آخر الأخبار

النائب الدكتور فايز بصبوص يكتب : يوم الاستقلال .. ما بين التعزيز والتمكين

النائب الدكتور فايز بصبوص يكتب : يوم الاستقلال .. ما بين التعزيز والتمكين
جوهرة العرب - بقلم : النائب د.فايز بصبوص 

بسم الله الرحمن الرحيم 
مئة عام على مسيرة هذا الوطن وستة وسبعون عام على الاستقلال التام واعني بالتام بان المسيرة النضالية للهاشميين منذ لحظة تاسيس امارة شرق الاردن في عام 1921 واستقلاله التام عام 1946 خاض المؤسسون صراعا تاريخيا كان يستهدف بكل تفاصيل اعادة انجاز المشروع القومي العربي من خلال مرتكزاتهم التي انبثقت من المنطلقات النظرية والفكرية التي اسست لها الثورة العربية الكبرى.
وهي مسيرة في سياقها التاريخي ارى انها استوفت كل ملامحها التاريخية من خلال مجموعة ضخمة من الدراسات والبحوث في الابعاد التاريخية وسمات الاستقلال الاردني الخاص والذي انتزع انتزاعا كليا من الهيمنة الاستعمارية البريطانية في مرحلة التحولات البنيوية التي طرات على مفهوم الاستعمار والتي التقطها الملك المؤسس عبدالله الاول بن الحسين وناضل على كل الاصعدة ليتجلى الاستقلال التام للملكة الاردنية الهاشمية كرافعة للقومية العروبية وحاضنة لكل الاحرار والوطنينين العروبيين على مستوى الوطن العربي .
كل ذلك قد اخذ ابعاده في الشرح والتحليل وصولا الى عهد الملك طلال والذي انجز الدستور الاكثر تقدما في المنطقة وهو دستور دينامي يرتكز على الثوابت القيمية للهاشميين وصولا الى التماهي المباشر مع الحداثة والمعاصرة وهو ما اسس لمرحلة البناء الاستراتيجية التي خاضها المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه .
لن نخوض في السياق التاريخي لمرحلة البناء تلك والتي جعلت من الاردن نموذجا في العروبة والاستقرار الامني والسياسي رغم المخاض الذي خاضه اردننا الحبيب في سياق التحولات المفاجئة التي دشنت مرحلة البناء وخاصة العبث السياسي الذي استهدف الابعاد القومية للدولة الاردنية .
سنسط الضوء بشكل نظري وفلسفي حول مرحلة التعزيز والتي جاءت مع تولي جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين سلطاته الدستورية .
ان اي قراءة موضوعية وتحليل متوازن وحيادي يرى القدرة الاستشرافية الاستثنائية للمنطلقات الفكرية والنظرية والسياسية التي انعكست انعكاسا مباشرا في مسيرة التعزيز والتي قادها ويقودها باقتدار جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين والذي كان يستهدف خلال مسيرته الاستقلال الناجز والذي ينطلق من مفهوم الشراكة الكلية في صناعة القرار على الصعيدين المعاشي اليومي والسياسي .
هذا ما يمكن ان نعتبره تعزيزا للاستقلال وذلك من خلال القراءة الحقيقة لتطور الاحداث السياسية في المنطقة والتي جعلت اقليم الشرق الاوسط اقليما ملتهبا غائبا كل الغياب عن مفهوم الاستقرار السياسي والاقليمي .
فمنذ انطلاق مرحلة التعزيز بادر جلالة الملك باستهداف حقيقي وممنهج للوعي الجمعي الاردني تمهيدا للانتقال في الاردن من التعزيز الى الحداثة والمعاصرة والرقابة الادائية من ادنى الى اعلى وتجلى ذلك في الاراق النقاشية لجلالته فمجرد ان تم تسمية خارطة الطريق الملكية بالاوراق النقاشية فقد انعكست على هذا الوعي الجمعي الاردني بان مرحلة التعزيز والشراكة بدأت من خلال مفهوم النقاش والحوار وليس البرامج القصرية والفوقية والتي تحدد ملامح البرنامج دون الذهاب الى الحوار والشراكة .
