جميعنا يعلم أن العلاقات أو ما يسمى بالحياة الإجتماعية هي ضرورة وأساس في حياة كل فرد منا , وذلك لأنه مها بلغت محبة الفرد للبقاء بمفرده, لن يغنيه ذلك أبدا عن لحظات كثيره يحتاج بها للمشاركة في علاقات تضيف لحياته سعادة ومرحآ ومتعة .
ولكن من منا يعي الجانب النفسي في العلاقات؟ من منا يعي سبب تواجد علاقات معينة في حياة شخص ما دون غيره؟ من منا يبحث عن الحقيقة المخبأة خلف هذه العلاقة بالذات,التي جاءت لنا لتكشف لناا المستور من أنفسنا.
في هذا المقال سأذكركم بعض النقاط المهمة في ذلك, فأنا أيقن أن كل حقيقة لها مكان ما بداخلكم, والكلمات تأتي هنا كمذكٌر لكم ليس أكثر.
في رحلة الحياة هنالك الكثير من القوانين التي وضعها رب العالمين لتحكم هذه الرحلة, ومن أحد أهم قوانين الحياة هو قانون السبب والنتيجة: ينص هذا القانون أن كل شيء يحصل كنتيجة لسبب ما أخذ به سابقا , فلا يوجد شيء ما يحدث عبثا, وبما أنك جزء في هذه الرحله فكل مايحصل معك خاضع لهذا القانون بطريقة ما أوبأخرى , لذلك كل ما يحصل لك هو نتيجة لسبب ما أخذت به سابقا وقد يكون هذا السبب هو فعل قمت به تجاه نفسك اوتجاه غيرك,أو فكرة تتبناها, أومعتقد تؤمن به, وبذلك كان استحقاقك هذه النتيجة أيآ ما كانت,وبما أننا نتحدث هنا عن العلاقات ,فأنت بالتأكيد أخذت بأسباب معينة جعلت من هذه العلاقة إستحقاق لك.
نعم العلاقات هي استحقاقات لك على أفعالك وأفكارك ومعتقداتك , بل وهي إنعكاس واضح وصريح لك عن المستور بداخلك في علاقتك بنفسك أو بغيرك ,والذي قد لا تستطيع رؤيته إلا من خلال هذه العلاقة, والدليل على ذلك واضح وصريح في القران الكريم في الاية رقم 7 و 8 من سورة الزلزلة : }فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ) 7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ8)) {.
فكل ما تفعل من خير أوشرعائد إليك, ولن يتغير واقعك إلا عندما تغير ما في نفسك ,وتقر وتعترف أنك السبب بكل ما يحصل لك , وكماقال الله تعالى في كتابه الكريم : }إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ{ الرعد الاية رقم 11
والان إذا أردنا أن نفصٌل العلاقات , نجدها رغم إختلافها تنفصل إلى نوعين فقط : العلاقة الصحية, والعلاقة السٌامة أو المؤذية .
فالعلاقة الصحية هي العلاقة التي تضيف لحياتك قيمة ( سعادة,حب,تقبل,ود,رحمة,سلام ) وهذه القيم أنت بالأصل متبنيها وتعيش وفقا لها, فتأتي هذه العلاقة لتضيف لك فائضا من جودة ما تتبنى,فتساعدك أكثر على التحسن والتقدم, ولك أن تعتبرها هدايا من رب العالمين لك لأنك سعيت وأخذت بالأسباب التي تستحق بها هذه العلاقة.
بينما العلاقة السامة أو المؤذية:هي علاقة تمتص من طاقتك وسعادتك وراحتك, وتشعر معها بالإستياء أو الغضب أوالبؤس , وكما قلنا سابقا ان السبب الاول والأخير لتواجدها هو انت فقط , وذلك بأن تكون قد قمت أوتقوم حاليا بأفعال مشابهة لهذه العلاقة مع أشخاص آخرين أوحتي في تعاملك مع نفسك, أو قد تكون متبنٍ لأفكار أومعتقدات معينه تحمل فيها أحكاما خاطئة على نفسك أوعلى غيرك، فجاءت هذه العلاقة لتساعدك على معرفته والتعديل عليه .
ولكن لكي نكون على نور,عليٌ أن أخبرك أن علاقتك مع نفسك هي من اكثر العلاقات التي تنعكس على محيطك بشكل كبير, وتأتي الكثير من العلاقات كاستحقاق لك على تقصير ما فيك بحق نفسك ,فتأتي لتعلمك كيف تحب نفسك وتقدرها وتثق بها وتحترمها وتعطيها ما تستحق .
