ناقش مركز تریندز للبحوث والاستشارات، بالتعاون مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس
الوزراء المصري سبل صون الثقافة العربیة والھویة الوطنیة في ظل عصر العولمة والثورة المعرفیة
المتسارعة، وذلك في ندوة حملت عنوان: "الثقافة والھویة في ظل العولمة والثورة المعرفیة"، نظمھا
"تریندز" و"معلومات الوزراء" في قاعة ضیف الشرق بمعرض القاھرة الدولي للكتاب.
وشارك في الندوة علماء ومفكرین
وخبراء من الإمارات ومصر والكویت،
وھم: الدكتور محمد عبدالله العلي،
الرئیس التنفیذي لمركز تریندز للبحوث
والاستشارات؛ والأستاذ أسامة
الجوھري، مساعد رئیس مجلس
الوزراء - رئیس مركز المعلومات
ودعم اتخاذ القرار؛ وسعادة الدكتور
علي بن تمیم، رئیس مركز أبوظبي للغة
العربیة؛ والدكتور ھشام عزمي الأمین
العام للمجلس الأعلى للثقافة؛ والدكتور
سلطان فیصل الرمیثي، الأمین العام
لمجلس حكماء المسلمین؛ وسعادة
المھندس جمعة مبارك الجنیبي، السفیر
السابق؛ والأستاذ حمد الكعبي، رئیس
تحریر صحیفة الاتحاد الإماراتیة؛ والدكتور محمد عفیفي، أستاذ التاریخ الحدیث والمعاص بكلیة الآداب
- جامعة القاھرة؛ وأدار أعمال الندوة الإعلامي الكویتي الأستاذ محمد الملا.
خدمة الثقافة والھویة
وقال الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئیس التنفیذي لمركز تریندز للبحوث والاستشارات، في كلمتھ
الترحیبیة، إن الندوة تأتي بالتعاون مع مركز یشاطر "تریندز" رسالة السعي الدؤوب إلى الإسھام في صنع مستقبل زاھر آمن ومستقر للبشریة، وھو مركزُ المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء
المصري، وذلك انطلاقاً من قناعتنا بضرورة أن تنھض مراكز الفكر والرأي والدراسات بدورھا المھم
في الإسھام الرائد برفد كل ما یسھم في خلق بیئة محفزة على الاستقرار والتنمیة والإبداع لمصلحة
الإنسان، وخدمة الثقافة والھویة، اللتین أصبح الوعي الصحیح بھما مدخلاً مھماً نحو استدامة التنمیة
وإرساء مُثل التسامح والتعایش بین
مختلف الثقافات.
وأكد أنھ في ظل ثورة المعلومات
الواسعة، والتقدم التكنولوجي
المتسارع، تتضاعف المسؤولیة على
مؤسسات الفكر والرأي، ویتعاظم
المطلوب منھا، لا بل إن ھذه
التغییرات والتحولات المتسارعة
تتطلب أن تكون مؤسسات الفكر
والرأي في المقدمة، وتُكسبھا أھمیة
خاصة، ولاسیَّما أنھا تشكل سنداً
نوعیاً لصناع القرار، بتزویدھم
بالمعرفة والمعلومات المفھومة والموثوقة والمفیدة حول المجتمعات التي یسعون إلى النھوضِ بھا.
وتابع العلي: "إذا كنا نتفق على غایة الانتفاع بإیجابیة العولمة والثورة المعرفیة، فإنھ ینبغي أن نتجاوز
فكرتنا الخاطئة في تصور أن لنا ھویة وثقافة ھشة، ویجبُ التعاطي مع كل الأمور التي تقودنا منفعتھا
العامة إلى المشاركة في الثورة المعرفیة بشكل وعي".
