رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

"تريندز" يكشف في دراسة حديثة رهانات واستراتيجيات حركة النهضة التونسية بعد 25 يوليو 2021

تريندز يكشف في دراسة حديثة رهانات واستراتيجيات حركة النهضة التونسية بعد 25 يوليو 2021
جوهرة العرب 

كشفت دراسة بحثية حديثة، أصدرها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، الاستراتيجيات والخطط التي اعتمدتها "حركة النهضة" لكي تتفاعل مع تطورات الأحداث في تونس وتستجيب للتحديات المطروحة عليها، في مستوى الخطاب والممارسة وفي اتجاهها نحو الداخل حيناً والخارج أحياناً كثيرة، وذلك في إطار تحقيق جملة من الأهداف والرهانات الاستراتيجية التي تخدم الحركة وتحركاتها.

وأكدت الدراسة، الصادرة بعنوان: "استراتيجية حركة النهضة بعد 25 يوليو 2021 .. الخلفيات والرهانات"، وأعدها الدكتور فريد بن بلقاسم، الباحث غير المقيم في "تريندز" والمتخصص في الحركات الإسلاموية في تونس - أكدت أن حركة النهضة لديها رهان وجودي يتمثل في المحافظة على شرعية وجودها من الناحية القانونية المهدَّدة بفتح ملفات قضائية ذات علاقة بقضايا الجهاز السري، والتسفير إلى بؤر التوتر، والاغتيالات والتمويلات الأجنبية، وهي الملفات التي أثارتها بالخصوص لجنة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، كما تراهن الحركةعلى استعادة موقعها في الساحة السياسية من خلال استئناف علاقاتها مع مختلف الأطراف الحزبية والمدنية، فضلاً عن رهانها على استعادة شعبية مفقودة تراجعت تراجعاً لافتاً؛ بفعل الفشل في تجربة الحكم، وانكشاف وهم شعاراتها الأيديولوجية.

أدبيات المظلومية

كما ذكرت الدراسة أن حركة النهضة تسعى إلى المحافظة على وحدة جبهتها الداخلية والحد من نزيف الاستقالات والانتقادات لقياداتها، مستعينة بتجارب الماضي وأدبيات المظلومية والتضحية والابتلاء، غير أنها لم تتمكن من استعادة القيادات المستقيلة ذات الوزن داخل التنظيم سابقاً، من أمثال عبداللطيف المكي وعبدالحميد الجلاصي وسمير ديلو.

وأشارت الدراسة إلى أن الحركة تطمح أيضاً إلى استئناف علاقاتها السابقة في الساحة السياسية والاجتماعية والنقابية من خلال اللقاءات والمشاورات وتنسيق المواقف، ولكنها لم تستطع حتى الآن، برغم مساعيها من خلال البيانات والخطابات، أن تحقق اختراقاً في هذا المستوى، ومازالت تعيش العزلة وتتجنب الأطراف الوازنة التعامل معها، فضلاً عن أنها تسعى إلى تحريض فئات واسعة من المجتمع على معارضة إجراءات الرئيس التونسي قيس سعيّد، وتجييش الشارع للاحتجاج على سياسته، في مسعى لاستعادة شعبيتها المتراجعة. وبرغم تخفيها وراء تشكيلات من قبيل "حراك مواطنون ضد الانقلاب" فلا يبدو أن الدعاية النهضاوية قد وجدت لها صدى لدى أطياف واسعة من المجتمع إلى الآن، برغم ما تشهده الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية من صعوبات.

تأبيد الأزمة السياسية

وبينت أن خطة حركة النهضة تعمل على تأبيد الأزمة السياسية واستمرار حالة عدم الاستقرار في الصُّعُد كافة التي تعيشها تونس منذ أكثر من عشر سنوات؛ لأنها تشكل بالنسبة إليها الحالة المثالية التي تمكّنها من المحافظة على وجودها ومكانتها ودورها، بصرف النظر عن انعكاساتها الوخيمة على الدولة والمجتمع، وهو ما يبرهن مرة أخرى على أن ما يحكم حركة النهضة هو منطق الجماعة الإسلاموية الإخوانية وحسابات مصالحها وارتباطاتها الإقليمية والدولية، لا منطق الدولة الوطنية.

وأوضحت أن حركة النهضة تسعى إلى المحافظة على صورتها في الخارج والعمل على الاستعانة بالقوى الأجنبية للتأثير في توجهات رئيس الجمهورية قيس سعيد، من خلال تصوير الأمر على أنه صراع بين الاستبداد والديمقراطية أو بين الانقلاب والشرعية، ولم تستطع حركة النهضة تحقيق ما ترجوه من نتائج في هذا المضمار، ويبدو أن تونس تسير في اتجاه خريطة الطريق السياسية التي رسمها الرئيس قيس سعيّد، برغم ما قد يحيط بها من صعوبات من أخطرها تأزم الوضع الاقتصادي.

رهان وجودي

وحذرت الدراسة البحثية من أن أخطر رهان وجودي تعمل حركة النهضة على أن تكسبه من خلال كل الخطط التي وضعتها هو المحافظة على وجودها في الساحة السياسية، باعتبارها حزباً معترَفاً بشرعيته، ولاسيما في مواجهة الملفات القضائية التي تلاحقها، وهي تحاول أن تستغل كل ثغرة ممكنة لتتفادى هذا المصير، حيث أصبح من الواضح كم الضغوطات التي تحيط بحركة النهضة منذ 25 يوليو 2021، ومما زاد من تعقيد وضعها أنها افتقدت حلفاء ذوي شأن وتأثير في الداخل والخارج كان يمكن أن تعوِّل عليهم في فك عزلتها، كما أن الحركة الإسلاموية باتت تدرك أن نجاح الحكومة التونسية في تجاوز الأزمة الاقتصادية واستعادة حالة الاستقرار في الدولة والمجتمع قد يزيد من تهميش موقعها ودورها في الساحة السياسية ويعمق حالة التراجع التي تمر بها.