تحدثت جلسة حوارية بعنوان «مسقط العاصمة
الرقمية - نحو مستقبل رقمي صانع للفرص» تعزيز الشراكة مع المهتمين من أصحاب
المبادرات والأفكار الإبداعية في عالم الاقتصاد الرقمي، واستطلاع رؤاهم حول
المشروعات التقنية التي تخدم برامج ومشروعات المحافظة وتنعكس بآثارها على المجتمع،
حيث قدّم عدد من الشباب مقترحات استثمارية عديدة سيتم دارستها وتبنّيها من قبل
مكتب محافظ مسقط.
وسعت الجلسة التي عقدت بحضور سعادة
الشيخ محمد بن سليمان الكندي نائب محافظ مسقط إلى إيجاد روابط وأفكار مشتركة بين
القطاع الحكومي وأفراد المجتمع واستثمار الأفكار بكافة القطاعات الإدارية وقطاعات
العمل البلدي من خلال الاهتمام بإقامة الجلسات الحوارية التي تستقطب أفكار أبناء
المجتمع وتعزز مواكبتها للتطوير في شتى الخدمات المقدّمة للأفراد والمجتمع -لا
سيما تلك المتعلقة بالجانب الرقمي- والتي تؤدي بشكل أو بآخر إلى التخطيط الأمثل في
عمليات استدامة بناء المدن، وتقديم خدمات مرنة ذات قيمة مضافة، لكونها تتبنّى
الاتصالات وتقنية المعلومات كركيزة مهمة لتعزيز منظومة العمل البلدي بكافة خدماته
المقدّمة، من أجل زيادة رفاهية المجتمع، مما يتحقق على أثره أن تصبح مسقط واحدة من
المدن الرائدة عربيا وعالميا في ظل الثورة الصناعية الرابعة، الأمر الذي ينسجم في
جانب آخر مع الرؤية العامة بجعل مسقط مدينة مستدامة مزدهرة نابضة بالحياة.
مبادرات شبابية
وخرجت الجلسة الحوارية بعدة مبادرات
تمت مناقشتها بشكل مبدئي، على أن تُترك للمشاركين فرصة الاشتغال عليها وتقديمها
بشكل نموذجي خلال فترات لاحقة، بما يمكن من اتخاذ القرارات المناسبة في آلية
تفعيلها تحت مظلة المحافظة أو عبر الشراكة الفاعلة مع مؤسسات أخرى تدعم برامج
المسؤولية المجتمعية، والمبادرات البيئية والخدمية القائمة على الاقتصاد المعرفي
والتقني، وقد تمثلت بعض الأفكار التي رفدها المشاركون في مقترحات تهدف لاستغلال
المساحات الخضراء والواسعة في بعض المتنزهات وإدخال التقنيات في بعض مرافقها مما
يقلل من الهدر، أو الانبعاثات المضرة بالغلاف الجوي، حيث أدلى بعض المشاركين
بمقترح عمل منقيات قياس الغازات أو الانبعاثات بالجو، وتنقيتها بشكل آلي، مع إعطاء
مؤشرات دقيقة للمختصين، لاتخاذ ما يلزم في حال وجود مؤشرات تستدعي رفع سقف التوعية
أو اتخاذ إجراءات أكثر أمانا، كما تمثلت بعض أفكار المشاركين في عمل منصة (المرشد
السياحي) التي تجمع كل أدوات ومواقع الترفيه بالمحافظة مع وجود خصائص تسمح بالحجز
الإلكتروني والدفع الآمن والميسر، إضافة إلى اقتراح تقوية ورفع الإرسال لجميع
ولايات محافظة مسقط بما يمكن من استخدام أمثل لهذه المنصات وغيرها، كما تم اقتراح
عمل منفذ موحد يربط عمليات التأجير ويحفظ حق الملاك والبلدية من عمليات التهرب
الضريبي، إلى جانب اقتراح برامج تدريب وتعليم في مجال التحول الرقمي والبرمجة
والتصميم لرفد الاقتصاد المحلي بالكفاءات في مجال التقني.
السلامة المرورية
من جانب آخر، فقد رفد أحد المشاركين
بمقترح من شأنه تعزيز برامج السلامة المرورية من حيث فكرة لإدخال مستشعرات تقنية
تزود في السيارات للاستجابة السريعة في حال الطوارئ، وتربط هذه المستشعرات مع جهات
ذات علاقة بحيث تعطي تقريرا لحظيا في حال الحوادث أو فقدان السيارات أو غيرها من
مفاجآت الطريق، ولتفعيل المقترح يمكن أن تكون هذه المستشعرات مربوطة بالتجديد
السنوي للمركبات.
