تأتيني استشارات عديدة من عدد من النساء يعانين من توتر وارتباك وفقدان توازن في حياتهن اليومية و الأسرية ..فأكتشف أن معظم ما نعانيه من أزمات نفسية قد تؤدي بالعديد منا كنساء إلى اكتئاب هو كوننا نعيش أولا في مجتمع قاس لا يمنح المرأة هامش التعبير منذ الطفولة، فتبقى مقموعة ممنوعة تحت طائل العيب ووجوب الاحتشام المفرط أحيانا .
وما يمليه علينا الوعي المجتمعي من اعتبار مفرط للآخر على حساب الذات . كل ما أردنا تجربة شيء نبهونا إلى حكم الآخر، فعظمت في داخلنا رقابة للأخيار، وأصبح كل همنا أن نحظى بقبول المجتمع، ولو حتى على حساب راحتنا الداخلية، وباسم الدين أيضا تم سلبنا تلك الحرية في التجربة والتعبير بدون خوف من حكم المجتمع. ثم - و لتدني الوعي النفسي والاجتماعي لدى قاعدة مهمة من المربين - تتراكم مجموعة جروح لا تعالج في حينها ومع تراكمها ترسم لنا ملامح شخصية ذاك الإنسان ذكرا كان أو أنثى إما شخصية ضعيفة مهتزة أو شخصية عدوانية عالية في القوة وما بينهما من أشكال أخرى يحاذيها التوازن و الصواب،ولكن الأنثى تجنح أكثر إلى أن تتأثر نفسيا أكثر في مرحلة ما بعد النضج .ذلك لأن المرأة تركيبتها النفسية رقيقة وعاطفية بالأساس.ثم في مجتمعنا المرأة تتعرض لضغوطات نفسية واجتماعية تفوق الرجل، ولكون المرأة المغربية بالخصوص تعشق العائلة وتتفانى في تحمل مسؤولية الحفاظ عليها ، وهي المجروحة والهشة نفسيا و الضعيفة في امتلاك مهارات نفسية تعينها على إدارة المشاكل الزوجية والحياتية بمهارة ، فتصطدم في مرحلة أخرى بتربية الأطفال التي لم تتلق عنها تأهيلا قبليا يعينها في ذلك، فتصل إلى مرحلة فقدان التوازن وما يأتي بعدها من أزمات نفسية تتعاظم إن لم يأخذ بيدها في رحلة وعي وتوجيه سليم. خلاصة الأمر أن المرأة تحتاج إلى رعاية منذ الطفولة، تحتاج إلى الاحتضان النفسي من طرف الأهل أولا ثم الزوج ثانيا، تحتاج إلى اهتمام مجتمعي بها وتقدير لها والوعي الكبير بدورها في تشكيل توازن المجتمع عموما،
فالنساء أطلق رسولنا الكريم عليهن أسم القوارير ودعا إلى الرفق بهن في قوله صلى الله عليه
وسلم "رفقا بالقوارير" إشارة إلى رقة إحساسهن وعزة لأنفسهن وسرعة انكسارها عند كسر خواطرهن و الرفق بهن وصية نبوية عظيمة ،ويا سعده من فقه الأمر و جعله منهاج حياة في علاقته بالمرأة.