رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

كتب الدكتور حازم صيام:هل غادرنا رمضان أم نحن الذين غادرناه

كتب الدكتور حازم صيام:هل غادرنا رمضان أم نحن الذين غادرناه
جوهرة العر ب

ضمن سلسلة مقالات حرفةالتنفس

هل غادرنا رمضان أم نحن الذين غادرناه

كتب الدكتور حازم صيام

مر رمضان وأوشك الهلال أن يختفي وسوف ينفض مولد الإيمان ، وتمر ذكري تعظيم الأخلاق ، وبيان الجمال الإلهي ، والحكمة والنور .. فهل حدث هذا أم سيحدث ، هل غادرنا رمضان أم نحن الذين غادرناه ؟ .. أم سنتمنى أن تكون السنة كلها رمضان.

هل مضي رمضان ولم يترك فينا اثر ؟ هل مر رمضان كما جاء وهكذا وجه الضيف؟ أم كان له أثر ، فأي أثر هذا الذي كان . هذا هو موضوعي في عشرة نقاط منفصلة ومتكاملة مع بعضها البعض

١_الاستسلام لله

هل استسلمت لله فكان استسلامك لشعائر رمضان لله أولا فلا ينقطع ، فان الله قد أباح لك الطعام والشراب ومباشرة الزوجات وأباح لك النوم العميق بالليل وأباح لك حق التصرف في مالك .. لكن جاء رمضان فتعلمت ألا تأكل ما أحل الله لك ، ولا تباشر الزوجات ، ثم بدا حق للفقراء في مالك وفي وقتك وفي دعاءك ..

انك أسلمت بصيامك إسلاما لله جديد ، فهل بهذا قد استسلمنا لله حقا ، وأمنا بأننا سنبقي على العهد ، فلا نري حظوظ أنفسنا إنما نري في كل أفعالنا مشيئة الله ، إذ نكون في ذلك كما استسلم إسماعيل للذبح ، وكما اسلم أبوه إبراهيم من قبل .. هل سيستمر إسلامك هذا كما كنت من قبل أم ستتراجع بعد رمضان أخلاقنا القهقرى ؟

2_القلب

أن امتناعك عن الطعام والشراب والشهوات في رمضان يدفعك للتفكر والارتقاء بالقلب , فتبادر بالإنفاق والإحسان إلي الغير لسان حال زكاة الفطر فتاتي الخبرات العملية وليست الأخبار ، فإنما العلم علم الخشية وعلم التجربة العملية لهذه الخشية ، وهذه الخشية عندما تدخل القلب تغيره ، وأراها من خلال رمضان قد تغيرت النفوس والقلوب ، فهل تغير قلبك بالفعل ؟ أم أنه انفعال مؤقت ؟ وأنها أعمال الأخبار وليست أعمال التجربة العملية.

٣_الإيمان

هل آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره حلوه ومره ، إن صيام رمضان وقيام لياليه برهان علي ذلك ، ولكن أن اقتصرت علي رمضان فقط ، فأنت مازلت في شق الكلام دون العمل ، لأن سائر الأعمال كالصيام هذا هو درس رمضان.. وأن إيمانا بالقدر فيه الحمد لله ، وهي وحدها تملأ الميزان أن أعمال الحمد وغيرها عباده تجعل حياتك كلها لله ، فهل أنت مؤمن بهذا الإيمان وبهذا المفهوم بعد رمضان ؟

٤_قيمة الدنيا

امتناعك عن شهوة الطعام والشراب والجماع بالكلية في رمضان يدفعك إلي تعاليك عن الدنيا واستصغارها وهي كذلك ففي هذا الشهر قد عرفت الدنيا علي حقيقتها ، وعرفت الاخره أنها هي دار القرار وأنها هي الحيوان ، وان الحياة التي أنت فيها وهم وخداع وفتنه من الله ، ( إنما الحياة الدنيا لهو ولعب وزينة وتفاخر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ) فهل هانت علينا الدنيا كما هانت في رمضان فزاد الكرم والإنفاق كل الحدود أم أنه كرم زائف سيتوقف بعد رمضان ؟

