كتب الدكتور حازم صيام
الم الحب وتعب الشوق .. وترك في قلوبنا وجع وحروق.. فلم تبعد خليني أذوق .. من أعماق القلب يا ذوق.. ليس بقصدي تعباً فيك .. ولا راح أعذب فيا وفيك .. ولا أشواق ستبث إليك .. من جراء نظره يعنيك .. أنا قصدي باحث لحقيقة.. وضوح الشمس سبيل وطريقه .. وضي البدر اختار لي بريقه .. نبض القلب صفاته عميقة.. (من أشعاري).
قيل في فلسفة الألم الكثير .. لكن الحقيقة أن الألم ليس مقصودا لذاته بل ليس مقصودا مطلقا .. لكن السؤال هل القضية مفارقه بين قلب وتعب؟ , أم بين حب وألم ؟ , أم بين عشق ومشقه؟ .. هل ستختار الحب والقلب والعشق أم ستختار التعب والألم والمشقة ؟
أن هذا هو الخيار المقصود , وليس خيارا بين الراحة والتعب ولا بين الألم والسلامة ولا بين البقاء والفناء .. أن الألم ليس خيارا ولا المرض كذلك ..هل علمت اسما لله اسمه الممرض .. رغم أن المرض لا يكون إلا بإذنه .. هل سمعت اسما لله اسمه الكاره .. مع أن الكره والحب بإذن لله ،لكنه الله الحبيب وأرسل لنا الحبيب الذي ترجي شفاعته .. هل سمعت اسما لله اسمه المؤلم أو المشقي أو المتعب أو أي شيء من هذا القبيل كلا .. مع أن التعب والألم والشقاء والكره والمرض لا يتم إلا بإذن من الله ، لكنه لا يرضاه لنا أبدا .. إذن فالحياة الدنيا ليست خيار التعب ، ولكنها خيار الحب .. سوف تتعلم فيها الحب
لقد فضل إبليس التعب والألم والمشقة عن الحب والعشق والمودة ، ويريد أن يصدر لنا بضاعته لذلك وجدنا سيدنا أيوب يخاطب ربنا ، فيكشف لنا جانبا من الحقيقة من خلال شكواه الي ربه ، قائلا : إني مسني الشيطان بنصب وعذاب .. فالنصب والتعب والعذاب والمرض من خيارات الشيطان وليست من خيارات الله ، وهو ما صدره إبليس بالفعل لأدم فرغم أن كل ما يريده ادم من راحة ورفاهية وحب ومودة ونقاء وجمال وبريق وكل شيء جميل متوفر وبكثرة وبأريحيه ورغد ، إلا أن إبليس أغراه بالأكل من الشجرة ..أي شجره؟ .. ليس مهما اسمها ، المهم صفاتها أنها شجرة التعب وشجرة الألم وشجرة الأحزان .. فمن أين يأتي التعب إذن ؟ .. يأتي التعب من مخالفه أمر الله أو السعي في سبيل ما هو سواه ، لهذا لم أري (نصبا) لسيدنا موسي ولا لنبي آخر إلا عندما تجاوز موسي ألخطه والطريق فقال موسي للغلام بعد أن تجاوز مكان الخضر ،: أتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا (نصبا ) أن النصب لم يأته من القتال وقد قاتل.. ولا من مواجهة الظالمين وقد واجه.. ولا من مخالفه فرعون وقد خالف.. فالنصب مثلا هي الأوثان التي وضعت في الجاهلية حول الكعبة .. ومعني النصب التعب ومنه ما أصاب موسي بنحو ما ذكرت .. وما أصاب أيوب من خلال شكواه إلى ربه..
إن لفظا مصدره (ن ص ب ) ورد بالقران ٢٧ مره منها خمسه تقريبا من خلال بحثي الشخصي بمعني التعب منها ٣ لنفي التعب عن أهل الجنة أما الاثنين الباقين كانا كما ذكرت لموسي وأيوب .. وقد كان هذا التعب من الشيطان سواء كان في حاله سيدنا أيوب أو في حالة سيدنا موسي .. وبيان ذلك أن الغلام قال معلقا علي الحدث : وما إنسانيه إلا الشيطان أن اذكره..
فالألم والمشقة ليست إلي الله مطلقا بل العكس إنه سبحانه حريص علي ابن آدم ألا يتعب ولا يشفي ولا يحزن .. حيث قال الله لأدم : فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ.. إذن فالهدف ليس التعب ولا الألم ولكنه هدف الحب أما فلسفه الألم فهي واهية .. فالألم قد يقع لكنه ليس هدفا .. الحب مسيره الله واختياره لابن آدم حيث قال سبحانه بنهاية (سورة الحب) اقصد سورة مريم .. قوله تعالي إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا ولم يقل في التحليل والفحص العميق بهذه ألسوره إلا لفظ ( الود ) بدلا من الجنة والأنهار والحور العين.. وفي هذا السياق عاتب الله احد أولياءه في الاخره كان يقول للناس أي خسارة بعد الجنة .. فصحح الله له في الاخره من خلال حسابه قال له يا عبدي أي خسارة بعد لقائي.
إذا فكيف يحدث هذا بتحليل أفضل مما سبق ؟ إليك تفصيل ذلك : انك ستتعرض في الدنيا لملذات ومغريات ورغبات لك سوف تقارن بين حب هذه الملذات وحب الله .. مع علمك بأن الله لم يضعك بالخيار بين حبه وبين الملذات أبدا فهو يريد لك حبه ثم حب الملذات فهو الذي قال لك : (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم ألقيامه).
القضية هنا في كمال الحب أو في درجات الحب فلو اخترت الله اعلي درجات الحب ثم من بعده ما اخرج لك من أصناف الحب فهذا هو اختيار الله لك . يريد لك الحب كل الحب لكنه سبحانه أعلاها ، فإذا اخترت الله اختارك , ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ثم يقول لك صفاتهم ( يحبهم ويحبونه ) وهكذا جاء حب الله بالقران لك أولا.