أكد أكاديميون وخبراء أن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، بتصنيف ميليشيا الحوثي جماعة إرهابية، وإدراجهم تحت الحظر المفروض على توريد الأسلحة، يعد نجاحاً كبيراً لجهود الدبلوماسية الإماراتية، إضافة إلى أنه إدانة لهجمات الحوثي الإرهابية ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية في السعودية والإمارات.
وبينوا في ندوة نظمها "مركز تريندز للبحوث والاستشارات" بالشراكة مع "أكاديمية ربدان" و"جمعية الصحفيين" الإماراتية عبر "مساحات توتير" (توتير سبيس) بعنوان "التهديد الحوثي للأمن الإقليمي" أن الاعتداءات الحوثية ما كانت لها أن تستمر لولا الدعم الإيراني، ودعم ميليشيا حزب الله، وهو ما يشكل تهديداً خطيراً لحرية الملاحة الدولية والتجارة العالمي التي تمر عبر باب المندب، مشيرين إلى أن الوضع العسكري في اليمن يمكن وصفه بحالة الجمود. وأجمعوا على ضرورة اتخاذ إجراءات ومواقف دولية أكثر حزماً لحماية الأمن الإقليمي من خطر جماعة الحوثي الإرهابي.
شارك في الندوة كل من، الأستاذ محمد الحمادي، رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين الإماراتية، والدكتور مروان البلوشي، الباحث في السياسة والعلاقات الدولية، وثلاثة من أساتذة برنامج الأمن الداخلي في "جامعة ربدان" في أبوظبي، وهم الدكتور جون هاريسون، والدكتور سبيريدون بلاكوداس، والدكتور جون هاتزادون، والباحث في "تريندز" ليوناردو مازوكو، وأدارها الدكتور كريستيان ألكسندر، رئيس قسم الدراسات الاستراتيجية في "تريندز" والذي أشار إلى أبرز محاورها وهي الوضع الاستراتيجي والعسكري والدعم الإيراني والتهديد البحري والموقف الدولي ودور الإعلام، فيما قدمتها أمل البريكي، نائبة رئيس القسم.
الوضع الاستراتيجي
واستُهلت الندوة بمداخلة للدكتور جون هاريسون تركزت حول "الوضع الاستراتيجي"، أوضح فيها أن ميليشيا الحوثي ومن خلفها إيران تحاول إظهار امتلاكها للأدوات التي تهدد مصالح دول المنطقة، وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، لفترة طويلة، وقال إن ممارسات الميليشيات الحوثية وتهديداتها تظهر جلياً الفرق بين من يريد أن يبني من أجل حضارة إنسانية ومجتمع مدني، ومن يريد العبث بمستقبل الشعوب، وأن يكون قوة بالوكالة لجهات إقليمية ضد المصالح الوطنية.
الوضع العسكري في اليمن
أما عن الوضع العسكري في اليمن فوصف الدكتور سبيريدون بلاكوداس، الوضع الحالي بأنه حالة من الجمود الضار للطرفين، كما أن اليمن لا يزال بلداً منقسماً بعمق، معرباً عن خشيته، على الأقل في المستقبل القريب، من إمكانية ألا يعود اليمن مرة أخرى كدولة، وبيّن أن الإدارة الامريكية لم تفِ حتى الآن بوعودها الأولية للانخراط بشكل أعمق في ملف اليمن. وقال إن الحوثيين لا يزالون يحتلون العاصمة اليمينة صنعاء، والمحافظات الشمالية لليمن، التي يقطنها ما يقرب من 60 إلى 65٪ من السكان، مشيراً إلى أنه بعد أشهر من الحصار المشدد لمأرب، تمكّنت كتائب العمالقة من رفع الحصار الحوثي.
تهريب الأسلحة والإمدادات الإيرانية إلى اليمن
من جانبه تطرق الدكتور جون هاتزادوني إلى موضوع تهريب الأسلحة والإمدادات الإيرانية لليمن، وقال إن الانتشار المستمر والسريع للأسلحة التقليدية أوجد مشكلة كبيرة، وأدى إلى استمرار الحرب وبقاء التوتر في المنطقة بشكل عام، مبيناً أن الميليشيات الحوثية ما كانت لها أن تقوم بذلك لولا الدعم المتواصل من إيران والحرس الثوري وفيلق القدس وحزب الله اللبناني، موضحاً أن الصواريخ الباليستية التي يملكها الحوثيون تتجاوز قدراتهم، موضحاً أنه إضافة إلى الدعم الإيراني فإن جزءاً كبيراً من القوة العسكرية للحوثيين يأتي من الترسانة المنتجة محلياً الآتية من المخزونات الوطنية العسكرية اليمنية السابقة، والمشتريات من الميليشيات القبلية في السوق السوداء.
التهديد الحوثي للأمن البحري
بدوره، وحول التهديد الحوثي للأمن البحري أشار ليوناردو مازوكو إلى أهمية الجغرافيا عند التعامل مع السياسة والصراعات حيث تشكل متغيراً وثيق الصلة في تلك السياقات الفريدة من نوعها، مشيراً إلى أن خير مثال على ذلك المساحة البحرية الممتدة من قناة السويس إلى خليج عدن.
