التوجيهي… القبول الموحد… القبول الجامعي… السنة التحضيرية… الموازي… عناوين عادت للحضور والتداول مرة أخرى؛ وفي وزارات سابقة ومنذ سنوات تم التداول والخوض فيها ولكن نعود إلى التوجيهي والقبول الموحد، ولم تنجح أي وزارة سابقة في التغيير، والسبب أنك تقترب من المحذورات وإرث مجتمعي راسخ لدى الطلبة والأهالي، ورغم الأرق الذي يسببه التوجيهي، إلا أن الأهالي والطلبة يتوجسون خوفاً من غيره، فالتوجيهي ما زال آخر الحصون الموثوقة في نظامنا التعليمي.
السؤال: هل التوجيهي صالح لقياس قدرات الطلبة؟ والجواب الحقيقي… هو مؤشر لذلك، رغم وصفه بالإمتحان التحصيلي المعتمد علي الحفظ ومستويات معرفية أولية وليست عليا مثل التحليل والتجميع أو التركيب أو التقييم، أي أنه تربوياً يقيس حدود دنيا من المجال المعرفي- المعرفة، وحدود أدنى للمجال الوجداني- الإتجاهات والمواقف، وقد لا يقيس بتاتاً الجانب النفس حركي - المهارات، وهذا واقع، ومع ذلك نقبله معياراً أساسياً لتسكين طلبة التوجيهي في التخصصات الجامعية المختلفة بكالوريوس ودبلوم.
القبول الموحد يتعامل مع ارقام ودرجات واولويات تصاعدية وتنازلية في تحديد التخصصات لقبول خريجي التوجيهي في التخصصات المختلفة، ولو قبلنا افتراضاً أن معدل التوجيهي يقيس القدرات جميعها( وهذا إفتراض مختَلَف على صحته ومنفي من الوزير)، يبقى القبول الجامعي مقروناً بالقدرات ومغفلاً الإتجاهات والرغبات، وهذا ما نكرره منذ سنوات، ورغم الإعتراضات نحتكم له في النهاية، ومطروح تطوير إمتحان التوجيهي ليصبح أكثر قدرة على قياس القدرات والميول والإتجاهات والمهارات… وسناريوهات أخرى طرحتها لجان تطوير الإمتحان، ليكون أكثر دقة في التقييم والتوجيه نحو القبول الجامعي بشكل أفضل إذا أخترنا أن نستمر في ذات سياسة القبول السابقة.
السنة التحضيرية وإمتحان القبول الجامعي، هذا موجود في الكثير من دول العالم، ويطرحه مجلس التعليم العالي ووزيره الحاليان، وأن الأمر موضع بحث وتوجه لإقراره خلال سنتين بحيث لا يبقى التوجيهي المعيار الوحيد للقبول، بل يقبل الطالب في الجامعة بحقل علمي؛ طبي، علوم، هندسة، أدب… الخ، ومن ثم يدخل سنة تحضيرية في الجامعة وقد يتبعها إمتحان قبول، ونتيجة الطالب تحدد تخصصه، أي سيصبح القبول على مرحلتين قبول في الجامعة وبعد سنة قبول في التخصص، وكما اسلفت هذا مطبق عالمياً، والتطوير الإداري يسعى لدمج وزارتي التربية والتعليم العالي وتخفيف مهام وزارة التعليم العالي بنقل عملية القبول للجامعات، كلام جميل..! ولكن السؤال المشروع والمطروح من الجميع؛ هل ستكون مخرجات السنة التحضيرية في جامعاتنا الوطنية شفافة ومميزة للطلبة وخالية من الواسطات والتدخلات… ؟ وهل سيصبح القبول في الجامعات مهمة جديدة للتوسط للنواب والمتنفذين لدى رؤساء الجامعات ومسؤوليها..! سيما وأن القبول الموحد بغض النظر عن هناته ما زال مركزياً وموثوقاً، أيضاً في عهد الوزارة الأسبق طرح موضوع امتحان قبول تتولاه شركة محايدة… ! وما أدراك ما الشركات والجهات..!، وهنا توجسنا خيفة من إختراع تنفيعي لجهة ما..!.
