الدولة يعمل بأرقى الوظائف ولا يمر مرور باقي موظفي الدولة فله سرب خاص وطريق دبلوماسي بلون أحمر مخضب بالدم، والبقية الباقية تنظر من طرف خفي كيف بهذا ثم يسكتون على مضض ...وتمر الأيام فإذا بأبن الأمس أضحى وزيرا وفي عشية كان رئيسا وقائدا وعينا ونائبا وكأن حظه دائما وهكذا دواليك...وأخينا الآخر محفوظ اسمه على التخصصات المشبعة ويدور كالصرصور في طنجرة مفرغة وأولاده من حوله يرددون ماله حظ لا يشقى ولا يتعب يحط عنها ويستريح ...

إذن أصحاب الحظوظ دون ونحن البدون هم كالدبابيس حول المغنطيس كلهم مجموعة في علبة واحدة وتضع تحت الطاولة أو كيس تختار كل يوم إبليس بن إبليس ....

يا ترى هل من العدالة أن من وصل درجة متقدمة في الدولة ثم تقاعد ينتقل لوظيفة أخرى ومؤسسة شبه حكومية أو تحت مظلتها ويأتي بكل قومه وعشيرته وذريته ويعمل مجمع آخر كما عمل سابقا أو يكون عضوا في عشرات اللجان ويتم اختياره مندوبا في كافة المنظمات المحلية والدولية فكل دقيقة من حياته قبل مماته لها ثمن باهض فعلا جمع ثروة أكثر من أيام حياته بالملايين وسيحتفل بجمع مليار مليان على رأس السنة؟ ألا يكفيهم ويبقوا لنا الفتات، والآخر المسكين أبن تسعة أشهر خرج من المهد الى اللحد فما زال يركض وراء رغيف عجين!

من أين لك هذا، أليست ثروات بلدي وميراثه أيها القوم "تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ (22)النجم

تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن