١_:اقصد بالمماتنة توثيق الجهود وضمها بعضها الي بعض , كما اقصد تراكم الخبرات بالاستفادة منها جميعا ، وهي حاله إنسانية وتشمل الحالة الأسرية والمجتمعية والشعبية والقطرية ايضا : إنها حالة شعبية وحالة تراثية وحالة فنية وحالة حياتية أيضا .
٢_ والجذر: متن علي وزن: الْمُفَاعَلَة. ومعروف أن المتن هو الأصل أو النص أو الحديث دون حواشيه : والمباعدة في الغاية ، وسير مماتن: بعيد، وسار سيرا مماتنا، أي بعيدا.
قال المظفر العلوي: «أمّا المماتنة فهي تنازع الشاعرين بينهما بيتا يقول أحدهما صدره والآخر عجزه .. وهي المعارضة الشعرية التي نعرفها علي نفس الوزن لشاعر آخر.
٣_ المماتنة لفظ يدل علي تماسك الكيان ومنه تماسك كيان الشعب المصري وتماسك الأسرة ، وقوة ترابط المجتمع والتداخل الذي يجرح أحيانا لكي يكشف جانبا من الخصوصية برغم وجودها وتوفرها الي حد كبير ، ومنه ترابط الوحدة الوطنية لعنصري لامه الإسلام والمسيحية .
٤_ ربما يكون اصطلاحي هذا غريبا علي أذهان القراء ، وأنها المرة الأولى التي يطلق فيها ذلك اللقب علي مصر ، وهذا اللقب وهو المماتنه لصيق بمصر ، وهى كذلك بالفعل ، كما ستري من خلال كلماتي ، انها بلدنا المتينة العظيمة مصر .
٥_ وهو ملمح خفي في مصر يدركه من يدركه ويغفل عنه من غفل ، لكنه موجود بالفعل ، إنها المماتنة المصرية في كل شيء ، إنها الأصالة المصرية ، إنها أخلاق القرية ، وصفات وقيم أبن البلد ، إنها شجره العائلات المصرية ، إنها علاقة الجيران ببعضهم البعض ، إنها وحدة التاريخ المصري بغرفه المختلفة ، إنه انصهار أي قومية داخل الجسد المصري مثل قومية الشراكسة وقومية الشيشان والاوزبك والافغان والفرس والأتراك والألبان واليونان والسودان وتونس والعراق وسوريه وليبيا في بوتقة مصر أم الدنيا .
٦_ إن رسوخ جذور الحرفة مع بعضها ومع مستهلكي الإنتاج .. والتداخل والترابط ما بين التصنيع والاستهلاك سمه من سمات الاقتصاد المحلي ، والذي تحكيه المماتنة الناجحة للعبور بالمجتمع من خلال سورة قريش : لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف .. فمن خلال حرفة قد غلفتها العبادة نجا المجتمع ، وهو نسيج متكامل متين .. فحدثت المماتنة وضمن الله النجاح للمجتمع فضمن لهم الله الأمن والغذاء .
٧ _ ما هي علاقة الأمن بالغذاء؟.. انها علاقة وثيقة نزرع من خلالها القمح بتوشكا ، بدلا من استيراده ليتحقق أمن الوطن ، إن المماتنه بين الأمن والغذاء لصيقة، وقديما قالوا إن الجيوش تزحف علي بطونها .
٨_ وإن قمة ذلك هو اسم الله المتين ..إن اسم الله المتين لا يعني فقط أنه قوي.. لكنه يعني أن صفات الله وأسمائه الحسني راسخة ومتماسكة فمن معني المتين اتصاله بك من خلال أسم الله (الرحيم) أو (الودود ) أو ( الحنان ) ، فأنت في حنان دائم ومستمر ( أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا ) سورة مريم ، إنها شجرة الحب الغزير أو المودة الممتدة والتي تستغرق الدين كله ، والمجتمع والعبادة بشموليتها والنجاة والفلاح .
٩_ هناك فرق بين أسم الله المتين والقوي ، فالقوة ترسانة الأسلحة مثلا ، والمتانهة هي كيف تستطيع أن تحدث هذه المماتنة في القوة بأن تصل هذه الطلقات التي هي قوتك الي كل صدور كل الأعداء بلا استثناء ، إنها استدامة متانة القوة فلا تحتاج إلي مدد ، فالله ذو القوة المتين . والتي لم ترد الا مرة واحدة في سورة الذاريات ، ولعل اقترانه طب كدا باسم ثالث لله كان يحتاج للتأكيد هو الرزاق ، فهو معضلة الإنسان ومصدر تشكيكه وكفره ، ولكن هذا الرزق متين أيضا ، حيث قال سبحانه ( إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) وهذا تأكيد جديد للرزق أنه ليس مضمونا بالقوة وحدها فيختبئ منها أحد أو من يضرك في الرزق متربصا : لا أبدا .. أنه سبحانه أيضا في رزقه متين .