هنا نسجل ان تلك الاوراق النقاشية قد حددت ملامح مسيرة التعزيز الوطني والتي ترتبط باجندة متدرجة من خلال توازيها وتماهيها مع مشروع الاصلاح الشامل الذي كان هدفا واولوية واستراتيجة ملكية للتمكين الديمقراطي لوضع الاردن على ابواب التحول السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ايضا .
كل ذلك التراكم والذي هيأ الوعي الجمعي الاردني لمرحلة الحداثة والمعاصرة قد جعل الاردن ينخرط في ثورته البيضاء الخاصة والتي  كانت العامل الحاسم في النأي بالاردن عن تبعات الثورات العربية والصادمة والتي تجلت في اهدافها ومعايير انطلاقها لما كان الاردن قد بدأ في انجاز تلك المهمات منذ تولي جلالة الملك سلطاته ولذلك اعتبر النموذج الاردني نموذجا استثنائيا رغم واقعه الجيوسياسي في قلب نار الاحداث والتحولات .
من هنا فان الاصلاح السياسي وهو سقف عملية الاصلاح لم يات صدفة او بقرار فوقي انما جاء نتيجة مفهوم التدر ج في عملية الاصلاح السياسي من ادني الى اعلى ومن اعلى الى ادنى وصولا الى الاسناد التشريعي والقانوني والذي تجلى في التعديلات الدستورية والتي تم اقرارها نتيجة مخاض نقاش وعصف ذهني على مستوى الوطن كاملا وصولا الى اعتبار تلك التعديلات وخاصة قانوني الاحزاب والانتخاب كاساس متدرج للوصول الى الهدف الاسمى والاستراتيجي بجسم تنفيذي يرتكز على الاحزاب السياسية وأتلافاتها التوافقة على برنامج يتقاطع بشكل مباشر مع طموحات وآمال الاغلبية المطلقة من الشعب الاردني والحفاظ بالتوازي على معارضة وطنية تصحيحية تقوم على اساس المراجعة النقدية والتغذية الراجعة لبرامج الاحزاب الحاكمة .
ان هذا التحول تتطلب في مراحله الاولى والنهائية الى اسناد شبابي يعزز الابداع الشبابي في كل الاطر من خلال اتاحة الفرصة امام الانخراط الاوسع لفئة الشباب والمرآه في اطار عملية التمكين والتي هي الحلقة المركزية في سياق الاستراتيجية الملكية للتمكين والتحديث السياسي وهنا نود ان ننوه الى دور ولي العهد الحسين بن عبدالله الثاني في التأثير المباشر على القطاع الشبابي وانخراطه المباشر في عملية التحديث السياسي وتدشينه المستدام وتبنيه للابداعات الاردنية والمباردات الشبابية دون محاصصة او تمييز وهو ما يجعل عملية الانخراط الشبابي في مرحلة التحديث السياسي اولوية ليس بعدها اولوية في المهام المطروحة امام سموه .
اذن هذا الوطن صنع مسيرة استثنائية وخاض كل التحديات وما زال وخاصة في الدعم اللامحدود للقضية الفلسطينية وما زال الاردن يتصدى بكل صلابة الى كل ما يحاك ضد القضية الفلسطينية ومحاولة تصفيتها وانتزاع بعدها الروحي والسياسي وخاصة استهداف الوصاية الهاشمية التاريخية والتي لا يمكن ولا باي شكل من الاشكال مجرد التفكير في الحوار حولها لان هذا الوطن انطلق عروبيا وسار عروبيا وسيبقى الحاضنة الحقيقة للقومية العربية رغم كل التحديات .
من التعزيز الى التمكين سنكون سندا وذخرا دائما للاشراف بنو هاشم .