وقد لا يحتمل الأهالي ماراثون القبول وتحديد التخصص وزيادته سنة أخرى..! مما يزيد الأرق لديهم.
ينجح إمتحان القبول والسنة التحضيرية في دول العالم المتقدم وغيره، لأن ثقافتهم في التعليم الجامعي مختلفة، وليس لديهم عقدة الطب وطب الأسنان والهندسة كما لدينا، صحيح أن ثقافتنا تغيرت قليلاً ولكن ما زلنا نلهث خلف تخصصات بعينها نعلمها لاطفالنا في أول كلامهم مع بابا ماما… ( شو بدك تصير بس تكبر؟ والإجابة المتوارثة دكتور مهندس طيار..!)، وأعتقد أنه قبل الذهاب للممارسات العالمية في القبول الجامعي، علينا أن نغير ثقافتنا السائدة وهذا بحاجة لوقت يطول ويقصر.
الخوف أن نذهب بعد سنة أو سنتين للقبول من خلال الجامعات، وأن لا تضبط الأمور وهذا متوقع للأسف..! ثم يأتي من يقول أعيدونا للقبول على التوجيهي… ولنا تجارب بذلك..!، كما أسلفت الخطوة ليست سهلة وليست مضمونة التنفيذ الحصيف والشفاف، وإذا كان لا بد فيجب العد للألف قبل ذلك..!. مدركا أن الأهداف نبيلة لمجلس التعليم العالي والوزير… ولكن في بلدنا المؤسسية ينقلب عليها وزير (رايح وآخر جاي)، مع أن التشريعات ذات التشريعات ولكن من التجربة التفرد والشخصنة تغلب المؤسسية حيثما وجد وزير الأنا العليا..!، أو عدم الإحاطة والمعرفة، أو التوجية من جهات ذات مصلحة غير المصلحة العامة..!.
الموازي، والذي يغذي ميزانية الجامعات بمئة مليون دينار سنوياً، وأصبح أمراً واقعا يساهم بتغذية ميزانية الجامعات العاجزة أصلاً بنسب كبيرة، وكما أعلن معاليه أنه يتم البحث في الغائه مع نظام القبول بالسنة التحضيرية، ونعرف أن الموازي موسوم بعدم الدستورية والتفريق بين الناس ( اللي معه بيحصل على المقعد واللي معوش بلزموش)، إضافة لتأثير القبول الموازي للطلبة على سوية وجودة التعليم، بكل الأحوال مطلوب الغاء الموازي وتعويض الجامعات بدعم والبدائل والإجتهادات مطروحة وليست مستحيلة.
تبقى عملية ضبط أعداد المقبولين وتقليل نسب القبول وخاصة في الطب وتجميد التخصصات وهي السياسة المعلنة، ونحن مع ضبط الكم والنوع للوصول لنسب عالية في الربط بين العرض والطلب، ولكن من يمنع الطالب الذي لن يجد فرصته في الجامعات الحكومية من الذهاب للجامعات الخاصة أو الدراسة في الخارج..!، ونحن مغرقُون بجامعات طبية أْقرت في عهد وزارة سابقة…!، عندها سنجد أنه لا جدوى من تقنين قبولات الطب في الجامعات الحكومية لأن المستفيد سيكون الجامعات الخاصة سيما إذا لم تضبط نسب القبول المعتمدة لها في الترخيص من الخارج والداخل، ألإغراق في الخريجين والتخصصات حصل نتيجة لسياسات سابقة أوصلتنا لما نحن فيه، وليس لدى مجلس التعليم العالي ووزيره عصى سحرية لحل ذلك بيوم وليلة..! لأسباب كثيرة نعرفها… !.ونبقى على أمل التطوير والتغيير ليصبح الحديث بكل هذا شيء من الماضي… حمى الله الأردن.