والان كيف لنا أن نتعامل مع العلاقات بنوعيها ؟ وكيف لنا أن نستثمر العلاقات في تزكية أنفسنا والسعي نحو الأفضل منها ؟
في العلاقات الجميلة التي تشعر معها بالسعادة , وتضيف لحياتك من القيم التي تتبناها ,إحمد ربك عليها وامتن لوجودها حتى تزداد, وركز دائمآ على تذكرها وتنميتها لأن الشيء الذي تركز عليه يزداد ويكثر( قانون التركيز), واشكر لله بأفعال عليها بأن تقوم مثلا بأفعال حسنة لهذا الشخص شكرا وامتنانا لله عز وجل على تواجده .
أما العلاقة السلبية أو السامة هنا عليك أن تعترف أنك السبب في تواجدها , والدليل على ذلك آية قرانية واضحة وصريحة يقول الله عز وجل بها في سورة النساء الاية رقم 79 } مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ۚ {., فالعلاقة التي تؤذيك هي من الامور السيئة التي تصيبك بسبب ظلمك لنفسك , لذلك الحل أن تعود لله فورا وتعترف أنك السبب وتستغفر الله عن ذنوبك، وتقوم بأعمال صالحة تكفيرا عن سيئاتك, فالذنب بينك وبين الله ويغفر باستغفار,بينما السيئات تحتاج إلى تكفير ولا تكفر عنك إلا بالأعمال الحسنة كما قال الله تعالى } إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ { في سورة هود الاية رقم 114.
فعندما تعي ذلك وتبدأ بالإصلاح على قدر إستطاعتك , بداية بعلاقتك بنفسك فتبحث عن نقاط ضعفك وتستعين بالله لتقويتها , وتستمد قيمتك الحقيقية من خالقك وتعلم أنك بالأصل مكرٌم، وأن الله خلقك لتكون خير خليفة هنا عالأرض فتظهر أفضل ما عندك له فقط , وأن بداخلك من القوة والحكمه والابداع الذي يمكنك على تحقيق كل ما تريد, وكيف لا وقد سخر الله لك ما في السماوات وما في الأرض خصيصا لأجلك .
ومن ثم تصلح علاقتك بالآخرين , فتسامح وتعفو تحسن لوالديك وأقاربك وأبناؤك ,ثم تساعدالآخرين الذين هم بحاجة للمساعدة , وتحب الخير لأخيك كما تحبه ل نفسك , وتنشر الحب والبسمة والبهجة والتفاؤل ,وتبعتد عن الغيبة والنميمة والهمز واللمز والأحكام السلبية على غيرك , وتتخذ من اسلوب الحياة هذا نمطا تعيش به , ثم بعد ذلك سترى بالتأكيد نتائج ذلك الإحسان بدأ ينعكس على حياتك وعلاقاتك، وكيف لا وقد ذكره الله صراحة بكتابه الكريم عندما قال } هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ { سورة الرحمن الاية رقم 60 .
وفي النهاية عليك أن تيقن أن الله جعل القرار دائما لك , وجعلك دوما قادر علي التغيير والتحسين نحو الأفضل , وذلك يبدأ فقط عندما تترفع عن العيش في دور الضحية وتعترف أنك السبب الأول والأخير بكل ما يحصل لك وتبدا بتغيير ما في نفسك فقط لكي يتغير واقعك .
الله يرسل لنا الأشخاص والظروف والمواقف السلبية كرسائل تنبهنا لخطأ ما لدينا ,لكي نعود إليه ,نستغفره, ونطلب منه الصلاح والهداية ونصلح ما أسأنا فعله سابقا .
ولكن عندما تصرٌ على لوم الظروف أو أي شيء أخر غيرك ,هكذا ترسل رسالة للكون بأنك ضعيف ومظلوم وليس بيدك حيلة والحقيقة غير ذلك إطلاقا , فأنت بداخلك قوة غير محدودة وذكاء خارق ومواهب عدة وبصمة فريدة ميزت بها عن غيرك ,الحقيقة أن روحك خالدة وهي نفخة من روح الله القوي الخالق الذي علمك من اسمائه ونفخ فيك من صفاته لتعيش حياتك بيسر ونعيم وسعادة , القرار دائما بيدك والحياة يوجد بها الضدين وأنت فقط من يختار النعيم أو الجحيم, تذكر ذلك دوما ، وتذكر أنك تستحق السعادة ..