اختارت صحيفة تليغراف البريطانية الجنيه المصري (الورقي) ضمن قائمة أعدتها لأجمل العملات على وجه الأرض ، وذلك خلال عام ٢٠١٥ ، لكن الإعجاب بالعملات المصرية يظل مستمرا من خلال براعة التصميم والانتقاء ، ومن خلال رسوم العملة المصرية بارعة التصميم والأصالة المفعمة بعبق التاريخ ، والتي يحمل أحد أوجهها الطابع الإسلامي بينما يحمل الوجه الآخر الطابع الفرعوني .
وقد حالف التوفيق كل الخيارات فأصبح الوجه الرسمي للعملة المصرية إسلاميا ، إذ أنه الطراز الأحدث والمعبر عن الامتداد الحضاري الحالي للكيان المصري ، بينما الوجه الآخر والضارب بجذوره في عمق التاريخ هو الطراز الفرعوني ، والذي جاء علي الوجه الآخر للعملة ، ومن التوافقات اللطيفة اختيار الوجه الفرعوني لوجه اللغة ألأجنبية للعملة ، ولعل ذلك من أحد أسرار احتفاء العالم بعملاتنا المصرية ، بينما الوجه العربي اختير له الطابع الإسلامي ، وهو خيار موفق يترعرع خلف وحدتنا العربية .
إن عملة الجنيه التي تعد أروع وجه للعملات في العالم ، لم يستخدم لها إلا لون واحد فقط وهو لون الحجر ، بينما يحتفي الجنيه المصري بأروع قبة قد تم تنفيذها في العالم كله ، وهي قبة السلطان قايتباي الذي حكم مصر في أزهى عصورها ، والتي تحتفي بإيقوناتها الهندسية متوافقة مع إيقوناتها النباتية غير عابئة بتبعات التناقص المساحي لجدار القبة كلما ارتفعت لأعلي لتحتفي بالتشكيل ألزخرفي كاملا بلا نقص أو خلل ، ولكنه سحر التصميم المتألق الذي ليس له مثيل ، ويعد قايتباي أحد السلاطين البنائين الذي ترك لنا تراثا في جميع أرجاء مصر ومنه قلعة قايتباي بالإسكندرية .
وقد اختيرت عملة أل ١٠٠ جنيه المصرية ضمن أفضل خمس عملات علي مستوي العالم ، بما تحتوي علي وجهها الفرعوني من رسم أبو الهول علي الوجه الفرعوني أو الأجنبي للعملة ، بينما جاء رسم مسجد السلطان حسن علي الوجه الإسلامي العربي للعملة ، فصنفت هذه العمله في المركز الرابع عالميا .
إن مشهد مسجد الأمير احمد بن طولون علي صفحة عملة الخمسة جنيهات المصرية ، قد جاء بحسن اختيار ديكورها وإبعاد منظورها الداخلي للمسجد ، وإبراز أهم ملامحه وقدسيته التي تفوق قدسية معبد البارثينون اليوناني الأب الرسمي لحضارة أوروبا بشهادة الباحثين الأجانب مثل ديزمونت ستيوارت ، برغم عدم استخدام ألوان للعملة ولا للمسجد.
أن العملة المصرية فئة ال٢٠٠ جنيه برغم حداثتها ألا أن مسلسل التوفيق والروعة تجاه هذه العملة جاء في غاية الجمال والروعة ، بحسن اختيار ملامح مسجد (قاني بآي الرماح) وبراعة الألوان المختارة ، ومن توضيح للملامح والزخارف الجيدة بقبة المسجد .
ومن خلال جامع ابوحريبه المملوكي الجر كسي تتعلق عملة ال٥٠ جنيه بهذا المسجد الذي بناه الأمير قجماس الاسحاقي ، وتحمل ملامحه قمة تطور العمارة المملوكية البرجية ، إلا أن احتفاء المصريين الزائد بالصوفية نسب المسجد إلي الصوفي العابد ابوحريبه
والحقيقة أن العملات المصرية ثروة قومية في جمال تصميم أوراقها ، وفي رضي السياح والأجانب عنها أيما رضا ، وإعجابهم بها بكل صور التبجيل والاحتفاء والتقدير.
لذا فإن جمال ومظهر العملة المصرية يعتبر أحد المكاسب المصرية المعروفة ، والتي يجب أن نحافظ عليها وعلي تصدرها قائمة العملات العالمية ، وان نستمر في بذل الجهد في تطوير العملات المصرية للأفضل وجاء ذلك واضحا من خلال عملة العشرة جنيهات المصرية والتي أصدرها محافظ البنك المركزي أخيرا في عصر الجمهورية الثانية ، تحت رعاية الرئيس القائد المشير عبد الفتاح السيسي .
وجاء هذا التغيير الأخير رائعا وطفرة في تاريخ العملة المصرية إلا أن جانب السياسة هو الذي تسيد الموقف ، وذلك بإبراز مسجد المشير القائد الأعلى للقوات المسلحة وزعيم مصر لمسجد الفتاح العليم كرمز إسلامي من رموز تحيا مصر ، وكمعلم بارز علي وجه عملة العشرة جنيهات المصرية ، بدلا من مسجد الرفاعي الأثري البهيج بما فيه من روائع لا تعوض أو إمكانية تجاوزه لغيره ، لكن يبدو أنها سنة الحياة التي إحالته للمعاش رغم حداثته بما بلغ به الزمن ، إذ أنه احدث آلا ثار المصرية المصورة علي وجه العملات المصرية جميعا.
وأنها لخسارة عظيمه أن نودع مسجدي ألسيده عائشة والجامع الأزهر علي عملتي ال٢٥ قرشا وال٥٠ قرشا وارى إلا أن يتم إلغاؤهم حتى وإن كانت القيمة المادية هزيلة ، وكأنهم بوجودهم سند اقتصادي للجنيه المصري الذي يتجزأ إلي ماهو أصغر منه ، وحفاظا علي تراث الأزهر الشريف الذي استحوذت عليه عملة النص جنيه الذي يجمع بين الطراز الأيوبي والفاطمي والمملوكي والعثماني بمآذنه العريقة وفناؤه العتيق .
إن رسالة العملة المصرية مازالت تحمل الريادة والقيادة في مجال جمال التصميم وروعة الإخراج وتعبيرها عن نهضة مصر وتطورها مع ركب التطور العربي المستمر والوحدة العربية التي ننشدها .
أن حسن اختيار وتصميم العملة المصرية لم يترك أثرا جماليا فحسب ، وإنما ترك أثرا سياحيا عالميا وجذبا واحتراما وتقديرا من كل دول العالم لحضارة مصر العربية ، والتي أحسنت فيها وزارة المالية عبر العصور حسن التعامل مع وجه العملات الورقية ، ومع تاريخ تطور وتصميم العملة المصرية الورقية عبر العصور .