وأشار إلى أنھ علینا الاعتراف بأن ھناك علاقة مفترضة بین الھویّة والثقافة من جھة، والعولمة والثورة
المعرفیة من جھة أخرى، وتتخذ ھذه العلاقة طبیعة تبادلیة في مستواھا الافتراضي، إذ ینبغي أن تنتفع
الثقافة والھویة من إمكانات العولمة والثورة المعرفیة؛ ما یسمح بتبادل التأثیر والتأثر فیما بینھما، ومن
ثم، یمكننا القول إن ھذه العلاقة التبادلیة المفترضة لا یمكن استبدالھا بعلاقة أخرى، إذ لا یمكن الاستفادة
بمكاسب الثورة المعرفیة والعولمة ما لم تكن لدینا مساحة من الثقافة والھویة تقبل الاندماج والتأثر
النسبي.
وأوضح الدكتور محمد العلي أن الندوة تسھم في تعزیز الانفتاح والتواصلِ والنتاج المعرفي، وتشكل
إضافة نوعیة إلى الحراك الثقافي والنتاج المعرفي الذي اعتاد معرض القاھرة الدولي للكتاب الإسھام فیھ
كل عام، لیس في المشھد الثقافي المصري وحسب، وإنما في فضاء المعرفة العالمي.
وطن عربي حداثي
وقال الأستاذ أسامة الجوھري، مساعد رئیس مجلس الوزراء - رئیس مركز المعلومات ودعم اتخاذ
القرار، في كلمتھ الترحیبیة، إن أھم ما یمیز ندوة "الثقافة والھویة في ظل العولمة والثورة المعرفیة" ھو
التشارك البناء والمثمر بین مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، وأحد مراكز الفكر العربیة المتمیزة،
وھو مركز تریندز للبحوث والاستشارات، وبمشاركة فاعلة من نخبة تضم علماء أجلاء من مصر وأشقائنا العرب؛ الأمر الذي سیكون لھ عظیم الأثر في إثراء الحوار والنقاشات وصولاً إلى ما نصبو
إلیھ جمیعاً في الحفاظ على ھویتنا في عصر تموج فیھ المتغیرات.
وأضاف قائلا: "إن الھویة الثقافیة لأي
أمة تتمثل في خصائصھا وسماتھا
وثوابتھا المشتركة وقیمھا وعاداتھا
وسلوكیاتھا التي تمیزھا عن غیرھا من
الأمم، وتأتي الھویة الثقافیة لتعكس
الشخصیة الوطنیة ذات الأبعاد المختلفة
تاریخیاً وثقافیاً واجتماعیاً، والتي تمیز
ثقافة الأمة لدى الأمم الأخرى".
وتابع الجوھري: "في عصرنا الحالي
أصبح الحفاظ على الھویة أكثر صعوبة
وتعقیداً نتیجة لوجود العدید من العوامل
المھددة، والتي نذكر منھا: التكنولوجیا التي أضحت سلاحاً ذا حدین، بالإضافة إلى انفتاح شعوب العالم
بعضھا على بعض؛ مما جعل الغلبة للدول الأكثر نفوذاً خاصة المتقدمة منھا، والتي لدیھا القدرة على
تصدیر منتجاتھا الثقافیة المعبرة عن ھویتھا، وكذلك تأثیر الأنشطة السیاحیة والعلمیة والفعالیات الدولیة؛
فضلاً عن تزاید الھجرة عبر الحدود وما یترتب علیھا من نقل ھویات إلى الدول المستقبلة".
وقال إن كان لا مفر من العولمة ولا من واقعھا المعیش فلم لا تكون عولمة عربیة – عربیة؛ فكما
تجمعنا اللغة والقواسم المشتركة لابد من الاستفادة من التجارب الناضجة في دولنا وبین شعوبنا، ولیكن
تركیزنا على المجالات التي حققنا فیھا الریادة والسبق، ولیكن ذلك خطوة مھمة نحو ترسیخ الھویة
العربیة.
