في هيبة ونشوة غامرة نعيش ذكرى معركة الكرامة، وفي ساحاتها المخضبة بدماء الشهداء وأريج البطولة نقف على لوحات البطولة التي تلونت بدماء الشهداء، ونبتت مع زهر آذار وعبيره ، حيث تتوقف الكلمات وتحضر الإرادة والصمود والعزيمة التي زرعت الانتصار على أرضها الطاهرة، وكتبت سطور المجد من بين جنازير الدبابات، وأزيز الرصاص، وبراكين الغضب التي فجرها الأبطال في وجه الغزاة، فتحولت أرضها جحيماً ولظى، فكانت الكرامة طريق المجد المعبد بالصمود والثبات والعزيمة والإيمان، ويكتب تاريخ جديد كلماته الأولى كرامة وبطولة، وتطوى صفحات الماضي، ويتحول الزمن عربيا بعد نكبة عام 67 ، ويسند الأبطال قاماتهم إلى السفوح والروابي التي يتردد من فوقها صوت الحسين ينتخي بالأبطال قاتلوهم بأسنانكم بأظافركم بإيمانكم، فتسقط الغطرسة والغرور والتجبر، ويتلون دحنون الكرامة وربيعها بلون دماء الشهداء الذين وقفوا لهم في كل زاوية وطريق، وانتظروهم في ظلال البيارات وعلى ضفاف النهر، وطلعوا لهم مع أشجار البرتقال والليمون، فنطقت الأرض والسماء بصوت هادر هذه أرض الكرامة، ومن أرضها لكم الموت والثبور، ولن تمروا إلا لتسقطوا في الجحيم والخزي والعار .
نسمات الكرامة حياة وإيمان وتاريخ، وفي صفحاتها تعيش قصة الأردنيين وأمجادهم التي صنعوها عبر ملاحم تضحية وإيثار، فإلى أرض الكرامة سافرت عيون الشيوخ التي غطتها غبار الأيام ونوائب الدهر ونكسات الماضي، وغسلتها أمطار آذار، فتفتحت مع براعم الزهر على لوحات جميلة ملونة، تتماوج فيها ألوان الربيع وأزهار البيلسان والزعفران، وعبير بيارات الأغوار، وأمجاد الآباء وبطولاتهم، فصار المشهد مشهد كرامة ومحبة وإيمان ونقاء وبهاء، وذكريات جميلة يعشقها الأردنيون، وينتشي بها أبناء العروبة، ويستعذبها الأشقاء والأصدقاء والوافدون، وهي هوية يعرفها الطامعون والأعداء، وفي ظلالها يرسمون حدود أطماعهم ووسوسات نفوسهم، فالكرامة أرض وسماء ونقاء وخلود يعيش في أرضها مع ثرى الشهداء الخالدين، ويتماوج مع نسماتها، وعبير تهديه الكرامة لزوارها تقول فيه أنا الأردن: المجد، أنا الكرامة الإنسان، أنا الكرامة الوطن والقيادة والحضارة.
وفي خشوع وتبتل ومع صلاة الفجر رفعت الأمهات أكفهن ضارعات إلى الله أن يكتب العزة والنصر للوطن، فوهبن الغوالي فداء لثرى الكرامة، وعلى الموعد واقفين، وبين الحنين إلى الوطن ودفء البيوت الطاهرة كانت ملاحم البطولة التي سجلها الشهداء والأبطال في الخنادق والهضاب وفوق القمم، وفي صور خالدة انثنت أمامها جنازير الحديد، وأزيز الطائرات، كان النشامى يتسابقون إلى الشهادة وفي سمعهم يتردد دعاء الأمهات يحثهم على الثبات، لتصبح الحياة كرامة، وهدفاً وطموحاً، ووعداً يوفيه الرجال لأمهاتهم الغاليات، وبراً كبيراً للوالد والوالدة والوطن، وفي ظلال هذا المشهد المهيب يأتي النصر والشهادة .
في ظلال الكرامة تظل رؤوسنا مرفوعة، وفي معانيها نسير بثبات إلى المستقبل، ومع جلالة قائدنا الأعلى نكتب كل يوم صفحات بألوان جميلة للكرامة، فهي فينا مسؤولية وانتماء وعمل، والكرامة تضحية ومحبة وتكافل، والكرامة هوية وطن وطريق معبد بالإبداع والإنجاز، والكرامة وفاء لقيمنا الخالدة وقيادتنا المباركة وأمتنا، وهي وحدها المستقبل الأجمل الذي نظل معه وبه أوفياء لدماء الشهداء ليظل الرجال يرفعون الرؤوس ورايات النصر . ألف رحمة على أرواح شهدائنا الأبرار الذين استشهدوا من أجل الدفاع عن الوطن وأمنه وستظل المسيرة مستمرة، حفظ الله وطننا وشعبنا في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه.