رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

ضمن سلسلة مقالات خارج الصندوق نصر العاشر من رمضان بين "إياك نعبد وإياك نستعين"

ضمن سلسلة مقالات خارج الصندوق  نصر العاشر من رمضان بين إياك نعبد وإياك نستعين
جوهرة العرب

ضمن سلسلة مقالات خارج الصندوق

نصر العاشر من رمضان بين "إياك نعبد وإياك نستعين"

كتب الدكتور حازم صيام

سر من أسرار سورة الفاتحة يكمن في لفظ إياك نعبد وإياك نستعين ، فأنت لا تنفك عن الله ولا عن الحياة.. فإذا صح توجهك لله فإن إياك نعبد بالله صلاح آخرتك ، وإياك نستعين صلاح دنياك بالله أيضا.. الم تسمع قول الله تعالي في سورة الأعراف : ( آلا له الخلق والأمر ) فالخلق الذي لا تعلم عنه شيء لله ، والأمر الذي تعلم عنه بعض الشيء لله أيضا ..وفي قول الله تعالي ( والله خلقكم وما تعملون ) الصافات (٩٦) .

فإذا اعتقدت أن الله خالقك فهذا يستلزم أيضا أن تعلم أنه خالق أعمالك أيضا في الدنيا التي نعيشها وفي الآخرة .. إن خطاب الله لنا خطاب حضور برغم غيب الله عنا ( الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ) فهذا غيب يتبعه ( إياك نعبد وإياك نستعين ) وهذا حضور ، فهو حاضر في اعتقادك وحاضر في سلوكك ، وهو خالق اعتقادك وخالق سلوكك ، ليس لك من الأمر شيء ( أن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله علي قلوبهم وعلي سمعهم وعلي أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم) البقرة ( ٦).. فأنت إذن في (إياك نعبد وإياك نستعين) بنعمة عظيمه هي نعمه الإيمان بالله الواحد .

هذا الإيمان الذي تتجلي فيه صورة السلوك القويم وصورة الاعتقاد الحق لا يفصل بينهما شيء .. إنهما وجهان لعملة واحده هي الإيمان بالله ، وحده ترفرف عليهما راية : لا اله الا الله محمد رسول الله .. إنك الآن بين غاية لك وسلوكك تجاه هذه الغاية .. هب أنها منصب مدير ، هب أنها وزارة أو ولاية ، هب أنها الزواج ، هب انها تأليف كتاب ، هب أنها إعداد الطعام ، هب أنها معركة من المعارك : مثل حرب العاشر من رمضان وقد انتصرنا فيها ..

إن طريقك محسوم بين هذه الغاية أيا كانت ، وبين الاستعانة فيها بالله ، فالله خالقها من قبل والله مدبر أسبابها ، أنت تعد المعطيات والوسائل التي تجهز بها غايتك ثم انك تعلم أن الله هو الذي سيوفر لك الوسائل هذه ، فأي شيء تفعله أنت ؟ لا شيء.

فخفف الوطء ريح روحك ، استرح هنا ومدد رجليك ، وأرح بالك وقلبك وعقلك وجسدك ، واجعل كل تفكيرك في خالقك .. لا تستغرق كثيرا في التفكير بالوسائل والحيل ، فالله عليه التدبير وعش أنت في الذكر ، كن ذاكرا له في اعتقادك وذاكرا له في سلوكك .. أن نجاح الناجحين في الدنيا ليس بدراسة الجدوى المادية فقط ولكن بالاستعانة بالله فإنما هداك الله لهذه الدراسة بفضل إيمانك به ، فالتوجه إلي الله هو شرط من شروط الإصلاح الاقتصادي والنجاح السياسي وكذلك في الانتصار بالمعارك أيضا.. إن الملحد الذي لا يؤمن بالله يكفيه إيمانه بعمله فقط والله يعينه علي هذا ويتركه لحساب الاخره. الم تسمع قول إبراهيم في القران (وارزقهم من الثمرات من بالله واليوم الآخر ) فصحح له الله وقال له (ومن كفر فأمتعه قليلا) فهل يستوي من امن بعمله فقط أمام من آمن بالله مرورا بعمله .. وهذا هو انتصار المغول ( علي غيرنا من بلاد العالم ) ثم انتصارنا المؤزر عليهم بسيف الدين قطز بعد ذلك وفي رمضان أيضا.

وهنا نعرج إلى ذكري حرب رمضان المعاصرة بينما نمر بذكراها ، نذكر كيف انتصر الأضعف علي الأقوى والمقيد بالمشاكل من الداخل ، علي المؤيد من الخارج ، والأعزل علي المحصن بالساتر الترابي وبالدبابات ذات الدروع والحصون وغيرها ، وبين والأقل عددا علي الأكثر عددا وعده .. إن حرب أكتوبر أو العاشر من رمضان توقف التاريخ لها طويلا كيف استطاع المصريين والعرب قهر عدو يصف نفسه بأنه لا يقهر وفي ٦ ساعات .

أن انتصار أكتوبر هو حاله عمليه من حالات إياك نعبد وإياك نستعين ، ومادمنا فعلنا ذلك فلا يهم قوة خصمك ولا يهمك تقديره وتدبيره .. أن الطاقة الايجابية التي ندرسها في التنمية البشرية هي في أوضح صورها تتجلى في الإيمان بالله ، هذا الإيمان الذي به كمال الاعتقاد وكمال السلوك.. وقد كان هذا واضحا جليا في حرب أكتوبر بوضوح الهدف والغاية ، فجاء الهدف النصر أو الشهادة وجاءت الغاية الله والجنة

وصدق الله فيهم قوله : "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً، لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أو يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا" (الأحزاب ٢٣-٢٤)..أما الذين قضوا نحبهم فعظماء مصر الشهداء العظام كإبراهيم الرفاعي وأبو شادي وأما من ينتظر فمنهم اللواء طارق البرقوقي واللواء أحمد نعيم وهؤلاء هم الشهداء الأحياء .. نسأل الله لهم الصحة والعافية والعمر المديد .