وأشار إلى أن العولمة شملت كل مجالات الحیاة، وھذا لیس بمستغرب، فنحن نعیش منذ سنتین عولمة
وبائیة، أحدثت من التداعیات والآثار ما جعل العالم أجمع یصب اھتمامھ الأول والأخیر على التفكیر في
كیفیة التعامل معھا، والاستشفاء من وقعھا، وكل ذلك یتطلب لتحقیقھ وجود شیئین لا غنى عنھما وھما:
الرغبة والإیمان الحقیقي بأھمیة التحول إلى وطن عربي حداثي بھویة عربیة تساعده في التحول إلى
عنصر فاعل ضمن سباق التطور العالمي، مستفیدا من تجارب الآخرین، مطوراً أدواتھ وكوادره لیكون
دائماً مستعداً للمستقبل بكل تحدیاتھ.
مفھوم الھویة عربیاً
بینما ألقى الكلمة الرئیسیة للندوة سعادة الدكتور علي بن تمیم رئیس مركز أبوظبي للغة العربیة، موضحاً
أن ھذه الندوة مھمة وأساسیة خصوصاً أنھا تقام في رحاب معرض القاھرة الدولي للكتاب، ومع ھذه
النخبة من المفكرین والباحثین والأكادیمیین المنشغلین بفكرة صون الھویة والثقافة في ظل العولمة
المعرفیة.
وذكر أن الثقافة والھویة مفتاح الإنسان ومحور النماء والبناء، فمثلما تؤدي المفاھیم في الھویة والثقافة
والثورة المعرفیة وظیفة بعینھا فإن مقابض الأبواب تؤدي وظیفة بعینھا، ولعل المقاربة بین المفاھیم تشبھ مقابض الأبواب، فمن استخدم مقابض الأبواب سیدخل إلى ما وراء الباب حتماً، وھو ما تفعلھ
مصر في معرض الكتاب بدخولھا عالم المعرفة الرحبة.
وأضاف بن تمیم: "ندوتنا تتمحور حول ثلاثة مكونات أصیلة ھي المعرفة والثقافة والھویة، وھذه
المفاھیم تفسر مواقف البشر وطبیعتھم في التعامل معھا، فمفھوم الھویة جدید وطارئ على الثقافة
العربیة، ولم یرد في القرآن ولم یرد على لسان العرب، ولكنھ حدیثاً أصبح مفھوما راسخا في معظم دول
العالم.
وأوضح أن مفاھیم الھویة تقوم على
مجموعة مرتكزات ترتبط بین
الإنسان والمجتمع، وكما یعتقد
الباحثون أنھا تعتمد على خرافات
ومفاھیم قدیمة، وحینما نتأمل
الوضع الراھن، نجد أن ھناك من
أخذتھ الھویة إلى الھاویة حتى
أصبح منفصلاً عن العصر
الحدیث، وصارت الھویة لھم ھوى
فتنكروا لھا وتركوھا.
وتابع رئیس مركز أبوظبي للغة
العربیة: "إذا كانت فكرة الھویة
ملتبسة في مفھومھا العام، فأفضل تعریف لھا ھو التوقف عند مواطن النجاح، ونستحضر ھنا المغفور لھ
بإذن الله الشیخ زاید بن سلطان آل نھیان، طیب الله ثراه، الذي عبر في كثیر من أحادیثھ وأقوالھ عن
الخصوصیة، وقال: "لا أرید نقل البدو إلى الحضارة، ولكني أرید نقل الحضارة إلى البدو"، حیث أسس
دولة منفتحة على الآخر، ومستندة على فكرة الأصالة والارتباط الوثیق بالثقافة العربیة، إلى جانب
الاھتمام الشدید بالإرث الإنساني والإسلامي".
سلبیة العولمة
وبدوره، قال الإعلامي الكویتي الأستاذ محمد الملا، الذي أدار النقاش في الندوة، إن الندوة تناقش
موضوعا مھما وحیویا في ظل مصر المحروسة قلب العرب والعروبة، فھي كانت وستظل حائط الصد
الأول دائماً لحمایة الھویة العربیة.
