تؤكد تهميش الجغرافيا المصرية في ملف الجماعة
دراسة حديثة لـ "تريندز" تكشف أن "صراع الأجيال داخل جماعة الإخوان المسلمين" متلازمة إخوانية سياسياً ومجتمعياً
أكدت دراسة، حديثة أصدرها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، تحت عنوان: "صراع الأجيال داخل جماعة الإخوان المسلمين.. تاريخية الأزمة ومساراتها المستقبلية"، أن ظاهــرة صراع الأجيال داخــل جماعــة الإخوان المسلمين صفــة لازمتها منذ ظهورها في المحيطين السياسي والمجتمعي، وإلى يومنا هذا، والقول باحتمالية أفولها وانتهائها أو تراجعها هو قراءة قاصرة، فهي متلازمة ربطت مصيرها بالجماعة منذ نشأتها على يد حسن البنّا عام 1928، ما يشدد على الإقرار بهذه الظاهرة والتسليم بوجودها وحتميتها في آن معاً.
وذكرت الدراسة، التي تعتبر العدد الحادي عشر ضمن سلسلة "اتجاهات حول الإسلام السياسي"، والتي أعدها مصطفى زهران الباحث في الحقل الديني والتيارات الإسلامية المعاصرة، أن من أهم التحولات التي نجمت عن صراع الأجيال داخل جماعة الإخوان المسلمين الذي ظهر إلى العلن بقوة مع أحداث 25 يناير 2011، وما تلاها من إطاحة بنظام محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013، هو انتقال ثقل الجماعة ومركزها للمرة الأولى منذ تأسيسها من القاهرة إلى كل من لندن وإسطنبول، وتحول مصر تبعاً لذلك إلى طرف تابع لهما في خضم الانقسام الحادث في قيادة الجماعة في اللحظة الراهنة، ما يعني مزيداً من تهميش الجغرافيا المصرية في ملف جماعة الإخوان المسلمين.
وأشارت الدراسة إلى أنه لطالما كان يُنْظَر إلى قوة جماعة الإخوان المسلمين في قدرتها على احتواء المتذمرين والساخطين والراغبين في التغيير داخلها، فضلاً عن الراديكاليين؛ وانطلاقاً من هذا المنظور كان يصعب التكهن باحتمالية انشطار الجماعة وتشرذمها، أو بمعنى أدق أن تتأثر بالخارجين والمنشقين والمهاجرين والمرتحلين عنها إلى خارجها، إلا أن أهمية ما أفضت إليه ظاهرة الصراع الجيلي وذروة ما وصلت إليه الجماعة من صراعات وتراشقات وسجالات، وهي الأقوى في تاريخ الجماعة، ينذر باقتراب أفول الجماعة، بحيث وضعت نفسها على بدايات نهاياتها بفعل السياقات التاريخية والسياسية، وفق عمر الأمم، كما ذكر ابن خلدون في مقدمته.
وعرجت الدراسة على القضايا اللافتة في سياق مآلات الصراع الجيلي لجماعة الإخوان المسلمين، ومنها نزع الشرعية من لدن كل طرف عن الآخر المتصارع معه، إذ ذهب كل طرف من المتصارعين -ومن بينهم الشباب المنقسم بين هذه الجبهات- إلى التأكيد على كونه الأحق بقيادة الجماعة ككل، وليس جزءاً منها، تحت لافتة جذب الجماعة من حالة التيه التي تعيشها في السنوات الأخيرة، وفي هذا الصدد قدمت جبهة محمود حسين من جهة وجبهة إبراهيم منير من جهة أخرى، نفسها كونها البوصلة الحقيقية والقيادة الراشدة المنقذة للجماعة من أتون الانقسام والتشرذم الحادث، وفي سبيل ذلك تبرز الأقاويل والمسوغات والفتاوى الشرعية والعقدية والأيدلوجية، وهو ما يعمق الصراع ويجذره.
وتقسم الدراسة الصراعات الجيلية داخل جماعة الإخوان المسلمين إلى أربعة أجيال، الأول من الملكية إلى الجمهورية والحكم الناصري، والثاني جيل المرحلة الساداتية والعمل الطلابي في الجامعات، والثالث هو جيل الثمانينيات والتسعينيات ومطلع الألفية، وفترة الرئيس مبارك، أما الجيل الرابع فهو إفرازات الـ 25 من يناير 2011 ومخاضات الـ 30 من يوليو2013.
وتستعرض دراسة "تريندز" الحديثة، الظواهر التي أفرزتها الصراعات الجيلية داخل جماعة الإخوان المسلمين، والتي تتنوع بين: "ثنائية المحافظين والإصلاحيين وجدليتها في مشهد الإخوان المسلمين، وظاهرتا (المدونون الشباب) و(الكتائب الإلكترونية)، وتجربة حزب الوسط (الانشقاق الحزبي الأول عن الإخوان المسلمين)، وأفراد الإخوان المنشقين من الـ 25 يناير 2011 إلى ما بعد 30 يوليو 2013"، مشيرة إلى أن الصراعات الجيلية أثرت على مستقبل جماعة الإخوان المسلمين، وأشعلت أزمات وصراعات عديدة أبرزها: معضلة الشباب، والنزوع نحو الراديكالية، والتنازع علىى القيادة.