رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

ندوة عن بُعد لـ "مركز تريندز" بالشراكة مع "حرف آند فاصلة ميديا" بعنوان: "تداعيات الصراع الروسي – الأوكراني على حركات التطرف والإرهاب"

ندوة عن بُعد لـ مركز تريندز بالشراكة مع حرف آند فاصلة ميديا بعنوان: تداعيات الصراع الروسي – الأوكراني على حركات التطرف والإرهاب
جوهرة العرب 
 

محللون وإعلاميون: 

·      الصراع الروسي-الأوكراني يُشكل بيئة خصبة لانتشار ونمو حركات التطرف والإرهاب.

·       دعوات جدية من طرفي الصراع لجذب أطراف خارجية للانضمام إلى القتال.

·       إطالة أمد الحرب يعزّز من خطورة اليمين المتطرف وانتشاره في أوروبا.

·      الشرق الأوسط ركيزة أساسية في المواجهة بين روسيا والغرب.

·      أزمة الغذاء الناجمة عن الصراع تؤثر على استقرار دول الشرق الأوسط وتحرّك جماعات التطرف.

·       على الحكومات العربية اتخاذ إجراءات احترازية لتجنب تكرار تداعيات أفغانستان. 

أكد محللون وإعلاميون وباحثون أن الصراع الروسي-الأوكراني يُشكل بيئة خصبة لانتشار حركات التطرف والإرهاب ونموها، مرجحين تحول المنطقة الحدودية بين روسيا وأوكرانيا – في ظل الصراع الحالي – إلى بؤرة تطرف جديدة تهدد استقرار العالم أجمع في حال استمرار هذا النزاع المسلح؛ محذرين أيضاً من أن يفتح الصراع القائم المجال لجماعات اليمين المتطرف للانتشار أكثر في دول أوروبا.

وبين المشاركون في الندوة أن الصراع الروسي-الأوكراني سيكون له تأثير عميق على الأوضاع السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والأمنية إقليمياً وعالمياً. كما أن التعقيدات الجديدة للجغرافيا السياسية المتعلقة بالنزاع تلعب أدواراً مهمة في تشكيل أطر جديدة للتنافس الاستراتيجي والمصالح الحيوية للأطراف المختلفة، مشيرين إلى أن هذا الصراع يهدد الأمن الغذائي العالمي في ظل تراجع واردات الحبوب من روسيا وأوكرانيا.

بؤرة تطرف جديدة

جاء كل هذا خلال الندوة عن بُعد التي نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالشراكة مع "حرف آند فاصلة ميديا" تحت عنوان: "تداعيات الصراع الروسي-الأوكراني على حركات التطرف والإرهاب". وقد أدار النقاش فيها كايل أورتون، المحرر في منصة "عين أوروبية على التطرف"؛  فيما استهلَّتها علياء الجنيبي الباحثة ورئيسة قسم الاتصال الاستراتيجي في "تريندز"، موضحة، في الكلمة الترحيبية، أن الندوة تستشرف مستقبل الصراع الروسي-الأوكراني، والوقوف على تحول المنطقة الحدودية بين روسيا وأوكرانيا، في ظل الصراع الحالي، إلى بؤرة تطرف جديدة تهدد استقرار المنطقة والعالم في ظل دعوات الأطراف المتنازعة لاستقدام مؤيديها، بما في ذلك العناصر المتطرفة، ما يدق ناقوس خطر كبير لاحتمالية أن تكون هذه المنطقة موطنا جديدا للتطرف.

نمو حركات الإرهاب

بدورها، ذكرت رهف الخزرجي، الباحثة ونائبة مدير إدارة النشر العلمي في "تريندز"، أن مناطق الصراعات والتوتر تشكل بيئة مساعدة لانتشار حركات التطرف والإرهاب ونموها، مضيفة أن تشريح العقل السياسي للمتطرفين يشير إلى أن السمة المميزة لهم هي "استحضار الماضي"، وبالنظر إلى شواهد تاريخية عدة نجد أن مناطق الصراع دائماً ما كانت جاذبة للمتطرفين من مختلف التوجهات، مشيرة إلى أنه مع تحليل أسباب استقطاب المتطرفين إلى منطقة الصراع، نجد أن هناك دوافع عدة، أبرزها معاناة هؤلاء الذين يتم استقطابهم من حالة يمكن توصيفها بالفراغ النفسي.