وأوضح أن مفھوم العولمة كان یقوم على التقریب بین الشعوب، إلا أنھ أدى إلى العدید من الانقسامات
والفرقة والتفرقة والنزاعات بین الشعوب، ولكننا علینا الاستفادة من عواملھا الإیجابیة، دون التفریط في
ھویتنا الوطنیة وخصوصیتنا الثقافیة، مضیفاً أن ھذه الندوة بحضورھا والكوكبة المشاركة في أعمالھا
تستند إلى فكر ورؤیة وأھداف مؤسستین عریقتین ھما مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس
الوزراء المصري، ومركز تریندز للبحوث والاستشارات، حیث تتشارك ھاتین المؤسسین في أھداف
سامیة تسھم في دعم صناع القرار بنتاج بحثي وعلمي دقیق ورصین.وأشار محمد الملا إلى أن الندوة تناقش محاور عدة، ستحلل كافة القضایا المتصلة بمفاھیم العولمة
والثقافة والھویة، وھي: "الھویة وتحدیات الثورة الرقمیة، والثورة المعرفیة: حدود التأثیر على الثقافة
والھویة الوطنیة، والمواطنة العالمیة وقضیة
الھویة الوطنیة، ودور الثقافة والإعلام في
تعزیز الھویة الوطنیة: كیفیة التفعیل".
ونوه بأن الندوة بمختلف محاورھا تتعرض
إلى قضیة الھویة الوطنیة وتكاملھا وتمایزھا
مع المواطنة العالمیة التي تجمع المشاركة
والتشارك العالمي دون تقزیم أو إقصاء، إلا
أن الثقافة والھویة العربیة تحتاج إلى تعزیز
تشاركھا وتفاعلھا مع الثقافات والھویات
الأخرى مع الحفاظ على قواعدھا وقیمھا
الأصیلة والراسخة".
الھویة والثورة الرقمیة
من جانبھ، تطرق الدكتور ھشام عزمي الأمین العام للمجلس الأعلى للثقافة بمصر، إلى مفھوم الھویة في
ظل تحدیات الثورة الرقمیة، موضحاً أن تحدیات الھویة قدیمة، والموضوع في أصلھ قدیم متجدد، كما
أن المخاوف من الثورة المعرفیة موجودة منذ قدیم الأزل، ونحن نعیش في عصر رقمي وكل ما یحیط
بنا یؤكد أننا نتأثر بتداعیات التكنولوجیا، فكل شيء
من حولنا أصبح ذكیا حتى أصبح المجتمع
والمواطن عنصرین رقمیین.
وقال إن المواطن الرقمي ھو من یتعاطى مع تطبیقات
متتالیة، تطورت وتحولت إلى ما وصلنا إلیھ الآن، التكنولوجیا یومیًا، فالثورة الرقمیة جاءت على دفعات
وكان الأمر في البدایة عبارة عن موجات رقمیة
قائم، وكلما تمت ابتكارات إصلاحیة، تطورت متلاحقة ولكنھا كانت منطقیة ومعتمدة على ما ھو
ووصلت إلى نھایات جدیدة، غیر أن منصات
وھو أن الإنسان أصبح مشاركًا ومنتجًا للمعلومات. التواصل الاجتماعي أتت بشيء جدید وغیر مسبوق،
وأكد أن الھویة الثقافیة ھي نتاج تعامل الفرد بما
یدور حولھ في المجتمع من قیم وعادات وغیرھا،
ونحن الآن أمام ھویة رقمیة، في عصر تُنتج فیھ البیانات والمعلومات بصورة یومیة، بل لحظیة، كما أن
العالم الافتراضي وافد جدید سیحمل معطیات مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وسیكون للبشر
أقران افتراضیین یعیشون في العالم الافتراضي (آفاتار)، ولكن ھناك قیم إیجابیة قد نستفید بھا مستقبلاً
من العالم الافتراضي.الثورة المعرفیة
من جانبھ تحدث الدكتور سلطان فیصل الرمیثي، الأمین العام لمجلس حكماء المسلمین، عن الثورة
المعرفیة وحدود التأثیر على الثقافة والھویة الوطنیة، موضحاً أن مفھوم العولمة أصبح یحمل أكثر من
تفسیر وقراءة، ونحن مطالبون بالوقوف على مخاطر العولمة، ولفھم العولمة جیداً یجب أن نعود إلى
عام 1999 ،ففي ھذا العام خرجت حركة مناھضة للعولمة، حتى أصبحت العولمة الیوم تتمثل في
حركة اقتصادیة تھدف إلى إزالة الحدود بین الدول.