١٠ _ الله المتين تعني أيضا إن الله قريب وأنه غفور وأنه تواب وأنه رقيب ، وإن متانة هذا القرب يجعله معك دائما بلطفه ، وان متانة المغفرة تجعل مغفرته تعم أكثر مما تظن ، وتدرك ما لا يدرك وتغفر أكثر مما تذنب ، وان متانة التوبة تجعلها تدوم وتجعلها توبة نصوحة وتجعلها توبة قريبة أينما
كنت .. إن متانة صفات الله وأسمائه جميعا تجعلها لك دائما حفظا وذخرا واستدامة ومددا موصولا.
١١_ إن اسم الله المتين يعني أنه إذا كان الله سميع فإن هذا السمع هو الذي يضمن توصيل صوتك إلي الله ، ووصول كلام الله إليك .. وقد بدأ ذلك واضحا من خلال كلام الله لموسي لقد تكلم مع موسي ، لأن متانة العلاقة ارتقت بموسي فتكلم مع الله كما يتكلم مع البشر ( مع الفارق القدسي) فجاءت هذه المماتنة أو التكليم في مصر .
١٢_ وهذه المماتنة التي تقرب بين العبد وربه فيعيش العبد حالة المماتنه مع ربه المتين ، أنها المحبة المتينة إنها البشري أفلام ونجاة الإنسان ، حتى تجلت في صوره صداقه بين إبراهيم الخليل وربه.. وتستطيع أن تصل أنت لمثل هذا ، تستطيع كما قال الله في الحديث : أن يكون الله سمعك الذي تسمع به وبصرك الذي تبصر به ويدك التي تبطش بها : وحينها : لأن سالت الله ليعطينك ولأن استعذت به ليعيذنك .
١٣ _ إنه اسم الله المتين ، وهي المماتنه بين الله والناس ، أن الله ذو القوة المتين ، إنها ليست قوه فحسب تقهر بها ، لكنها قوة متين تمتد لتصل إليك حتى لو كنت مجرد فرد ضعيف ، حتى لو كنت في مكان ناء بعيد وأعداءك كثر ، كما قال لوط : لو أن لي بكم قوة أو آوى الي ركن شديد .. لقد أدرك محمد صلي الله عليه وسلم هذه المماتنه بين الله ولوط فقال نبينا الكريم : رحم الله لوط لقد آوي الي ركن شديد (متين).
١٤_ هذا الملمح الذي أطلق عليه لفظ مصدر (المماتنة ) كان إلى وقت قريب عنصر جذب وعلامة من العلامات التي تدل علي مصر ، ومنه خصوصية الريف المصري ، ثم اتخاذه مزارا سياحيا جذابا ، أراه الآن قد انقرض ، ولم يتبقي منه إلا مثل آثار قرية ألجرنه بأسوان الحاصلة علي اعلي وسام عمراني بالعالم .
١٥_ وهذا نفسه هو ما يضمه الاصطلاح العامي ( البلدي يوكل ) لماذا يؤكل ؟ لأنه ليس سطحيا ، أنه قصة طويلة من العلاقات وليس مجرد مصنع ومستهلكين ، أن تربية الفلاحة للدجاج البلدي ليست كالدجاج الأبيض (البلاستيكي) الذي هو مجرد : علف +ضوء +وقت= فرخه بيضاء ، لكن (البلدي بلدي) يأخذ من علاج الترعة وحنان الفلاحة وصلاح الأرض وعطاء البيئة وعناية الشمس ومن الجينات الوراثية الطبيعية ، وتلك هي المماتنة .
١٦_:ربما هذا الكلام قد يفسر لكم إعجاب الدول العربية بالعامل المصري (ايا كان مستواه أو ثقافته سواء غفير أو وزير ) أو ربما أيضا الشركة او العمل الوطني كدولة ، ومن ذلك أعمال حرب أكتوبر ١٩٧٣ (بعيدا عن الحاقدين والحاسدين لمصر) ، إنها المماتنة التاريخية ، إنه ( أي صاحب العمل ) لا يمتلك خبره سطحية من خلال العامل الذي سيؤدي العمل وينصرف ، ولكن ستكتشف من خلال العامل خبرات تاريخية وأداء فيه مماتنة مع معاني كثيرة حتى ولو كانت هذه المعاني إضافة للمعاني التي تعاقدت عليها لاستكمال العمل ، إنها مماتنة شعب وتاريخ أجيال وخبرة المكان مع امتداد الزمان.