وتطرق إلى أهمية مضيق باب المندب مشيراً إلى أنه ينتقل عبره سنوياً نحو 16% من إجمالي حركة الشحن العالمية، وتتضمن أكثر من 20000 سفينة، وما يقرب من ملياري برميل من النفط على أساس سنوي، ما يؤكد أهمية المياه اليمنية لحركة الملاحة وأمن التجارة العالمية.
وأكد مازوكو أن جماعة الحوثي الإرهابية عملت على تنويع نطاق أعمالها وسيطرتها من خلال الحصول على منفذ مباشر إلى البحر في الساحل الغربي لليمن. ووجدوه في ميناء مدينة الحديدة، مبيناً أن الحوثيين استخدموه في هجماتهم على السفن التجارية المبحرة عبر البحر الأحمر ومنشآت الموانئ، خاصة في المملكة العربية السعودية.
وشدد على أهمية منع الحوثيين من ذلك، وأهمية تعاون جميع الفرقاء لإبقاء الميناء مفتوحاً لمنع حدوث اضطرابات كبيرة في حرية الملاحة واستمرار تدفق التجارة البحرية، موضحاً أنه رغم العدوان الحوثي فإن حرية الملاحة عبر مضيق باب المندب لم تتوقف أبداً بسبب هجمات الحوثيين ولم تتضرر التجارة البحرية بشكل لا يمكن إصلاحه.
"الموقف الدولي من انتهاكات الحوثيين"
إلى ذلك، تطرق الدكتور مروان البلوشي إلى "الموقف الدولي من انتهاكات الحوثيين"، مؤكداً أن تصويت مجلس الأمن على قرار يصنف ميليشيات الحوثي كجماعة إرهابية، وإدراجهم تحت الحظر المفروض على توريد الأسلحة، يعد نجاحاً كبيراً لجهود الدبلوماسية الإماراتية، إضافة إلى إدانة هجمات الحوثي الإرهابية ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية في السعودية والإمارات.
وذكر البلوشي أن الراعي الأساسي لتزويد هذه الميليشيات الإرهابية بالأسلحة هي إيران، مشدداً على ضرورة اتخاذ إجراءات ومواقف دولية أكثر حزماً لحماية الأمن الإقليمي من خطر هذه الجماعات، في الوقت الذي رأى فيه العالم التهديد الصريح للأمن القومي الإماراتي الذي تمثل في هجمات الطائرات المسيرة، ما يحتم اتخاذ قرارات أكثر صرامة وحزم مع الحوثي ومموليه. وأشار إلى أن الدعم الإيراني في تهريب الأسلحة للحوثي بدأ عام 2015، ولكن حدثت زيادة وطفرة كبيرة في كم الأسلحة ونوعها في الفترة الماضية لتشمل أسلحة حديثة ومتطورة عابرة للحدود، ما زاد من نوعية الهجمات الحوثية على دول الجوار.
"دور الإعلام في فضح انتهاكات الحوثيين"
من جانبه، تحدث محمد الحمادي، عن "دور الإعلام في فضح انتهاكات الحوثيين"، موضحاً أن الميليشيات الحوثية قتلت صحافية يمنية برفقة زوجها حينما كانا متجهين إلى المستشفى لكي تضع مولودها، وكان ذلك عبر تفخيخ سيارتها بعبوات ناسفة، والوضع لم يتوقف عند هذه الصحافية فقط بل هناك الكثير من الانتهاكات في حق الصحفيين باليمن.
وأضاف: "عندما نتحدث عن دور الإعلام في كشف انتهاك الحوثيين، فهذه هي الصورة القاتمة للوضع الإعلامي والصحافي في اليمن، كما من المهم أن نتذكر ما يعانيه الإعلام داخل اليمن لكي ندرك حجم الانتهاكات والأزمة التي تواجه الصحفيين هناك".
وأكد الحمادي أن هناك عشرات الصحفيين اليمنيين الشجعان دفعوا أرواحهم ثمناً لفضح انتهاكات الميليشيات الحوثية ونقل الحقيقة الواقعة على الأرض، ما يحتم على المجتمع الدولي دعم الإعلاميين داخل اليمن، إضافة إلى ضرورة إلزام ميليشيات الحوثي باحترام قرارات مجلس الأمن التي طالبت مراراً وتكراراً بحماية الصحفيين، ومن دون تحقيق هذا الدعم الدولي للصحفيين في اليمن، فإن الميليشيات الحوثية ستواصل انتهاكاتها ضد الصحفيين ووسائل الإعلام.
يُذكر أن هذه هي الندوة الثانية التي يعقدها "مركز تريندز" عبر منصة برنامج "مساحات تويتر" التي تؤكد حرص المركز على الوصول إلى جمهوره عبر التطورات التكنولوجية الحديثة كافة واستثمارها والاستفادة منها في خدمة برامجه وأهدافه البحثية والمعرفية.