وذكر أن العولمة خلقت نمط من القبول المجتمعي والتفكیر المنطقي، كما خلقت قیم وأخلاق عالمیة،
تسھل قبول المنتج التجاري لتصبح العولمة منتج ثقافي، مشدداً أنھ یجب علینا عدم أخذ موقف سلبي من
أي ظاھرة عالمیة، حیث تستھدف العولمة حدیثاً إذابة الھویات القومیة، ویراھا البعض صورة جدیدة من
صور الاستعمار.
وأشار الرمیثي إلى أن العولمة تقودنا إلى الحدیث عن نھج إماراتي متأصل وھو نشر فكر التسامح
والسلام والتعایش، فأھمیة التسامح والتعایش تتمثل في أربعة عوامل مھمة وجوھریة ھي: "قبول
الخصوصیات، والحفاظ على التنوع الثقافي واستثماره، وإفشاء ثقافة العمل المشترك، والحوار ما بین
ونوه بأنھ على مر التاریخ تغیرت الأدیان والمجتمعات، ولكن العولمة أثرت على كل مناحي الحیاة
ومعتقداتھا الراسخة حتى ھویة الغذاء تغیرت، ولكن المحدد في تأثیر العولمة ھو تغلیب المصلحة
الوطنیة للتعامل والانخراط في مفاھیم العولمة.
المواطنة العالمیة
وفي سیاق متصل، أكد سعادة المھندس جمعة مبارك الجنیبي السفیر السابق، أن المواطنة العالمیة ترتكز
على ثلاث محاور ھي: اعتبار كوكب الأرض وطن للجمیع، واعتبار كافة البشر أسرة واحدة، واحترام
الخصوصیات الثقافیة لمختلف الشعوب والمجتمعات، مبیناً أن وثیقة أھداف التنمیة المستدامة التي
وضعتھا الأمم المتحدة تعبر عن ثقافة التفكیر وتحمل المسؤولیة تجاه الأوطان، ولكن التحدیات المشتركة
وذكر أن مبادئ المواطنة العالمیة تتمثل في ستة محاور ھي: "السلام العالمي، وحقوق الإنسان، تتطلب تضافر جھود المجتمع الدولي كاملاً.
والدیموقراطیة، والثقافات المتعددة، والاحترام المتبادل، والتفاعل بین الإنسان والبیئة، والتطور العلمي
والتكنولوجي، مضیفًا أنھ لا یوجد تعارض بین المواطنة العالمیة والھویة الوطنیة، فالمواطنة العالمیة تھدف إلى
احترام الاختلاف والتنوع وتقبل الآخر من أجل عالم أكثر سلامًا وتسامحًا.
وأشار الجنیبي إلى أن المواطنة الإیجابیة تسھم في تحقیق ما تسعى إلیھ المواطنة العالمیة، لأن المجتمع
الدولي عبارة عن أطراف متشاركة تسعى مجتمعة إلى التوظیف الإیجابي للمفاھیم والقیم العالمیة،
مستشھداً بدولة الإمارات نموذجا فریدا من نماذج الدول التي تؤمن بالمواطنة الصالحة، حیث تتكامل
وتتفاعل في خططھا ومبادراتھا مع مبادئ المواطنة العالمیة.
