ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها ، قد أفلح من ذكاها وقد خاب من دساها ؛ هذه النفس البشرية التي فيها : (تزعم انك جرم صغير ....وفيك انطوي العالم الأكبر) .. هذا البيت الشعري الذي قيل آنفا إنه من مأثورات الإمام علي ، رضي الله عنه وأرضاه .. ابن عم النبي وصهره ووالد الشرفاء الأطهار إلى يوم ألقيامه .. وعثرة النبي صلي الله عليه وسلم إلى يوم الدين ، ونسبه الطاهر وأخيه (ابوتراب) رضي الله عنه .
لقد استودع الله الإنسان الامانه فصار خليفة لله في الأرض وصاحب رسالة وفكره وإرادة ، وفيه قال الله افحسبتم إنما خلقناكم عبثا وإنكم ألينا لا ترجعون ..
أنك يابن ادم ظاهره فريدة فلا تنظر إلي مالك (زاد أم قل) ، ولا إلى منصبك (علا أم دنى ) ، ولا لحالك (عز أم ذل) ، ولا لمكانك ولا لزمانك ، أنت أهم من المكان , وأنت حدث الزمان الوحيد الذي لن يتكرر ، أنت أيها الإنسان ظاهره فريدة ، لا تلتفت إلي أنك من تراب ، أنت من تراب إشارة إلي الأرض انك من جنس هذه الأرض تذكرك بتواضعك وإنسانيتك وبوتقتك التي تنصهر فيها أنت منها ، فكن أيها الإنسان من أي شيء كنت ، كن من حجارة أو من حديد ، كن رجلا كوني أنثى كن خنثي .. ليست هذه هي الظاهرة الفريدة فيك ، المهم فيك انك إنسان ، أن الله بث فيك من روحه فأصبحت أنت الأمير ، وأنت السلطان ، وأنت الملك ، وأنت الخليفة ، أنت صاحب القرار ولو كنت بلا قرار.
يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ، الذي خلقك فسواك فعدلك ، في أي صورة ما شاء ركبك ( أي في أجمل صورة شاءها الله ) فأي مشيئة احمل من مشيئة الله.. وانظر إلى الشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها ، والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ، ونفس ما سواها فألهمها فجورها وتقواها ، قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ، انظر أيها الإنسان كيف أقسم الله بكل ما حولك ، وكل ما لك ، وكل ما بك ، والقصد فيك ، ليقول لك أن كل ذلك تحت قدميك ، أنت أعلى عند الله واعز .. أنت صاحب ألمكانه أنت محل الاختبار ، أنت اختيار الله ، أنت الجنة وأنت النار ، أنت تفوق الشياطين والملائكة ، والدرجة العالية الرفيعة تكون لواحد منك ، هو النبي الكريم صلي الله عليه وسلم ..هذه الشمس التي تكبرك و تكبر الأرض بمن فيها وما بداخلها ومن عليها ملايين المرات ، أنت أعلى منها والقمر ، وكل ما تدرك وما لا تدرك ( فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون ) أنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم آمين .
هذه النفس البشرية التي تستطيع أن تكون كل شيء ، تستطيع أن تفعل كل شيء ، تدمر كل شيء ، تشعل الكره الارضيه بما فيها ومن عليها تدمرها بزر بسيط لصاروخ ، يمكنك أن تقتل الملايين التي واحد منها فقط واحد فقط (لو قتل) بمقدار قتل الناس جميعا من ادم حتى آخر بنيه إلى يوم النفخ في الصور وأعظم ، حتى زعمت بعض النفوس بأنها اله يسجد له ويعبد ، وأنه يجب ألا يعبد سواه ، وأنه ينازع الكون في الخلق فهو خالق الكون ، وأنه وأنه وأنه الخ : بينما تواضع آخرون علي عظمتهم ، فأعظم الألحان إنسان ، وأعظم الأصوات إنسان ، وأعظم التضحية إنسان ، وأعظم البطولات إنسان ، وأعظم الحب إنسان ، وأعظم المال إنسان ، وأعظم الاختراعات إنسان ، وأعظم صداقه إنسان ، وأجمل الوجوه إنسان ، بل أجمل ما في الوجود إنسان ، أرأيت قصص العشق كلها ، أرأيت كيف طغت المرأة فتنتها فصارت معبودة ،، كل ما نراه من غزو الفضاء وخيال علمي يظل خيالا إلى أن يتحقق يوما ما بيد إنسان ، ترويض الأسود والوحوش مخاطبه الحيوانات الاعجميه ، ومثل ملك سليمان ، ومثل غناء داوود مع الكائنات والجبال الاوركسترالي ، ومثل صداقه إبراهيم لله فهو خليله ، ومثل كلام الله موسي ، ومثل إدريس المرفوع مكانا عليا ، ومثل عيسي أحيا الموتى ، ونحن نرقب يوما عن كثب ، نزوله مرة أخرى ، فمن في الكون مثل محمد ؟! ومكانته من الله ؟! أنت أيها المسلم من محمد ، نفحات ولفحات ، نور وبرهان ، دليل وبينه ، حجه واثبات
أنت أيها الإنسان صانع كل ما فيها وما عليها
ثم أنت بعد كل هذا تقول ( خلقتني الطبيعة! ) ولست إلا حيوان ناطق! ، أرأيتم الكلاب البشرية ؟ ذلك أنما (رددناه أسفل سافلين) ، كذبا وغرورا وتكبرا ، صار الإنسان قردا وخنزيرا ؛
بقدر الله تعلو وبقدر الله تذل..
لكن في النهاية يا إنسان لمن الملك اليوم ، يوم أن يقدر الله علينا جميعا ؛ لله الواحد القهار ، ليس غير الله يبقي من علا فالله أعلى وأبقى وهو القادر على كل شيء .