٥_باطن المعاني

المعاني ألباطنه أو كما قال الله ( ذروا ظاهر الإثم وباطنه) فإن للصالحات ظاهر وباطن أيضا ..فإن البحر لدي خوض فيه شاطئ تظنه بسيط لكن باطن البحر عظيم وبه من العوالم والجبال الكثير .. وان صوم هذا الشهر وقيامه سيحفظ فيك المعاني ألباطنه التي خضت فيها قدرا ليس باليسير ، وأولها الصبر الذي تأخذه من الصيام وهو عباده لله كالصيام ، وما أكثر العبادات ألباطنه فمنها التوكل والرجاء والخوف واليقين والثبات والتجرد والثقة والاحتساب والإخبات والاكتفاء بالله والقنوت والإحسان .. فهذه المعاني إن باشرت الصيام بمفردات الأكل والشراب فقط فلن تدركها ولكن يدركها صيام خصوص الخصوص ، فأين أنت من هذه المعاني بعد رمضان ؟

٦_مسؤولية الدين

أن الدعوة إلي الله هي النجاة وهناك ثلاثة حق علي الله نصرتهم أولهم الداعية وثانيهم المصلح وثالثهم المظلوم.. إن الله قد أصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وانتم مسلمون ، قد اصطفانا الله للدين وليست البطاقة الشخصية هي التي تحدد دينك ، لقد باشرنا في رمضان المسؤولية وكنا نشعر برغبة دعوة الآخرين ، فأين نحن من هذه المسؤولية وهذا الاصطفاء بعد رمضان ؟

٧_أسماء الله الحسنى

هل قدرت الله حق قدره ، هل فكرت في أسمائه الحسني هل قرأت هذه الأسماء مرات ومرات في رمضان؟ ، فكيف وجدتك أسماء الله؟ , وكيف وجدتها؟ ، أهناك أعظم منها لحياتك ومماتك ومآبك؟ ، أنك استحضرتها في كل شئونك ، وتسعين بها وتمضي بحياتك دون شك أو قلق ، فهل حقا سنتحقق بأسماء الله الحسني ونتخلق بها كما فعلنا في رمضان ، ثم نستحوذ عليها طول العام بعد رمضان ؟

٨_تعظيم الله

من هو الأعظم لديك؟.. أنت قبل رمضان كان المعروض إمامك كثير من المغريات واكتر والأشياء العظيمة تزاحم سلطان الله وعظمته .. فحين جاء رمضان صمت عن عظيم ، وهما شهوتا البطن والفرج ، لقد عظمت الله أكثر بامتناعك عن شهوتي البطن والفرج وتعظيمه أكثر بصيام الخصوص وعدم رد السباب بغيره انك عظمت الله حقا .. ولكن هذا التعظيم مجرد تمرين وحينما يمضي رمضان ستعود للدنيا بعظمتها فهل هذا يكون ؟ أم ماذا سيكون فعلك ؟ .. أننا أمام الآية الكريمة : قل ( أن كان آباؤكم وأبناؤكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا).

٩_العبودية

كل حياتك هي في الحقيقة عباده فليست صلاه وصوم فقط فإذا اثر ذلك في عاداتك فستأتيك العبودية ألحقه ، بأنك مجرد تابع لله ليست لك كينونة خاصة ، وإنما أنت هبة الله ووقف الله ومخلوق الله وخليفته علي الأرض وعبده المطيع .. أنت عرفت في رمضان هذا واستشعرت انك مجرد عبد.. وهذه الصلاة وذلك الصوم لا تكفيان للتعبير عن عبوديتك ، بل كل أمورك ستشاهد فيها الله

(فسبحان الذي أسري (بعبده) ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى ، إنك إن شعرت بعبوديتك لله في كل أمورك فستتأمل صناعتك وكأنك تصلي ، وذهابك إلي العمل وكأنك تصوم ، فأنت في كل إعمالك عبودية لله.

١٠_علاقتك بالله

وان مدرسه الصوم تدفعك إلى التعلق بالله( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا اجزي به ) ومشاهدة أنه الرازق والمطعم وأنه بكلمه منه امتنعت وبكلمة منه أفطرت .. هذه علاقة العبد بالرب كأنها علاقة الطفل بآلام .. فهل تعلقت في كل أمورك بالله وأصبحت لا تذكر غيره في كل أمورك ..إن أنت خرجت من رمضان وأنت متعلق بالله في كل أمورك بلا استثناء فقد ربحت وهذا هو ( ذكر الله) العملي..

إن حالك وقلبك بعد رمضان هو نتيجة "اختبار رمضان" فانظر في قلبك لترى النتيجة هل أنت حريص علي الخير مثل حرصك في رمضان؟