واقترحت إحدى المجموعات الشبابية تحويل
الحدائق العامة لمرافق تقنية وعمل غرف للاجتماعات بحيث تكون صديقة للبيئة، وذلك من
خلال عمل إضاءات عن طريق تحويل الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية. في جانب آخر،
فقد تم الاقتراح بعمل أنظمة للمراقبة باستخدام الطائرات المسيّرة للإبلاغ الفوري
في حال رمي مخلفات البناء، أو وقوع الحوادث، من جهة أخرى فقد تم اقتراح توفير خدمة
التجول بتقنية الواقع المعزز في عدد من معالم محافظة مسقط، كما تنوعت المقترحات
الأخرى التي أكدت على ضرورة تبنّي التقنية مع مراعاة وتوفير الإرشاد السمعي لذوي
الاعاقة، إلى جانب التركيز على الشباب وطرح مسابقات تنمّي مهاراتهم وتقيس الاحتياج
الفعلي للعون والتمكين في استثمار الشباب.
وخلال الجلسة تحدّث سعادة محمد بن
سليمان الكندي نائب محافظ مسقط حول أهمية الجلسة وقال: يعدُّ الالتقاء بالشباب
والاستماع لتطلعاتهم في مجال استثمار التقنيات، بمثابة فرص تعزز من مفهوم الشراكة
المجتمعية الهادفة لتقديم الخدمات في محافظة مسقط، وهذا التوجه ينسجم مع نتاج عمل
المحافظة ونهجها في عقد سلسلة من الحوارات الهادفة لدعم هذا الجانب من الشراكة
المعرفية، التي يمثل فيها الجانب الرقمي محورا أساسيا.
وأكد سعادته على أهمية تحفيز الشباب
للانخراط في استثمار العالم الرقمي وتوظيفه على المستوى المجتمعي، وحثهم على
التغلب على العقبات والاستناد إلى عوامل القوة واستغلال الفرص الموجودة، مع
التكامل الفعال بين المؤسسات الناشئة بالجانب التقني، لرفد فرص التقدم الرقمي وجني
ثمارها بالمجتمع.
وأشار سعادته إلى أن الجلسة تركز على
تبادل الأفكار التي من شأنها أن تتيح للمختصين تدارس الفرص والتحديات التي تُمكّن
أو تحول دون الاستفادة من تقنيات الثورة المعلوماتية، والاقتصاد القائم على
المعرفة.
وأوضح أن نتائج الأفكار والمبادرات
ستتم صياغتها وتحليل كافة الآراء والمداخلات التي سيشارك بها الحضور، لوضعها في
خارطة عمل، للنظر في إمكانية تبنّيها تحت مظلة المحافظة وتحويلها كمشروعات من
شأنها إيجاد قيمة مضافة للمجتمع، والإسهام بالتالي في تكوين فرص تدعم وتعزز
الاقتصاد الرقمي في محافظة مسقط.
العاصمة العربية
من جانبه قدّم راشد بن عبدالله العلوي
مدير دائرة الاتصالات والبريد عرضا تناول فيه التعريف بمبادرة العواصم الرقمية،
والتجارب الناجحة في المجال، إلى جانب الممكنات التي مكّنت من نيل مسقط جائزة
العاصمة العربية الرقمية لهذا العام.
وأكد العلوي أن هذه الجائزة تهدف إلى
تعزيز التعاون بين الدول العربية ونقل الخبرات، وتنشيط المبادرات الابتكارية في
مجال الاتصالات والتقنية.
وأشار إلى أن سلطنة عمان في جائزة
العاصمة العربية الرقمية تسعى إلى وضع بصمة لها في الخارطة الرقمية العالمية،
وإبراز الإنجازات التي تحققت على المستوى المحلي، بما من شأنه أن يروّج للبنية
الأساسية محليا، ويترتب عليه استقطاب وجلب الاستثمارات الخارجية في مجال التقنية
والاتصالات، وبالتالي يعمل على تعظيم الفائدة من المُمكنات الرقمية التي تتمتع بها
سلطنة عمان.
وتطرّق العلوي في حديثه إلى الفرص
المتاحة في الاقتصاد الرقمي بسلطنة عمان التي تتمحور حول خدمات مراكز البيانات
والخدمات السحابية، وخدمات الأمن السيبراني، وتمكين استخدام تقنيات الثورة الصناعية
الرابعة مثل الذكاء الاصطناعي في القطاعات الاقتصادية والاستراتيجية وتطوير
المحتوى الرقمي وجذب الاستثمارات الأجنبية التقنية إلى سلطنة عمان.
ممكنات التقنية
واستعرضت الجلسة الحوارية الحديث حول
الممكنات التقنية على المستوى المحلي والمتمثلة في الممكنات التشريعية كالبرنامج
الوطني للاقتصاد الرقمي، وبرنامج التحوّل الرقمي الحكومي، والاستراتيجية الوطني
للنطاق العريض، وقانون الاتصالات، أما ممكنات البنية الأساسية فتتمثل في توفير
الكابلات البحرية، وشبكة الألياف البصرية، وشبكة الجيل الخامس، والمركز الإقليمي
للأمن السيبراني. من جانب آخر فقد تم استعراض الممكنات الرقمية وفق التصنيف الدولي
لسلطنة عمان، والتي أسهمت ولا تزال في إيجاد فرص تعزز من استخدام التقنية، كمؤشر
التنمية الحكومية الإلكترونية، ومؤشر جاهزية الشبكة، ومؤشر جاهزية الحكومة للذكاء
الاصطناعي.