وأكد أن دولة الإمارات تطلق مبادرات مبدعة تسھم في تعزیز الھویة الوطنیة، كما أن المواطنة الإیجابیة
مترسخة في المجتمع الإماراتي، ومن بین ھذه المبادرات المھمة "إعلان وثیقة الأخوة الإنسانیة"،مضیفاً: "نحن في أمس الحاجة لثقافة متسامحة تؤمن بالتعایش والتسامح والعمل على مواجھة التحدیات
المشتركة للنھوض بالمواطنة العالمیة من خلال
الانفتاح على الآخر والاندماج في المجتمع العالمي،
دون إفراط أو تفریط في القیم والمبادئ
والخصوصیات المحلیة".
الھویة والتعددیة الثقافیة
من جھتھ، أوضح الدكتور محمد عفیفي أستاذ التاریخ
الحدیث والمعاصر بكلیة الآداب - جامعة القاھرة، أن
الھویة ھي عامل متغیر ومتجدد ومتحور، وھذا أمر
إیجابي، فھي لیست شيء ثابت على مر التاریخ،
مبیناً أن الحربین العالمیتین الأولى والثانیة بین ألمانیا
وفرنسا كانتا ساحة للتحارب والاقتتال والتناحر بین
الھویة والثقافة، ولكن بعد انتھاء الحرب حدثت
تغیرات في الھویة السیاسیة، وأطلقت ألمانیا وفرنسا مبادرة الاتحاد الأوروبي بھدف صون مستقبل
الدول الأوروبیة، وحتى الآن تسعى ألمانیا وفرنسا إلى الحفاظ على مكتسبات الاتحاد الأوروبي.
وتطرق الدكتور إلى التحولات التاریخیة الكثیرة التي عرفتھا الھویة المصریة في ظل انتشار فكرة الھجرة
والسفر، شأنھا في ھذا شأن التحولات الكبیرة التي عرفتھا أیضا الھویة العربیة على غرار ما یحدث من
حیث یحاول الشباب إنشاء ھویة جدیدة بعیدًا عن الطائفیة القدیمة. تحولات في لبنان حیث یسعى شبابھا إلى تجاوز الطائفیة والالتفاف حول الوطن، وما یحدث في العراق
وذكر عفیفي أن الھویة الغذائیة ھي ھویة أصیلة غیر قابلة للتغییر، مقارنة بإمكانیة تغییر الھویة الدینیة
والسیاسیة والاقتصادیة وحتى الاجتماعیة، مستشھداً بالیابان التي غیرت دستور البلاد، ولكن حتى الآن
ما زال الشعب الیاباني محتفظا بالعیدان الخاصة بالأكل والأرز على مائدة الطعام، فھي تمثل عوامل
أساسیة عصیة على التغیر مع مرور الزمن.
وأكد أنھ غیر متخوف على الھویة العربیة، لأننا في مرحلة تغیرات كبرى ستستفید منھا مختلف
المجتمعات العربیة ولن تتضرر ثوابتھا ولا ھوایاتھا ولا حتى معتقداتھا الأصیلة المتجذرة.
الإعلام والھویة الوطنیة
أما الأستاذ حمد الكعبي رئیس تحریر صحیفة الاتحاد الإماراتیة فتحدث عن دور الثقافة والإعلام في
وأكد أنھ من الخطوات العملیة المتخذة لتعزیز الھویة الوطنیة في مجال الإعلام الإماراتي، ھي
تخصیص عام 2018 عاماً لزاید، والتركیز على شخصیة المغفور لھ بإذن الله الشیخ زاید بن سلطان آل
نھیان، طیب الله ثراه، والقادة المؤسسین باعتبارھم جزءاً رئیسیاً من ھویة الفرد الإماراتي، إضافة إلى الكثیر من المبادرات ومنھا: (عام الخیر، ومسبار الأمل، وإكسبو 2020 (فكل ھذه المبادرات مثال على