17_ إن ألدوله العميقة والتي لا أريد بها أن أتدخل بلا شك بالسياسة ، ولا أن أبرز اي معني سلبي ، ولكن الوصف بالدولة العميقة أي القوية الأبية ، التي لا تستطيع أن تقتلعها ، إنما هو نوع من هذه
(المماتنة) ، إلا أنها لابد أن تكون مماتنة ايجابية وحميدة .
١٨ _ هذا يعني أن جذور المواضيع التي اطرحها تنفي السطحية ، إن صناعة الحظائر لمواشي الفلاح لا يصلح معها البلاط والسيراميك والأدوار المتكررة ، وإنما يلقي العفش أو (التبن ) لكي تبول وتخرج الفضلات عليه الماشية فيكون سمادا ، إن وجود السماد هدف أيضا لذاته كما أن صوف الماشية له دور في استخلاص غزلها وعمل ملابس محليه وطواقي وإن الحذاء البلدي ( البلغة) الملغاة إنما هي صناعه ليست دخيلة ، وإنما جزء من المماتنة العامة في حياة الفلاح .تجعله يستغني عن المال بالأشياء ، ويأتي المال آخر العام لشراء أرض يتماتن معها الفلاح كإضافة جديدة لأصل موجود .
٢٠ _ إن بيت الفلاح يصنع من الطين ويستخدم لذلك قش الأرز أو القمح في مونة البناء إنما هو جزء من هذه المماتنة ، وأن الألبان التي يحصل عليها الفلاح ليست للبيع فقط ، إنها دعامة لصناعه الجبن الفلاحي ثم مرحلة الجبن المخزن المملح ، وصناعة الزبد ثم السمن وغيره ، وسيأتي السائح ليشاهد هذه البيوت المناخية من الطين ، ويري كيف استفاد الفلاح بالدفء في الشتاء والتبريد وتلطيف الحرارة صيفا ، فلا تضع يدك علي الجدار لتجده ساخنا أبدا ، كما نجد ذلك في المباني الخرسانيه الصماء مطلقا .. لهذا نصنع للسائح قري سياحية مماثلة سوف تدهشه بلا شك .. لكنها للأسف انقرضت وأصبحت ذكري .. فكيف نقلد الخيال ، ثم نسميه بعد ذلك أنه محلية أو واقعا يمكن أن يحاكى .
٢١_ إن هذه هي ألعماره الصديقة للبيئة والموفرة للطاقة والتي تعبر عن البيئة وعن محلية العمارة ومن خلال الاستغراق في المحلية نصل إلي العالمية كما فعل حسن فتحي وفاز بالميدالية الذهبية في العمارة علي مستوي العالم ..أنها مماتنة إنسانية مع البيئة .
٢٢_ إن زراعه النخيل ليست مجرد بلح له قيمة غذائية عالية وشفاء من الأمراض ، وان ذكر القرآن لثمرة البلح إنما هو امتدادا لهذه المماتنة ، فذكر نقيرا وفتيلا وقطمير ، وثلاثتهم أسماء لأشياء داخل نواة البلحة.. بينما ذكر أيضا قنوان وصنوان واكمام وجزع وعرجون ورطبا جنيا ..وإن ( الجمار ) وهو قلب ساق النخل طعام يؤكل.. وان الجريد والخيش وسعف النخيل وساق النخيل ليست فضلات ، وإنما ماده خام لصناعه ١_ المقشات الليف ٢_ مقشات القنو ٣_ الشنط واللوحات الجميلة والمحافظ المنسوجة من الخوص ٤_ والكرونه التي تدخل في تنجيد الانتريهات ٥_ وهناك كونتر يصنع من الجريد ٦_ والاسبته والغلقان والمقاطف والتوابيت ٧_ واقفاص الثمار ٨_ واقفاص الطيور ٩_ والكراسي والانتريهات من خشب الجريد ١٠ _ وصناعه العجوه ١١_ ؤالبلح المكبوس ١٢_ ؤالبلح المجفف ١٣_ والمناضد والمقاعد من الجريد ١٤_ وألواح حمل الخبز ١٥_ والمشنات ١٦_ ومربي البلح ١٧ _ وعصير البلح ١٨_ وخشاف البلح ١٩_ ؤالبلح المحشو بالمكسرات ٢٠_ ومحلول البلح السماني ٢١ _ وزبدة البلح ( الدبس )..٢٢_ ما يقدمه الأقباط فى مصر من صناعة أشكال دينية من الخوص وخلافه ،
هذا بالإضافة لصناعات كثيرة لولا هذه المماتنة لكانت الجدوى الإقتصاديه غير ذات قيمة .