وأوضحت الخزرجي أن هناك سبباً آخراً هو أن بيئة الصراعات توفر عادة الدعم المالي لهذه الجماعات المتطرفة التي تصبح مجرد أدوات في أيدي الدول تستخدمها لحسم الصراعات، وهو ما يتيح لها المجال للنمو وتوسع، مبينة أن السبب الثالث هو أن الفوضى والصراعات تترافق مع غياب الدولة عادة، وغياب مؤسسات إنفاذ القانون ما يعطي هذه الجماعات الفرصة للتحرك والانتشار، محذرة من أن الجماعات المتطرفة ستجد لها موطئ قدم في الصراع الروسي-الأوكراني، لتتحول منطقة الصراع الروسية الأوكرانية إلى بيئة جاذبة للتطرف والإرهاب، وستكون لهذا تبعات كارثية على المديين القريب والمتوسط.

وأضافت: "لقد شهدنا في الأيام الماضية ما يشير إلى محاولات نقل عناصر مقاتلة من سوريا للقتال مع الروس، حيث أفادت التقديرات إلى أن عددهم قد يصل ربما إلى 23 ألف مقاتل، في وقت تنطلق فيه دعوات من عناصر سلفية جهادية سورية بضرورة البقاء على الحياد، وتطرح هذه التقارير والمعلومات مجموعة من الأسئلة الفرعية التي تجاوب على سؤالنا الرئيسي وهو احتمالية توفير منطقة الصراع الروسية الأوكرانية بيئة جاذبة للتطرف والإرهاب".

استغلال الحركات المتطرفة

من جانبه، قال عزت إبراهيم، رئيس تحرير صحيفة الأهرام الأسبوعي وبوابة الأهرام الإنجليزية في مصر، إن الصراع الروسي-الأوكراني سيكون له تأثير عميق على الأوضاع السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والأمنية سواء في أوروبا أو آسيا أو في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن التعقيدات الجديدة للجغرافيا السياسية المتعلقة بالنزاع تلعب أدواراً مهمة في تشكيل أطر جديدة للتنافس الاستراتيجي والمصالح الحيوية للأطراف المختلفة، سواء أكانت قوى كبرى أم قوى إقليمية، والتي ستنعكس على الترتيبات الأمنية في العديد من المناطق، بما في ذلك الشرق الأوسط.

وتطرق إبراهيم إلى مدى تأثير الصراع في أوكرانيا على الحرب على الإرهاب، ومدى استفادة الحركات المتطرفة والإرهابية من الصدام بين القوتين الأكثر نفوذاً في الشرق الأوسط - الغرب وروسيا، مؤكداً أن استخدام الحركات الإرهابية في الصراع ستكون له تداعيات واسعة النطاق على دول الشرق الأوسط ومجتمعاته، مشيراً إلى أن الشرق الأوسط ما يزال ركيزة أساسية في المواجهة بين روسيا والغرب، حيث يعتمد الأخير على إعادة ضبط العلاقات مع دول المنطقة لتوفير بدائل لواردات النفط والغاز الطبيعي الروسية، وهي ضرورة انتقالية ستؤدي إلى تفاهمات جديدة بين الولايات المتحدة وشركائها الاستراتيجيين في المنطقة.

وذكر عزت إبراهيم أن ثمة ثلاثة سيناريوهات لإمكانية استفادة الجماعات الإرهابية من الصراع الروسي-الأوكراني وهي: الفوضى الأمنية العالمية، وتداعيات نقص النفط والغذاء في المناطق التي ما زالت تتأثر بالحروب الأهلية في المنطقة، وآخرها وأخطرها هي توفير بيئة لإعادة الجماعات العنيفة إلى الواجهة، وستتطلب هذه الخطوة إجراءات احترازية من جانب الحكومات العربية لدرء الخطر وتجنب تكرار تداعيات أفغانستان مرة أخرى.

