رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

ضمن سلسلة مقالات حرفة التنفس بيان حذيفة بن اليمان عن الخير والشر(٤) (اختلاف على الكنز المفقود) كتب الدكتور المهندس حازم صيام

ضمن سلسلة مقالات حرفة التنفس بيان حذيفة بن اليمان عن الخير والشر(٤) (اختلاف على الكنز المفقود) كتب الدكتور المهندس حازم صيام
جوهرة  العرب 


ضمن سلسلة مقالات حرفة التنفس
بيان حذيفة بن اليمان عن الخير والشر(٤)
(اختلاف على الكنز المفقود)
كتب الدكتور المهندس حازم صيام
 
لم يمر علي الأمة الإسلامية عصرا فيه اختلافا لا ينتهي ضمنيا إلي اتفاقا أبدا ، أو اتفاقا إلا علي الاختلاف ، مثل العصر الذي نعيش فيه .
(وربما يكون هذا الاختلاف هو علامة خير ، إذ أنه اختلافا علي الكنز المفقود الذي تم العثور عليه من أثر النبوة ).
ففي عصر النبوة أو عصر الخلافة الراشدة كان الرافد واحدا ، والمنهج واحدا ، والاختلاف لم يكن إلا في حدود الاتفاق ، إنه اتفاقا علي المبادئ ، واختلافا في الفروع .ومرت الدولة الأموية وافترقت الأمة إلي فريقان مختلفان تماما لا تستطيع أن تجمع بينهما إلا قليلا ، وهم الشيعة والسنة ، فجاء بداية الاختلاف للأسف الشديد سياسيا ،  والسياسة بعد ذلك  جرت بعدها بالدين ، وعلي هذا الدرب سارت الدولة العباسية وما بعدها من  مملوكية وأتابكة وأغالبه ، وصفوية  وفاطمية علي الجانب الآخر الشيعي ،  ومن السنة زنكيين وأيوبيين ومرابطين وغيرهم ،كان هناك ما يسمي بالسنة والجماعة أو ما يجري في ركابهما .
كان هناك أتفاق وكنت تعرف منهم في المجمل ، ولا تنكر من خلال الفريق الواحد وهو السنة والجماعة ، أما التفرقة التي بين الشيعة والسنة فهي تفرقه استثنائية ولا تستطيع أن تذكر الاختلاف أو الاتفاق ، لأن الرؤية أسفرت على أنهما فريقان وليس فريق واحد ، وإن كان كلاهما مسلم .
 
إلي أن جاءت نهاية الدولة العثمانية فإذا بالعالم الإسلامي كله ، تعرى منها وتنكر ، وما تنكر منه أحيانا أكثر مما تعرف ، مصداقا لأحد روايات حديث حذيفة بن اليمان.
إن السنة  الذين هم غير الشيعة وما في ركابهم، لديهم أفكار كثيرة :  فهم الصوفية وهم غلاة الصوفية ، وهم السلفية وغلاة السلفية ، وهم الإخوان وغلاة الإخوان من التكفيريين ، وهم القطبيين ، وهم التبليغ والدعوة ، وهم الجمعية الشرعية ، وهم أنصار السنة ، وهم الجماعة الإسلامية ، وهم جماعة الجهاد ، وهم الجهادية السلفية وهم التكفير والهجرة وهم الوهابية ، وهم داعش وغيرها،
إنهم أيضا حماس وفتح وحزب الوفد وهم حزب التجمع (الشيوعي) وهم الحزب الوطني وهم مستقبل وطن .
كل هؤلاء هم ألسنه والجماعة بغض النظر عن التفسير الحرفي أو المذهبي للكلمة وما فيها من اتهام ليبرالي أو علماني لكلمة السنة أو الجماعة ، فأنا اقصد أنا هؤلاء جميعا هم من المسلمين ألسنه ، وبغض النظر عن أن الحزب السياسي الليبرالي لا دين له ، فإنما أقصد أنه لا يمنع من كونك مسلم سنه أن تكون في ركاب الحزب ، أو أن يبني لك حزب التجمع الشيوعي مسجدا ، وأن ألدوله دينها الإسلام السني تفريقا في ذلك عن خطر الهيمنة الشيعية السياسية .
إن الاختلاف بين حزب التجمع والحزب الناصري أو أي حزب آخر ليس اختلافا دينيا وإنما هو اختلافا سياسيا أو اقتصاديا لا علاقة له بالدين ، وإن كان الدين يهتم بالسياسة وبالاقتصاد.
وينبغي ألا يتدارك لفهم أحد عن كلامي أنني أحاول أن أقرب بين الآراء والمذاهب ، ولكنها رسالة تصنيفية من وجهة نظر الدين لا السياسة ، فالجميع مع التحفظ علي الجهات السياسية هم سنة أو كما يقال أهل السنة والجماعة .
 
