في لحظات صمت مع النفس ،لإعادة ترتيب أوراق الزمن، تظهر شخصيات إيجابية في حياتنا، تلك الشخصيات التي كان لها الأثر الطيب والضمير السليم والتوجيه الأبوي والخوف الإنساني، فمن هؤلاء الأشخاص عميد الصحفيين المصريين في الإمارات أو هكذا يطلقون عليه لتكرار وجوده في معظم المحافل الإعلامية أو حتى في حال عدم حضوره لارتباطاته بمحافل عدة ، قد يكون لقب غير رسمي لكنه في الواقع طبيعي جداً وواقعي بالنسبة للكثيرين من الزملاء الإعلاميين وهو حقا يستحقه عن جداره، أنه الكاتب المصري الكبير محمود علام.
لقد تشرفت بمقابلته منذ زمن طويل، إنه صاحب قلم جريء ومفردات ترتقي لعبارات السهل الممتنع، له قصص أدبية للأطفال ،ترجمت على المسرح ونالت جوائز عديدة ، تمكن من جذب كل من يلتقي به، ويقترب منه، لديه ابتسامة وضحكة يملؤها الحب والصفاء والبراءة، يساعد الجميع بلا غرض أو طلب ولا هدف شخصي ، لا يريد حمداً ولا شكورا بل تنبع سعادته من سعادة الآخرين ،عندما نقابله نشعر بفرحة وسعادة غامرة ترج الوجدان وتسري قي العروق والقلب معاني المحبة، كل من عرفه تعلم منه الكثير في عوالم الكتابة والأدب على المستوى المهني والأدبي ، والحب له استحقاق وجداني ، فمن سماته الحميدة إقباله المنقطع النظير لمساعدة الآخرين ممن هم في نفس المجال الإعلامي ، وطيبة خلقه وقدرته على التسامح والتعايش السلمي وإنكار الذات على المستوى الإنساني في كثير من الأحيان جعل له مكانة عظيمة بين كافة الزملاء الذين تعاملوا معه على الصعيد الشخصي والإعلامي .
أذكر ذات مرة عندما أتصل بي وكنت في القاهرة حينها ،كي أقطع إجازتي هناك لأعود لاستلام عملي في صحيفة الفجر الإماراتية العريقة ، حدثني بصيغة الأب الودود والأخ الحريص على أخيه، وطلب بود أن أعود بأقرب وقت ممكن وقمت بتلبية الطلب وعدت بعد المكالمة بيوم واحد، وانطلق قطار أخر من حياتي ليصل لمحطة تلي محطة في نفس الاتجاه، لأجد نفسي بين ليلة وضحاها ومع مرور الوقت أنني رفيقه القريب لسنوات عدة تنقلنا خلالها لأماكن ما كنت لأراها إلا في وجوده، أنه محمود علام صاحب القلب الكبير والتواضع الجميل والتسامح الذي يكفي العالم ليعيش في سلام.
الأستاذ محمود علام ليس مجرد أسم، بل قصة كفاح طويلة مع القلم ،قصة تضم فصول وأبواب وفهارس وهوامش، تضم تاريخ ومعلومات عن ذاكرة قلم حدق متمعن بجغرافية المكان والتاريخ والفلسفة، كما أنه يعتبر مرجعاً مهماً للباحثين عن المحبة والعلوم في شتى المجالات، تعد ابتسامته حين أطالبه بغلق جمعية محمود علام للأفكار والإبداعات الخيرية، وتدفعني للضحك أحيانا ، وتهديني للاستمرار على نهجه في مفهوم العطاء وتجاوز الهموم ونشر الطاقة الإيجابية، فتشكيل الشخصية المتميزة لمحمود علام لم يأتي من فراغ بل من شخصيات لهم تأثير إيجابي تتوافق مع الميول الشخصي للفرد واهتماماته.
أعتبر واحدا من المحظوظين لمعرفته ومقابلته، فقلما ما نجد من يشد من أزرنا في بعض المواقف ، ويهدينا دوما إلى الطريق السليم، ويقومنا حين نخطأ ويكبرنا حين نلتقي بالكبار، فهناك أشخاص يجعلون الحياة جميلة ولها إشراقه مختلفة تماماً، فالعرفان بالجميل والشكر من سماته وعلمنا احترام الكبير والرحمة بالصغير والابتسامة في وجوه الآخرين ، بدون تصنيف ولا هدف أو غرض شخصي .