وبالحديث حول المشروعات والمبادرات
التقنية فقد جاء ذكر مشروع «التصديق الإلكتروني، والشبكة الحكومية الموحدة، وبوابة
الدفع الإلكتروني، وبوابة استثمر بسهولة» كأحد أهم المشروعات والمبادرات التي عززت
من نيل مسقط لجائزة العواصم العربية الرقمية.
يذكر أن نسبة وصلات الألياف البصرية في
محافظة مسقط تقدر بحوالي 83%، ويبلغ عدد محطات الجيل الرابع في 1544 محطة، في حين
تبلغ عدد محطات الجيل الخامس 440 محطة.
عصف ذهني
وتضمنت الجلسة الحوارية عصفا ذهنيا بين
فئات الشباب المشاركين في الجلسة، هدفت إلى التبادل المعرفي من خلال دمج المشاركين
ببعضهم والتعريف فيما بينهم كشركات متوسطة وناشئة في المجال التقني، بما من شأنه
عكس تصوّراتهم وتطلعاتهم في تفعيل مبادرات أكثر إبداعا لمفهوم العاصمة العربية
الرقمية؛ وذلك من خلال مجموعة من الأفكار الإبداعية والمبادرات التي أُفردت لها
مساحة من العرض والنقاش مع المختصين، حيث عملت المجموعات إلى تقسيم المشاركين
للعمل بمبدأ استخراج المعلومات والتشاور فيما بينهم، لاستخراج الآراء وفضلى
المبادرات القابلة للتخطيط، وتحويلها كمشروعات من شأنها إيجاد قيمة مضافة للمجتمع
من جهة، والإسهام في تكوين فرص تدعم وتعزز الاقتصاد الرقمي في محافظة مسقط من جهة
أخرى.
من جانب آخر، فقد تم التأكيد بأنه يعول
على هذه الجلسة الحوارية أن تؤدي دورا أساسيا في جانب توعية المجتمع بالاستخدام
الأمثل للتقنية، والتعريف بالتقنيات الحديثة، باعتبار أن الحوارات الشبابية تشكّل
نقطة الانطلاق الأولى للتعريف بالخدمات الحكومية واستخدامها كأسلوب حياة مهنية
أكثر سهولة وسرعة.
فرصة للنقاش
تحدث أحمد المشايخي أحد الشباب
المشاركين من المجموعة الوطنية للتكنولوجيا وعبّر عن شكره لاهتمام محافظة مسقط
بتلمس احتياج الشباب كشركات وأفراد والجلوس معهم على طاولة حوار ومناقشة رؤاهم
وتحدياتهم، بهدف إتاحة الفرصة لإبداء أفكارهم ومبادراتهم المتميزة كما بينتها جلسة
الحوار، مشيرا إلى أن حسن التنظيم وإدارة الحوار قد أتاحت للجميع الفرصة في المشاركة
سواء بفكرة أو مبادرة تحسب إيجابا في مخرجات الجلسة الحوارية، وبما من شأنه ترسيخ
نمط حياة رقمي وتشاركي بين الجهات الحكومية والأفراد.
وأضاف المشايخي: «لقد بدا جليا وواضحا
دور حكومتنا في دعمها السخي للمجال التقني وهذا ما أثمر عنه في أن عاصمتنا مسقط هي
العاصمة الرقمية لعام 2022».
في حين قال موسى بن عبدالكريم البلوشي
المدير الإقليمي لشركة يو في إل روبوتيكس: «تعتبر هذه الجلسة تجمعا غير مسبوق
لكثير من الشركات الناشئة وشركات التقنية في السوق المحلي مع مسؤولين حكوميين،
لبحث أفكار ومبادرات، وتعريفهم بمسقط كعاصمة رقمية، فقد تعرّفنا على أسس اختيارها
والمشروعات التي أسهمت في الحصول على الجائزة، وفي جانب آخر فقد استشعرنا الجهد
المرجو لتفعيل استمرارية المبادرات في هذا الجانب، حيث تعتبر الجلسة بمثابة
انطلاقة أولى للبدء في الفصل الأول من هذه السنة وتجميع الأفكار للخروج بنتيجة
محصلة في نهاية العام، وقد تم فعليا التطرق لعدة أفكار تلامس حاجة المحافظة ونتمنى
أن نراها في حيز التطبيق العملي، من جانب آخر فقد كان اللقاء ثريا على المستوى
الجماعي فقد تعرّفنا على شباب ذوي إبداع، وكان هناك نقاش وعصف ذهني لتبادل الأفكار
معهم، وهذا يخدم المؤسسين للشركات في معرفة الشباب المتخصصين في مجالات التقنية
واستثمار قدراتهم والاحتكاك الإيجابي بالمبادرين ومعارفهم التي تثري الجميع».