وهذا التحفظ صحيح فإنه مرت أوقات كثيرة تعاون فيها الإخوان ألسنه مع (ألشيعه) ، وتعاون الإخوان مع حزب الوفد ، لماذا ؟ ..لأن الموضوع هنا سياسة وليس دينا ،  فالتحفظ الذي ذكرت هاهنا صحيح .
وأنا لا أدعوكم إلى الاهتمام بهذا الحشد من الحصر  ، وإنما أذكر هذه التعددية لنؤكد علي بيان حذيفة بن اليمان الذي يقول فيه تعرف منهم وتنكر ، وربما أيضا الرواية الثانية التي تقول ما تنكر منهم أكثر مما تعرف ، أنني هنا علي العكس من هذا إنما اقصد التمييز لا التعميم . فإن كل طائفة من هؤلاء تنكر علي الأخرى وتعرف .
فهل تقتصر فائدة بيان حذيفة بن اليمان عن أنها مجرد محطة تاريخيه أو علامة زمنيه بين العصور المتعاقبة ، لإبراز البعد الزمني للأمة فقط ، كلا..
فالحقيقة غير ذلك كله إن حذيفة بن اليمان يضعنا جميعا علي خريطة أهدنا الصراط المستقيم صراط. الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ، وهي خريطة تربوية يندر من يفهمها .
إن عصر القرن التاسع عشر والقرن العشرين هو مقصد حذيفة بن اليمان ، أو بالأحرى  هو مقصد رسول الله صلي الله عليه وسلم من أنه هو عصر الشر ، إنه العصر الذي سقطت فيه كرامة الأمة بالرضا بالاحتلال الإنجليزي أو الفرنسي أو غيرهما ،  ثم يسمي هذا الخنوع تنويرا . وانه أمجاد يا عرب أمجاد .
إن الخير الثاني الذي فيه دخن ،هو ما بعد نهاية ألدوله العثمانية وليست ألدوله العثمانية نفسها وليس نهايتها أيضا ، أنه عصر التحرر من الاستعمار ، وهي الفترة من ١٩٤٨ حتى الآن ،  كما أنه تحديدا بأنه الشر المقصود هو أواخر ألدوله العثمانية  ونهايتها ، وهذا هو الشر الثاني الذي يلي شر الجاهلية ، والذي احتلت فيه أوروبا العالم الإسلامي والعربي جميعا.
وتحديدا جاءت البدايات منذ حالة الالتفاف البرتغالي والأسباني حول العالم الإسلام وسقوط دولة المماليك في الأندلس حينها .
 
خلاصة ما أقول إن العصر الذي نحن فيه هو الخير ، علي عكس ما يعتقد ويعتنق التكفيريين  من ألشيعه أو من ألسنه على السواء ، أننا بخير وأن السيسي والجمهورية الجديدة ومؤسسة تحيا مصر سلسله من سلاسل هذا الخير :  فإن كنت تدري فتلك مصيبة .. وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم .
أقول لكم بعد هذه النتيجة الاخيره أن استمتعوا بالخير الذي انتم فيه ،  وإن كنت تعرف من هذا الخير أو تنكر ،  وأننا علي وداع حلقه من حلقات الخير ، وذلك لأن الشر الحقيقي قادم .