رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

د حازم صيام يكتب : فقه الاضطرار في الإسلام(٢)

 د حازم صيام يكتب : فقه الاضطرار في الإسلام(٢)
جوهرة العرب _  د حازم صيام

وردت كلمه الاضطرار في القران بتصريفاتها ثمانية مرات ،وهي ماخوره من الضرر ،يعني مصدر (ضرر ) الذي ورد في القرآن (٦٣) مره ،بينما النفع ورد (٤٥) مره .. لذلك فإن توقع الضرر في الدنيا أكثر من توقع النفع ..

لذلك جاء حصر التكرار معبرا عن طبيعة الإنسان الذي يعيش في هذه الحياة الدنيا , وهذا شيء معروف بيننا كما يقال(للضرورة أحكام ) وكما قيل أيضا ( يركب الصعب من لا ذلول له).

أننا نعيش هذا الواقع في قول (لا بيا ولا عليه فإذا بفلان يفعل بي كذا وكذا ) أو كما قيل بالعامية ( يا قاعدين يكفيكم شر الجايين) ،إذا فالضرر أو الاضطرار شيء متوقع وموجود بكثرة وهو من طبيعة الحياة وتصرفات الدهر ، والمضطر لا يفعل الاضطرار وهو منشرح الصدر ، بل وهو كاره ومتأفف وآسف علي هذا ، لأنه قد اضطر إلى ذلك .

 يقول الله سبحانه في كتابه العزيز في سوره لقمان : (نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ) وليس اكره علي الإنسان من جهنم والعياذ بالله ، فالله يضطر الكافر إلى الدخول فيها ، فهو لن يفعل هذا إلا وهو كاره مجبر مضطر علي هذا غير منشرح الصدر نظرا للضرورة فقط ، وقد حكي القران عن طبيعة الاضطرار المحمود ، أنه يفعل ذلك غير باغ ولا عاد في غير موضع من سور القران مثل : البقرة والأنعام والنحل وكمثال لذلك قوله تعالي : ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ) "البقرة ١٧٣" , وأيضا في سوره المائدة بوصف "غير متجانف لآثم).

إن الاضطرار من طبيعة الحياة وحقيقة الأمور قد لا تكون في ظاهرها ، وإننا لا نبتدع جديدا في هذا الفقه بفقه جديد لكنه منهج القرآن كما أشرت عاليه ، وشريعة من شرائع الله في تصرفات الإنسان وسلوكه في هذه الحياة الدنيا , وسيضطرك الله إلى التعامل مع الجميل والقبيح ومع الملائكة والشياطين ومع المعلوم والمجهول ومعالجار والقريب والبعيد ومع الخير والشر : ليري الله منك سلوكك وما اضطررت إليه غير باغ ولا عاد ..

 إن الله يبتلي الإنسان بالشر والخير فتنه ليس لإيقاعه في الفتنه ، ولكن لاختباره فقط فالمقصود الاختيار وليس الاضطرار ، ولكن هذا الاختيار جزء من منظومة الاختبار والارتقاء الالهيه التي يختبر الله فيها عبده تمهيدا لحياه أخري ليس فيها اختبار ولا ابتلاء ولا اضطرار..

فمادمت حيا فأنت ستضطر , واستكمالا سوف يضطرك الله إلى الموت , ثم إلى حياه أخري أما جنة أو نار ، وكما قيل ( فإن المضطر يركب الصعب ) أنها للضرورة وللضرورة أحكام ، وأنه علم ركوب الصعب ، فهيا بنا نفقه ركوب الصعب ما هي أشكاله وصفاته وموانعه وإبعاده ودوافعه وشروطه وحدوده التي يجب ألا نتخطاها ضمن منظومة الضرورات التي تبيح المحظورات .. أن شاء الله بمقالي القادم لكم