الدكتور ناصر البزور يكتب : تِدلَّل يا راعي الخربوش

 

بَلغني  قبلَ قليلٍ أنّ الطالبة المُتميِّزة ذكى الحراحشة قد تمّ قبولها في كلية الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا...

ذكى 'الحرحشية الحسنية' الرائعة الأصيلة كأصالة أشجار غابات عجلون الضاربة الجذور في أعماق الصخور لم تلتحِق بمدارس عمّان البرجوازية...

ذكى الحراحشة لم تَنعم يوماً بِحمَّام الساونا أو الجاكوزي في قصر أبيها الفارِه...

ذكى الحراحشة لم تتمتّع بإجازة نهاية الأسبوع في روما ولا في لوس أنجيلوس...

ذكى الحراحشة عاشت ودَرَست بين أروقة الخربوش المتهالكة...

 ذكى الحراحشة رَعَت الشياه وحلبتها صباح مساء طوال حياتها وحتّى وهي تستعد لامتحانات التوجيهي...

ذكى الحراحشة لم تجد مِن أشكال الرفاهية ورغد العيش غير إبريق الشاي "المشحبر"  ليكون ونيساً لها وهيّ تقوم بحلِّ معادلات التفاضل والتكامل...

ذكى الحراحشة لم تكن تدرس مُستلقيةً على الكرسي الهزّاز بجانب ال Fire-place وأمام ألسِنة نيران خشب اللوز والسنديان والأبانوس... بل كانت تجلس "مُتربِّعةً" على "الجاعد" بجانب "نُقرَة" النار إذا توفّرت بعضُ قِطعِ الخشب أو الأشواك...

ذكى الحراحشة لم تكن تدرس ومِن حولها كافة أنواع الموسيقى الكلاسيكية والشبابية والعاطفية التي تتناسب مع حالتها النفسية؛ ولكنّها كانت تدرس في جوف الليل وعند ساعات الفجر على أنغام ثغاء الحِملان والنعاج ونباح بعض كلاب المنطقة...

ذكى الحراحشة لم تكن تحصل على وجبات Mac ولا ال Pizza Hut الديليفري عند شعورها بالجوع في منتصف الليل؛ بل كانت "تمرُط" قطعةً مِن خُبز الشراك المُمتزج برائحة دخان النار لتُنسيها جوعها وعِراك مصارين بطنها... 

وبالرغم من كلِّ مظاهر وأشكال الفقر والعوز وشظف العيش، فقد أبدَعت ذكى الحرحشية النجيبة الذكية وتفوَّقَت وحصَلَت على المرتبة الأولى في الفرع العلمي في محافظة عجلون بمعدّل 99...

ذكى الحراحشة قدَّمَت لنا دروساً في التنمية البشرية وفي معاني الإرادة والعزم والاجتهاد...

ءكى الحراحشة أذكَت في نفوسِِ الشباب الفقراء والمُعدَمين بصيصَ وقُبَس الأملِ وجذوة نار الطموح والتميُّز...

ولذكى الحراحشة ولأهلها الكرام نقول:

تِدلَّل يا راعي الخربوش... تدلّل يا ذكى الزين...

العِلم ما ينشرى بقروش... ما هو سيّارة ولا هجيني

 #تحيا_ذكى