لكل سبب مسبب ودافع له وعليه، من الملفت للفكر والنظر معا كثرت حوادث المراهقين الذين يلقون بأنفسهم نحو التهلكة بوسائل شتى قفزا من أعلى برج أو جسر أو طابق أو شنق أو خنق أو حرق وليس محصورا في بلد المنشأ وإنما في بلاد شتى حتى عمت بهم البلوى وضجت الأسر
بالمختصر المفيد حصل هذا الأمر ببعدنا عن الدين والأخلاق والموروثات الطيبة الحسنة وغياب تربية الأبناء وعمل المحرمات التي يتمتعون بها ليلا ونهارا أمام الآباء والأمهات دون زاجر أو تأديب وإنما نمدهم بكل المتطلبات مدا مدا...
أعلم أيها الإنسان أنك عزيز على الله ولك مكانة ورفعة واحترام فبنفسك لا تستهين فقد فضلك رب العالمين على كل المخلوقات وجعل لك عقلا وتفكيرا وتكريما "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ..."75 الاسراء
إذن نفسك التي بين جنبيك ليس ملك يديك تتصرف بها كيفما شئت أو تعذبها أو تهينها، أكرمها بالتقوى والصلاح والعمل الجاد وطريق النجاح والفلاح،
الإسلام وضع حدا وسدا منيعا للانتحار وشنع على المنتحر مهما كان السبب لأن كل هم وغم يزول مع الأيام ...قال صلى الله عليه وسلم فيما جاء في سنن الترمذي "من قتَلَ نفسَهُ بحديدةٍ جاءَ يومَ القيامَةِ وحديدتُهُ في يدِه يتوجَّأُ بِها في بطنِهِ في نارِ جَهنَّمَ خَالدًا مخلَّدًا أبدًا ، ومن قَتلَ نفسَه بسُمٍّ فَسمُّهُ في يدِه يتحسَّاهُ في نارِ جَهنَّمَ خالدًا مخلَّدًا" لا يوجد أشنع من هذا مطلقا
طبعا هذه أمثلة من أدوات الموت والآن تنوعت من إخفاق في عمل أو رسوب في امتحان أو لعبة الببجي وتوك تيك والحوت الأزرق وألعاب شتى والمخدرات بأنواعها ما أنزل الله بها من سلطان تأخذ بالألباب خاصة في ريعان الشباب هذا الاستدراج درجة وراء درجة ومنزلة ولعبة تلو الأخرى حتى تصل في آخر المطاف إلى حتفك الذي رسم لك من قبل القتلة الخونة الذين لا يراعون ذمة أو خلق أو دين أو عادة حميدة أو تقليد، فتجد المراهق زيادة بعذاب الوالدين يصور نهاية حياته وحتفه بصورة منقولة على الهواء منقوشة في الفكر والحزن والحسرة فيرسلها لأمه أو أبيه أو أخته أو أخيه أو صاحبيه...جراءة لا تصدق ولا مثيل لها على الانتحار وهو يعاني سكرات الموت بالصورة والصوت فعلا فجيعة ترتكب بحق الطفولة أمام ممن يدعون بالحفاظ عليها كذبا وزورا...
أليس في المجتمعات حكماء وعلماء ورواد العمل الاجتماعي والإصلاحي أليس لديهم من حلول فالمصيبة تشتد وتتوسع وهي تسابق الأيام وتقطع أحلام الطفولة، وتغزو كل البيوت فأبني أبنك وهكذا أبن الجيران والحارة والوطن والعالم أجمع ...فكم من شاب أدمى قلب والديه ، وكم من عين تفطرت حزنا على فقيدها ها هو يعقوب عليه السلام"...وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84)وهكذا الآباء والأمهات يبقون يذكرونا فلذات قلوبهم وأوجاعهم كل حياتهم كحال يعقوب عليه وعلى نبينا أزكى الصلاة والتسليم "قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86 )سورة يوسف...نشكو الى الله أن يرفع المصائب عن الأمة والعالم أجمع ،
إذن رفقا بالقلوب التي تتصدع كمدا وحزنا ومصيبة وفجيعة ، ورأفة بالثكالى على الأحبة، كونوا عونا لهم وسدا منيعا في وجه الألعاب الجهنمية والانحلال الخلقي ورفاق السوء، فأين جبر الخواطر والوقوف لجانب المكلومين جزاكم الله خيرا...
الحديث قال صلى الله عليه وسلم "... كَلَّا، وَاللَّه لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، ولتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ، ولَتَأْطرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا، ولَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّه بقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ ليَلْعَنكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ رواه أَبُو داود والترمذي،
ما أحلى طريقة الحديث في التربية حفاظا على المجتمع من أن يصيبه الخلل والتفكك "وَلَتأطرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا "هذه هي مسؤولية قيام المجتمعات كلها أمام الخطر الداهم وأي خطر يهدد شباب الأمة أكثر مما نرى؟ إذن الواجب يحتم إرغام المتهورين وجبرهم ومنعهم وعطفهم على الطريق المستقيم بالقوة والمنع والترك إذا لزم الأمر وإلا لهلك الجميع...