٢٣_ وهذا هو الفرق مثلا بين زراعه النخيل في مصر وبين زراعته كمثال في إسرائيل ، إن إسرائيل إلي زوال ليس للأسباب التي في ذهنك فقط والتي نعرفها جميعا من خلال القران ، ولكن أيضا لأنها لا تحقق مثل هذه المماتنة .
٢٤ _ وفي هذا الفسوق بالخروج عن المماتنة إنذار لنا أيضا ، إن لم نستكمل مسيرة المماتنة التي هي موروثة من عند الله ، وبأن نحترم مماتنه ما ورثناه من عند الناس أيضا ، فإذا فقدنا الاولى فتلك خطيئة ، وإذا فقدنا الثانية فذلك عقوق لمن سبقنا بمسيرة الإيمان .
٢٥ _إن نموذج الزخارف فوق سطح النمر أو الحية أو الفهود ليست للزينة ولكنها وسيلة الصياد يخدع بها فريسته في الغابة فبينما الغابة غنية بمثل هذه الأشكال الزخرفيه من حشائش وأوراق أشجار خضراء وآخري صفراء متساقطة فإن زخارف الحيوان تتماتن مع أرضية الغابة فتخدع الفريسة وتسقط بين يدي الصياد بينما الوحش الصياد يتسلل إليها ، إن المماتنة بين أرضية الغابة وجسم الوحش الصياد ضرورة في حياة كائنات الغابة .
٢٦_ وهناك حيوانات أخرى كالحمار المخطط تتعامل بزخارفها مع كل من : الأسد وحشرة الذباب وحرارة الجو.. إن خطوطه المشكلة علي ظهره ستخدع الأسود وهي تجري فلا تحدد موقع الفريسة جيدا بينها وبين زملاء رحلة الفرار (من الحمير) خوفا من الأسد .. كما أن الذباب القاتل ينزعج من النموذج المخطط فيأممن الحمار لدغته .. ويتباين السلوك الشمسي بين الأبيض والأسود فيحدث تبريد للجسم وقت العرق ، إن مناسبة الزخرف لجسد الحمار تجعله حلا فريدا وتظهر مماتنه الخطوط مع البيئة من شمس أو خداع للأعداء أو حفاظ من التلوث واللدغات ، إن الله لا يجامل الحمار علي حساب الأسد ، ولكنه (سبحانه ) جعل الحمار أيضا أعمي باللون ألزخرفي البرتقالي الذي هو لون الأسد ، فإذا تسلل الأسد واجتهد ولم يكشف خطته فريسته من الحمر المخططة ، ثم نجحت إرادته المتينة ، فذلك مشهدا من مشاهد المماتنة ، أنها مماتنة مستمرة مع زخارف الغابة وألوانها .
٢٧_ نأتي إلي ملمح آخر وهو استخدام المراوح النخيلية والنصف نخيلية palmit & half palmit في الفن ألزخرفي والتشكيلي الإسلامي سواء بمصر أو بالعالم الإسلامي كله إنما هو بوحي من القرآن بما احتفى به من ذكر للنخيل بالكتاب والسنة ، وامتدادا للمماتنة التشكيلية بالبيئة المصرية والعربية ، والمماتنة التشكيلية بالفن والتي تجعل الوحدة الزخرفيه متينه مع التشكيل لا تنفك عنه ، فلا تستطيع نزع ملمح من مكانه أو استبداله إلا أحسست بالاختلاف ، وهذه هي المماتنة.
٢٨_ إن المماتنة في الفن كذلك مبدأ فليست الزخارف مجرد ذواق يضاف للمبني ، ولكنها زخارف عضوية وجزء من شجرة المبني . إن أوراق النبات وسيقانه لها كفل من شكل النبات وحجمه وطعمه وفائدته أيضا ، فالمقرنصات ذات الشكل الجميل لا يجب أن توضع في اي مكان كحلية ولكنها حيلة للانتقال من الشكل الراسي إلي الشكل الأفقي أو العكس ، أو لتغطية الأركان .. إن الفتحات التي تغطي بنصف دائرة أو اي شكل دائري من مركز واحد أو عدة أقواس ليست حليه إنها حيلة من علوم الاستاتيكا لنقل الأحمال من اعلي لأسفل بسلام ، وما القبة والقبو والطاقية إلا أشكال فراغيه تنقل الأحمال الاستاتيكية والديناميكيهة بسلام .
