بالطبع كل من سيقرأ هذا العنوان سيتعجب منه ،ويقول إن الإعجاز البلاغي تحدي لكل البشر وكبرياء لله ،وتعجيز للكافرين وتحديا لهم، ووسيلة لهداية الضالين أو الغافلين ،ودليل علي أن هذا القرآن الكريم من عند الله الواحد الأحد ،ولا يجوز أن يكون من عند غيره ..
فكيف تلقي الضوء على أنه نعمه، وتكتفي بالتوجيه له بالحمد ،وكان أوجب له التكبير والتسبيح والتعظيم لله رب العالمين ، أقول : ليس هذا فقط فإن من يعلم ألبلاغه يستطيع أن يعلم السطحية والتفاهة في اللغة أيضا ويحكم عليها .
فأنت إذا تحدثت لله ببلاغه منقطعة النظير ،فقد فهم الله مقصود ما تريد إيصاله من دعاء أو ما شابه مع علمه بما يقصده قلبك من ذلك ، فهذه نعمه على البليغ الذي يستطيع بكلمات قليله أن يصل إلى الله ،حتى لو لم يفهمها من هو بجواره .
وأنت تدعو الله أو حين تكرر الدعاء عليه ..وهذا هو سر أننا نقتفي اثر الأتقياء من ذوي البلاغة بالقول ، والصالحين من أولياء الله الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون كي ندعو بما يدعون ونناجي الله بما يناجون به ربهم من نداء خفيا مثل نداء سيدنا زكريا أو دعاء أيوب عليهما السلام ، أو من دعاء النبي الكريم جميعا وعلى نبينا محمد صل الله عليه وسلم عليهم وآله وصحبه وسلم أفضل الصلاة وأزكى التسليم .
أن بلاغه القران الكريم نعمة على الشعراء والأدباء ،كي يمكنهم أن يخاطبوا ربهم ،حتى لو لم تفهم أنت ما هو مقصود في كلماتهم فإن الله أعلم منك، وفهم أيضا مبتغى كل منهم من الدعاء ، فإن الله عليم فهيم ،وهذه الأخيرة ليست من أسماء الله الحسنى ، لكنه صفه في الله فإذا كان سبحانه وتعالى اسمه السميع العليم ، فإن السمع يستوجب الفهم وإلا لم تكن هناك فائدة من السمع وما يعقبه من الاجابه فهو سبحانه المجيب ، ولهذا السبب لم يذكر الله لنا اسما من أسمائه هو ألفهيم ليس لأنه ليس فهيما ولكن لأن سمعه يستوجب الفهم كما قلت..
وأيضا بسطاء الناس الذين لا يملكون من البيان والفصاحة شيء فهم في نعمه لماذا ؟
لان من يملك ألبلاغه ويستخدمها يستطيع أن يحكم علي غيرها ويقيمها ثم يخاطب الناس علي قدر عقولهم وألسنتهم وقد ورد إن رجلا قال للنبي (ص) هل مبررفي صيام في سفر .. فقال له ليس أمر في صيام في سفر .. فجاء الرد بنفس بلاغته وبنفس لسانه .. والله اعلم بما في القلوب.
من أجل ذلك ورد عن عمر بن الخطاب أنه سمع من يدعو بدعاء خطا لغوي فرد الخليفة عليه لله : اللهم بقلبه لا بلسانه والله اعلم بما في قلبه وما جري علي لسانه من عمر وما صدر من لسانه لكنها مهمة المؤمن أن يتعاون غيره من المؤمنين علي طاعة الله مع علمنا بأن الله قادر علي العون لغيرنا لكنها مهمتنا أوكلها الله لنا فقالها عمر ويقولها دائما الصالحون من بعده.. أن رسول الله (ص) سمع رجلا يدعو فقال لقد دعا باسم الله الأعظم الذي إذا دعي به لبي وإذا طلب به أجاب .
فكيف استطاع هذا الرجل أن يصل إلي هذا من دون النبي صل الله عليه وسلم ،أنها مسابقه ألبلاغه والبديع اللغوي بين الناس ،ومن هذا قول لبيد الذي امتدحه النبي علي جاهليه الرجل : ألا كل شيء ما خلا الله باطل .. أن بلاغه الرسول نعمة لنا من الهدي الذي أهداه الله لنا ،فقال عن النبي :" وانك لتهدي إلى صراط مستقيم ".
أن كثير من ادعيه النبي ومنها دعاء القران كالفاتحة وخواتيم سوره البقرة وكثير من الدعاء بسور القران علي لسان أنبيائه كإبراهيم وأيوب ويونس وعيسي بن مريم إنما هي نعمة لنا طرحها الله أمامنا ، من خلال القران لتكون نعمه لنا نسبح بها لله وبحمده ونستغفره أنه كان توابا .