هي ليست مجرد رصاصات قتلت وانتهت، وليست مسألة جريمة قتل عابرة، أو حادثة رحيل زهرة فاختفت، الموضوع أبعد من هذا الشكل نحو المضمون، والمضمون أن كل محاولة نحو تصحيح المسار تتطلب شهداء حق يقدمون أرواحهم فداء لقضايا المجتمع، لربما هذا ما حدث، فها هي الشهيدة إيمان قد نثرت أولى بذور إصلاح القوانين، وما علينا سوى الحرث لحصد مضمون يحقق العدالة.
رحلت إيمان برصاصات غدرٍ على يد مجرم لا يليق به لقب الإنسانية، رحلت إيمان وتركت وراءها ما تركته من مسؤولية، تبقى على عاتقي وعاتقكَ وعاتقكِ وعاتقه وعاتقها، على عاتقنا جميعًا تلقى دماء الضحية، ماذا سنحصد بعد تلك البذور؟ وماذا سنقدم بعد دورها من دور؟ هل سنكتفي بشجب وإدانة واستنكار؟ أم سنخوض المعركة بكل اقتدار؟ رحم الله الشهيدة، وجعلها في عليين رفقة الصالحين الأبرار، إنه سميع مجيب، ومن اعداء الإنسانية منتقم جبار.
اما وقد ننعى الشهيدة، ونقدم التعزية والمواساة لأنفسنا جميعا شأننا شأن أهل الفقيدة، فما هي إيمان إلا ابنة لنا وشقيقة، وما نحن الا أهل لنا، فُجِعنا برحيلها، وأبكتنا المصيبة، ليست تلك مجرد كلمات، إنما هي الحقيقة.
وبعد، فعلى عاتقنا جميعا مسؤولية المطالبة الحقيقية بسن قوانين رادعة تضمن لكل أفراد المجتمع حرية العيش دون أدنى شعور بالخوف، ومن هذا المنبر أوجه رسالتي إلى رئيس مجلس النواب المحامي عبد الكريم الدغمي، وإلى رئيس اللجنة القانونية النيابية المحامي عبد المنعم العودات، فأنتم أهل القانون وبه أعلم، وعلى عاتقكم مسؤولية أعظم، أوليس أهل مكة بشعابها أدرى؟ هذا ما نرجو منكم حضرة السلطة التشريعية، قوانين رادعة تضمن توفير الأمان لكافة الأفراد، وعقوبات حازمة تضمن بث الخوف في نفوس الأوغاد، وليس مطلبنا بمستحيل، بل هو وإن جاز التعبير، حق أصيل.
ليست إيمان القضية الأولى، لكننا وبالتكاتف نستطيع أن نجعلها الأخيرة، ارضاءً لروحها الطاهرة، ولتضحيتها العظيمة، ومواساةً لقلب امها الصابر، وكبرياء والدها المكابر، فلنكتفي بما فقدنا من زهور بريئة، ولنقف بحزم وعزم أمام عقول الإجرام الدنيئة، والله من وراء القصد.