علاقات تاريخية

أما جيكوب زين، المحرر في مؤسسة جيمس تاون لرصد الإرهاب في واشنطن، فتناول تأثير الصراع الروسي-الأوكراني على دول آسيا الوسطى وغرب أفريقيا، مشيراً إلى أن المنطقتين تربطهما علاقات تاريخية بروسيا والاتحاد السوفيتي سابقا، وتظل دول هاتين المنطقتين تحت تأثير هذا الصراع بدرجات متفاوتة مما يؤثر على طريقة الإدراك في هذه الدول لهذا الصراع والطرق التي سيؤثر بها عليها.

وقال إن هناك حالة انقسام وتباين بين دول غرب أفريقيا تجاه الصراع الروسي الأوكراني، فبعضها يتعاطف مع روسيا فيما يتعاطف البعض الآخر مع أوكرانيا، مبيناً أن بعض دول غرب أفريقيا تخشى من التداعيات السلبية لانضمام أي من مواطنيها إلى الصراع الروسي الأوكراني، فيما تدعم مليشيات مسلحة وتنظيمات إرهابية في هذه الدول روسيا، لكنه أوضح أنه لا توجد أي مؤشرات على انضمام مواطنين من دول وسط آسيا إلى أي من الفريقين في الصراع بين أوكرانيا وروسيا حتى الآن.

وذكر جيكوب زين أن الصراع الروسي الأوكراني قلل من إمكانيات تحالف دول وسط آسيا مع روسيا، ولكن على الرغم من ذلك فهم قلقون من أي تقارب مع أوكرانيا ومخاطر ذلك عليهم، مضيفاً أن تنظيم داعش الإرهابي يشجع حرب الروس والأوكرانيين، حتى يدمر الغرب بعضه بعضاً، وهو ما يحقق رغبته، مختتماً مداخلته بالقول إن دول وسط آسيا تقف موقف المتفرج الحذر الذي يخشى انحدار الصراع، مثلما حدث في أفغانستان وسوريا.

جذب أطراف خارجية

إلى هذا تساءل الدكتور ثيودور كاراسيك، مستشار أول في مركز تحليلات دول الخليج-واشنطن، قائلا: "هل تُغيّر الحرب الروسية-الأوكرانية الأولويات الأمنية؟،" مؤكداً أنه عندما يتعلق الأمر بلاعبين غير حكوميين، يجب الانتباه إلى تطور خطابهم وتتبع حركاتهم، خصوصاً في الوقت الذي يوجه فيه الروس والأوكرانيون دعوات كثيرة وجدية لجذب أطراف خارجية للانضمام إلى القتال إلى جانبهم في هذا الصراع المحتدم، مضيفاً أن روسيا تحاول جاهدة أن تكمم أي أصوات منددة بهذه الحرب في الداخل الروسي، في ظل قيادة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، محذراً من أنه كلما طالت هذه الأزمة، تعقدت الأمور أكثر وأصبح حل هذا الصراع صعباً ومكلفاً على جمع الأطراف.

زعزعة الأمن والاستقرار 

من جهته، قال أوفيد لوبيل، محلل سياسات في مجلس الشؤون الإسرائيلية واليهودية الأسترالي، إن الصراع الروسي الأوكراني سيفتح المجال واسعاً لجماعات التطرف والإرهاب من مختلف التوجهات لتلعب دوراً أكبر، مما يعني زعزعة الأمن والاستقرار في العالم، مضيفاً أن روسيا قد تقوم بجذب المتطرفين من بعض الدول الأفريقية إلى أوكرانيا ما يوفر دعماً لجماعات التطرف في قارة أفريقيا.

