وضع الكثير من الطلبة الذين تفوقوا في إمتحان الثانوية العامة ،وذلك بعد إعلان نتائج التوجيهي للعام 2022 في الثامن عشر من آب الجاري،وضعوا الأمور في نصابها الصحيح،حيث أن بعض هؤلاء الطلبة اعتمدوا فقط على مدارسهم فحسب،وعلى المنهاج المدرسي للدراسة فقط لهذا الإمتحان المصيري فكان التفوق حليفهم.
فأحيانًا ليست المدارس الخاصة،ولا الدروس الخصوصي،ولا الإنترنت والهواتف الذكية،ولا حتى الملخصات والدوسيهات هي من تؤهل طلبتنا للتفوق ،ولا حتى للنجاح،فالدراسة على المنهاج المخصص من وزارة التربية والتعليم وبتمعن ،كفيلة بأن تجعل الطالب يحصل على النجاح ،بل والتفوق أيضًا حتى وإن كان يعيش في الصحراء ،أو في خيمة ،وفي مناطق تخلو من كل مظاهر التكنولوجيا الحديثة.
وكنا في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي،وقبل ذلك بعقود نستمد المعلومة من الكتاب المدرسي فحسب،ونعتمد على شرح المعلم فقط،ونحقق ما نحقق من درجات مرتفعة في كافة المواد الدراسية،بل وتفوق بعضنا في إمتحان التوجيهي ،والحصول على أعلى الدرجات ليتسنى لنا دراسة ما نشاء في جامعاتنا دون الحاجة الدروس الخصوصي،وما وجود نُخبة من السياسين ،والمثقفين،والمحامين،والمهندسين،والمهنيين،والأدباء والكتاب وغيرهم ممن تقلدوا مناصب عُليا في الدولة،وممن لم يتقلدوا لأكبر دليل على ذلك.
بعض طلبة الثانوية العامة في المملكة وممن تفوقوا في هذا الإمتحان لهذا العام أعادونا لزمن
التوجيهي الجميل ،ليثبتوا وبكل إمكاناتهم بأن الإرادة تتحدى الصعاب ،حتى وإن كانت ظروف الحياة قاسية،معتمدين فقط على
الكتاب المدرسي ،وما يُقدمه لهم المعلم من شرح للمنهاج.
فالطالبة ذكى الحراحشة على سبيل المثال تحدت كل ظروفها،حيث كانت تسكن في خربوش بالقرب من قرية سامتا في محافظة عجلون ،وتعيش مع والديها الذين يمتهنون رعي الأغنام ،وكسب لقمة العيش.
ذكى والتي لها من إسمها نصيب حصلت على معدل 99 في الفرع العلمي،لتحتل المركز الأول في محافظة عجلون ،حيث حصلت على هذا المعدل من دون مدرسين خصوصي ،ولا انترنت،ولا هواتف ذكية،درست كما كتب عنها الدكتور طه الحراحشة تحت أشجار البلوط،وكانت غرفة جلوسها شجرة القيقب،وهي الأشجار التي تشتهر بها محافظة عجلون .
وفي منطقة المزار الجنوبي في محافظة الكرك ،تفوق شقيقين في إمتحان التوجيهي ،حيث يقيمان في خربوش أيضًا في منطقة صحراوية ،حيث يعمل الأب بائع للخضار على الطرقات،بمساعدة الأبن،والأم مريضة منذ17 عاما،لتتولى الإبنة واجبات الأسرة،ورغم ذلك تفوق الإبن والابنة في إمتحان التوجيهي،من دون وجود وسائل التكنولوجيا الحديثة.
محمد صالح الفواعير،وهو طالب كفيف،ويغسل الكلى ، ويُقيم في منطقة علان في محافظة البلقاء وسط المملكة، تحدى كل هذه الظروف للتفوق في إمتحان التوجيهي في الفرع الأدبي،ليحصل على معدل96،10 محققًا حلمه في التفوق،طامحًا بدراسة تخصص اللغات.
أما الطالب صالح والمعروف إعلاميا بفتى الزرقاء ،والذي نعرف جميعا تلك الظروف التي مر بها،وما لحقه من أذى نفسي ،وجسدي،بعد ما تعرض له من بتر اليدين وغيرها من الأمور،تفوق هو أيضا في إمتحان التوجيهي وحصل على معدل85 ويطمح لدراسة القانون.
وبعد فإن هذا قليل من كثير لقصص نجاحات في إمتحان التوجيهي،تحدى أصحابها ظروفهم الصعبة ليحققوا التفوق في الثانوية العامة ،وكلنا أمل أن يحققوا أحلامهم .