تتجاوز تجربة الشاعر زياد العناني الذي يكرمه مهرجان جرش يوم الخميس 28/ 7 / 2022، بجائزة الدورة السادسة والثلاثين القصيدة التقليدية إلى فضاء يوازن بين الشكل وموضوع القصيدة، فالحرية لا تتوقف بالنسبة للشاعر عند الخروج على المناسباتية والغرضية الشعرية بل تذهب إلى شكل القصيدة وجمالياتها البصرية التي تتوائم مع إيقاع العصر بخفوت النثر.
ولهذا جاءت قصيدة العناني متخففة من العناصر التقليدية باقتراحات جمالية تستعير مادتها من الصورة وبلاغة التكثيف ودهشة المفارقة التي تنبني في قالب رشيق بصريا وقرائيا.
وذهبت قصيدة العناني إلى جوهر الشعر، بوصفه ترنيمة خاصة يناجي بها الوجود من خلال رسم مشاهد مستمدة من مناخاته البرية البكر التي تتتمرد على سلطة السائد وتكون مليئة بالأغصان الرطبة اليانعة التي تنبه كل الحواس برقة، غير أن القصيدة بالنسبة له تمثل خطابا ذهنيا لا يسعى معه إلى تفكيك الواقع فحسب، بل إلى هدم الصور المشوهة القارة في العقل.
قصيدة العناني لا تخلو من جدل وفلسفة تقوم على الهدم والبناء، وإعادة تشجير النص بغابات تعج بالصور الطازجة والتي لا تخلو من الشجن المحكوم به الوجود، والتي اختزلها الشاعر في عناوينه اللافتة، وتشي بمصير الإنسان المحكوم بالكمائن والمرض والدموع والأسف.
لقد شكلت تجربة العناني الذي يرقد على سرير الشفاء محطة مهمة، وناجزة في المشهد الشعري الأردني والعربي من خلال الأسئلة التي طرحها بوعي موجوع لمساءلة الواقع المشوه والموبوء في عدد من المجموعات الشعرية، منها: "خزانة الأسف"، في الماء دائماً وأرسم الصور"، "كمائن طويلة الأجل"، "مرضى بطول البال"، "تسمية الدموع"، و"زهو الفاعل".
والشاعر زياد العناني المولود في ناعور مطلع الستينيات من القرن الماضي، عمل في الصحافة الثقافية الأردنية في صحيفة "الرأي" و"الغد"، وهو عضو رابطة الكتّاب الأردنيين، والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب.
وكانت وزارة الثقافة كرمت العناني في الدورة الأولى من "ملتقى الأردن للشعر" مع صدور مجموعته الأخيرة "زهو الفاعل".