هذه الأيام المباركة تحتفل الأمة الإسلامية قاطبة بأعظم حدث في تاريخ البشرية جمعاء حيث تشرفت البشرية بمولد سيد الخلق وخاتم النبين والمرسلين، سيدنا وقائدنا، وقدوتنا، وشفيعنا يوم القيامة؛ فميلاد سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - أسعد الدنا وعطرت أنفاس الحبيب كوننا برسالة المصطفى أضاءت أرضنا وقلوبنا وتنوَّرت وتفتحت عقولنا.
ومن الحري بنا أن نستلهم من هذه الذكرى العطرة مبادئ التسامح ونبذ العنف ومحاربة الفساد والفاسدين ووأد الفتنة والترفع عن صغائر الأمور.
وعلينا أن نقتدي بأخلاق الحبيب المصطفى ونسير على النهج المبارك، ونلتزم بتعاليم الرسالة الأجل والأسمى، وأن يكون التسامح والمحبة والصفح والسلام نبراسا لنا في كل حياتنا.
إن هذه الذكرى العطرة والمناسبة الأجل التي تشرفت بها الأقلام التي كتبت وتزينت بذاكراك يا رسول الله قصائد الشعر ومقالات النثر، وافتخرت الأوراق باسمك يا حبيب الله، وتعطرت الألسن بالصلاة والسلام عليك يا رسول الله وانتعشت القلوب ونبضت بحبك يا أشرف من ولد.
إن احتفالنا وإحياءنا لذكرى مولد سيد الأنام هو ليس ابتداع؛ بل هو تعبير عن اعتزاز بسيدنا وحبيبنا القدوة والمثل الأعلى، والتزاما بأننا جند رسولنا الكريم، واعترافا بالفضل والإكرام والقيادة والرمز، وإظهارا لما تملكه وتشعر به قلوبنا تجاهك يا سيد الخلق وأعظمهم، بحملك رسالة الإسلام التي بددت الظلام الدامس، وأشعلت النور الوضاء، وأتمت مكارم الأخلاق.
ولقد كرمنا الله - عزَّ وجلَّ - وجعلنا خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وأتم الخالق نعمته علينا بالقرآن الكريم حمله رسول عربي أمين، قدوة بالإحسان والحكمة والصدق والإخلاص والعطاء والشجاعة والعفو عند المقدرة، معلنين أننا - بعونه تعالى - سندُك ونحطِّمم حصون الأعداء، ونُسكت كل لسان تطاول، وكل أيد اغتصبت أراضينا.
سيدي يا رسول الله لقد كان ميلادك نقطة التحول للبشرية، والعلامة الفارقة للتاريخ، والنبراس المضيء للعالم، وكان رفعك للرفيق الأعلى أعظم حزن في القلوب على مدار الزمن.
وكما قال سيدنا الصحابي والشاعر حسان بن ثابت:
ما بال عيني لا تنام كأنما
كحلت مآقيها بكحل الأرمد
جزعا على المهدي أصبح ثاويا
يا خير من وطىء الحصى لا تبعد.
وهل هناك أصدق وصفا من تعبير أمير الشعراء حين يقول:
أبا الزهراء قد جاوزت قدري
بمدحك بيد أن لي انتسابا
مدحت المالكين فزدت قدرا
وحين مدحتك اقتدت السحابا
وما عرف البلاغة ذو بيان
إذا لم يتخذك له كتابا.
نعم يا رسولنا الكريم بيانك هو البلاغة الصافية، ورسالتك هي السبيل لحل مشكلات العالم وإقامة دولة العدل والتسامح، ونثر الأمن والسلام والسعادة؛ لأن الشريعة الإسلامية انسجمت مع العقل، وشكلت أصل الحكمة، وشرعت الأحكام التي تصلح لكل زمان ومكان، ورسولنا الكريم أعظم رجل في التاريخ والوحيد، بالبراءة من التصنع والرياء، وحبيب المولى - عزَّ وجلَّ - وأبلغ خطيب وأعظم مشرع وأفضل ملهم، وشرف لكل قلب أن يتربع على محبته سيد الخلق والرسول الأمين.
وختاما أقول:
كل أنواع البلاغة وكل النثر، والشعر لا تصف هذا المقام، ولا تنصف هذه الذكرى العطرة.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.