وذكر لوبيل أن هذه الحرب الدائرة يعتبرها الجانب الروسي مكافحة للنازية وهو أمر غريب، خاصة أن الرئيس الأوكراني يهودي الأصل ومن أسرة كانت مضطهدة من النازية، معرباً عن خشيته من أن تقوم روسيا بجذب المتطرفين والإرهابيين إلى أوكرانيا ما يدعم الجماعات الإرهابية على المستوى العالمي، متهماً روسيا بدعم من أسماهم النازيين الجدد في أوروبا وغيرها من الدول في الوقت الذي تسعى فيه إلى تنصيب نفسها شريكا استراتيجيا وحليفا قويا لأفريقيا.

انتشار اليمين المتطرف

بدورها، رأت آنا غوساروفا، مديرة معهد آسيا الوسطى للدراسات الاستراتيجية، أن تبعات الصراع الروسي الأوكراني وتداعياته تتلخص في الوضع المأساوي الذي تعيشه أوكرانيا في ظل الحرب الطاحنة المُشَرْعَنة روسياً والتي إذا طالت ستعزز من خطورة وانتشار اليمين المتطرف في أوروبا، مشيرة إلى أن ثمة معلومات تؤكد تمويل روسيا لأفراد وجهات وجماعات مسلحة في وسط آسيا، خصوصاً في طاجاكستان، وما يؤكد هذا انضمام الكثيرين من طاجاكستان إلى جانب روسيا عندما ضمت  إليها شبه جزيرة القرم،  منوَّهة إلى أن هناك تبعات قانونية مهمة يجب تطبيقها على الأفراد والجماعات التي تتطوع للمشاركة في النزاعات المسلحة، خصوصاً الصراع الروسي-الأوكراني.

وحذرت من أن الحرب الروسية الأوكرانية تفتح المجال للجهاديين واليمين المتطرف، وتفتح الباب على مصراعيه لانتشار وتفشي الإرهاب والتطرف على مستوى العالم، وأنه لفهم ما وراء ذهاب الكثيرين للمشاركة في الصراع الروسي الأوكراني، نحتاج إلى المزيد من التفكير والتحليل والبحث عن الأجندات والمخططات التي تدعمها قوى عالمية معينة.

أزمة غذاء عالمية

أما العقيد ديفيد دي روش، بروفيسور في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة الدفاع الوطني بواشنطن، فحذر من أن تراجع واردات الحبوب من روسيا وأوكرانيا قد يتسبب في أزمة غذاء في بعض دول الشرق الأوسط، تؤثر بدورها على استقرار هذه الدول ومن ثم توفر بيئة مناسبة لتحرك جماعات التطرف.

وبين أن الأمن الغذائي العالمي مدعاة قلق كبيرة، في الوقت الحالي، لأن الشح الغذائي يهدد الكثير من الدول التي تعتمد على استيراد السلع الغذائية، ما يعزز جهود الحركات الإرهابية التي تنشط وتستغل الأزمات الذي تعاني منها الدول، خصوصاً في سوريا ولبنان ومصر وتونس والجزائر والتي تعتمد بشكل أساسي على استيراد القمح وبكميات كبيرة لسد حاجتها.

ونوه العقيد ديفيد دي روش بأن الحصار الاقتصادي على روسيا والعقوبات العالمية التي فرضت عليها سيجعل القمح الروسي والأوكراني شحيحا في الفترة المقبلة، ما ينذر بأزمة في سلاسل التوريد والإمداد. كما سترتفع أسعار القمح بمستويات قياسية، وسيصعب على بعض الدول العربية تحملها لو طال أمد الصراع الروسي الأوكراني.

كما تطرق ديفيد دي روش إلى لاعب رئيسي في تعزيز النزاعات والصراعات، وهو سلاح الطائرات من دون طيار التي تلعب دوراً كبيراً في الصراع الروسي-الأوكراني، معتبرا إياها أداة ناجعة في الحروب والنزاعات، ولكنها ليست سلاحاً فعالاً، حيث يجب تنسيق هجماتها مع القوات الأرضية وتحركات الأرتال العسكرية، مؤكداً أن استغلال الجانب الأوكراني للطائرات من دون طيار لتنفيذ هجمات على القوات الروسية يأتي في وقت لا تمتلك فيه روسيا طائرات من دون طيار، ولا تولي فيه اهتماما بتكنولوجيا هذا السلاح.