٢٩_ إن المماتنة هي سر من أسرار نجاح فرقه رضا للفنون الشعبية وأن الارتباط بين مصرية الفن ومهنة الفلاح والصياد والخباز لا ينفك إحداهما عن الآخر ، إنه ارتباط وثيق يأخذ منه الراقص كل ملامحه من المجتمع والحرفة واللغة فى التراث الشعبي .
٣٠_ لماذا لم نرى مثل فرقه رضا في غير مصر من الدول العربية؟ ، أو لم نرى ذلك حتى في مصر نفسها ؟ ، أما الثانية فلأن رضا رأى رؤية لم يراها غيره من المصريين ، وأما الأولى فلأنها خصيصة مصرية للتفوق إنها المماتنة وليست السطحية في إخراج تصميمات الرقص وفي تنفيذها.. ربما فقدنا الكثير حقا ، لكنني معكم الآن أراجع حسابات التاريخ والمجد ، من خلال قصص النجاح والتفوق والتنظير لمجد رحل ، والتخطيط لمجد قادم .
٣١_ ان سر نجاح وتفوق المقرئين المصريين عن سائر قراء العالم ليس إلا لأنهم عاشوا القرآن وعاشوا مصريتهم وعاشوا الكتاب بضم الكاف ، وعاشوا من سبقوهم باحترام واحتراف ، ورصدوا إمكانياتها الصوتية بمتانة اي بلا احتراس ولا احتراز ، وليس ذلك مجرد كونه حلية صوتية كما يفعل قراء آخرين من غير مصر لا أسميهم ، وإلا فمن غير مصر يمكن أن تنجب : ألحصري والبنا وعبد الباسط والمنشاوي ومصطفي إسماعيل والشعشاعي والفشني والزاملي وزاهر ونعينع والخشت ورفعت وشعيشع ، أن كل هؤلاء العظام ، وسادة قراء العالم ، هم حصاد ١٠٠ عام تزيد أو تنقص فأين قراء مصر خلال ١٥ قرن ، والاجابه ستجدها من خلال رسالتهم التي حملوا فيها معنى المماتنة .
٣٢_ إن المماتنة هي شرح جديد رسالة الله إلى عبادة ، وهذا درب من دروب تجديد الخطاب الديني الذي يرتدي في كل زمن لباس جديد ، أن إخراج القديم في ثوب جديد هو درب من دروب المماتنة لكن العبرة من هذا المثال السابق والهدف منه واحد ، أنه ستر العورات ، وألا نفتري علي الله كذبا ،
٣٤_ هل جئت إليكم بشيء جديد مفتري ، الاجابه لا ، ولكن (قلبت دماغكوا ) إن معرفة الله هي سبيل النجاة الوحيد ، وهي دليل بطلان الآلهة المزيفة مثل الشمس والقمر والنجوم والأحجار والأوثان والتماثيل والبقر ، وما إلى ذلك من الخرافات التي لا تحقق المماتنة أو اسم الله المتين ، إن الشمس ليست متينة إن نورها ما هو إلا انشطار نووي ، وما نور القمر إلا مجرد انعكاس ضوئي ، وهكذا بينما نور الله متين ، يملأ الكون والجسد والأرض واللحم والعظم والدم
٣٥_ إن المماتنة من اسم الله المتين ، وان المماتنه منهج حياه .. وإن المماتنة هي شرح جديد لقصه العبادة والصلاة والذكر المتبادل بين الله وسائر المخلوقات : أنت تصلي علي النبي ، والله يصلي علي النبي ، أنت تذكر الله والله أيضا يذكرك .
٣٦ _ إن زيارة واحدة لمصر لن تستطيع أن تصل إليك أيها الزائر بمثل هذا المعني أبدا ، بينما وصل إليه سحرة فرعون في لحظه إيمان ، فحصلوا في ثواني معدودات علي أعلي درجات ( العلم بالدين ) وأرفع درجات الإيمان بالله .
٣٧ _ ربما بعضا من المصريين الذين يعيشون على أرض مصر يأكلون ويشربون من النيل ولكنهم لم يصل إليهم مثل هذا المعني العميق حتى الآن ، ( لكنهم سيهتدون إليه بالتأكيد مثل سحرة فرعون بمجرد أن دبت الحياة بقلمي اليهم .. أو بما كشفت عن صفحة مقالتي فخرجت بيضاء ) .. إن من يؤمن بالله ، ثم هو يعشق مصر أو يعشق وطنه ، ويمزج في عشقه من العقل والعاطفة والوجدان والشريعة والقرآن سوف يصل الي مثل هذا بالتأكيد .