أصدر مركز تريندز للبحوث والاستشارات دراسة جديدة بعنوان: "تونس بعد الاستفتاء على الدستور: هل هي القطيعة مع الإسلام السياسي؟"، تتناول بالعرض والتحليل معالم الدستور الجديد في تونس، والظروف التي جرى فيها الاستفتاء عليه. إضافة الى قراءة وضع حركة النهضة في ضوء هذا العامل الجديد ومستقبل الإسلام السياسي وشروط التخلص من أدواره من الناحيتين التنظيمية والأيديولوجية.
وذكرت الدراسة، التي أعدها د. فريد بن بلقاسم الباحث التونسي غير المقيم والمتخصص في الحركات الإسلاموية، أن الاستفتاء على الدستور الجديد في تونس يشكل خطوة مهمة في مسار 25 يوليو 2021 الهادف إلى القطع مع المنظومة السياسية السابقة وإرساء منظومة سياسية بديلة، مشيرة إلى أن قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد التي اتخذها منذ 25 يوليو 2021 وحتى قرار الاستفتاء على دستور جديد في 25 يوليو 2022،أسهمت في إبعاد حركة النهضة الإخوانية عن مؤسسات الدولة.
وبينت الدراسة أن تونس بعد إقرار الدستور الجديد دخلت مرحلة جديدة قوامها نظام سياسي جديد يمنح رئيس الجمهورية سلطات واسعة، وتنهي المنظومة السياسية التي وضعتها حركة النهضة، التي تراجعت مكانتها وتقلص حضورها وفقدت قدرتها التأثيرية ، إضافة إلى استبعادها سياسياً من أجهزة الدولة.
وأكدت الدراسة على ضرورة تجاوز حالة الانقسام التي صاحبت عملية الاستفتاء وقيادة عملية سياسية إدماجية في أفق الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في ديسمبر 2022، إضافة إلى العمل على المحافظة على أساسيات النظام الديمقراطي وعلى منظومة الحقوق والحريات المكتسبة.
وبينت أن النجاح في هذه العملية السياسية يوفر الشروط المناسبة للتعاطي مع استحقاقات الأزمة الاقتصادية والمالية وتفادي تداعياتها الاجتماعية، خصوصاً في ظل تعثر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وفي ظل الانعكاسات المحتملة لهذا الاتفاق - إن حصل - على الطبقات الأكثر هشاشة.
وأشارت الدراسة إلى أن الإسلام السياسي في تونس والمنطقة من الناحيتين التنظيمية والأيديولوجية في حالة تراجع منذ 25 يوليو 2021 سياسياً واجتماعياً، وهو يسعى لتفادي الأسوأ من خلال فتح ملفات المحاسبة القضائية، مبينة أنه من المهم إدراك أن حالة التراجع هذه لا تعني بالضرورة الأفول، ولاسيما أن لهذا التيار مخزوناً من التجارب في التعامل مع الأزمات وحالات الانحسار والإنهاك، واستثمارها في أدبيات الابتلاء والمظلومية.
وخلصت الدراسة إلى أن إحداث القطيعة مع منظومة الإسلام السياسي لا يقتصر على وضع دستور جديد فقط، وبخاصة إذا تضمن فصولاً مثيرة للجدل على غرار الفصل الخامس، وإنما يتطلب اتباع سياسات شاملة في مختلف الصُّعد تهدف من الناحية الاستراتيجية إلى وضع الإسلامويين تحت الضغط لأجل فرض القيام بمراجعات جذرية تؤدي إلى الخروج من الإسلاموية من جهة، وإلى القطع في إطار وسائل التنشئة الاجتماعية مع المقولات الأيديولوجية للإسلاموية، بما يحولها إلى أيديولوجيا هامشية غير قادرة على الاستقطاب، وبما يحصن الأجيال القادمة من الوقوع تحت تأثيراتها من جهة أخرى.