وأنت تستمع لبعض الإذاعات الإردنية الصباحية، يخيل لك بأن هناك حلقة مفقودة ما بين المواطن والمسؤول، فكمية الإتصالات والشكاوى من عدم استطاعة المواطن التواصل مع بعض المسؤولين في بعض الوزارات والمؤسسات لعرض مشكلته او مظلمته،كمية لا يستهان بها توحي بوجود إشكالية حقيقية لدى بعض المسؤولين في تقبل فتح قنوات الحوار.
عدا عن أنه معظم الوقت لا يستجيب للإتصالات الهاتفيه التي ترده من متصلين تقطعت بهم السبل في محاولات مضنية لإيجاد حلول لمشاكلهم التي في مجملها تتمحور حول اساسيات الحياة من طلب مساعدة في تأمين العلاج او الوظيفة وحتى تأمين لقمة العيش، او في إيجاد حلول لمشكلة إنقطاع المياه لعدة اسابيع عن البعض وغيرها من المشكلات التي لا حصر لها.
على عكس ما كان متعارفا عليه منذ سنوات خلت بحيث كان الوزير او المسؤول يخصص يوما في الأسبوع في وزارته او دائرته للإستماع الى شكاوى المواطنين للعمل على إيجاد الحلول لها، نجد بأن بعض الإذاعات اخذت على عاتقها هذا الدور، بحيث عملت كحلقة وصل بين طرفي المعادلة، ورغم تقديرنا لدور الإذاعة في هذا السياق، لكن من حقنا ايضا أن نتساءل، لماذا أصبح بعض الوزراء والمدراء يتبعون سياسة الباب المغلق امام المراجعين ؟؟
على الرغم من أن خدمة المراجعين والتفاعل مع مشكلاتهم والإستماع اليهم هي من أهم واجبات المسؤول، وهذا ما حث عليه جلالة الملك عبدالله الثاني في جميع الخطابات والاوراق النقاشية، ففي الرسالة الملكية التي وجهها ملك البلاد بعيد ميلاده الستين لأبنائه، حث الحكومات على تجسير فجوة الثقة بينها وبين الشعب ( وتكريس نهج المساءلة للمقصرين في واجباتهم تجاه المواطن، لأن مفهوم الخدمة العامة يفرض تقديم الحلول وليس وضع العراقيل أمام المواطنين ).
و لكن مع الأسف ما نلمسه على أرض الواقع مغاير تماما مع ما نطمح اليه، فمحاولات التواصل مع المسؤولين تصطدم بدوامة إجراءات طويلة، فإما أن المسؤول في إجتماع او أنه في رحلة عمل، ولا ندري ما هي فائدة كل تلك الإجتماعات وحضور المؤتمرات، إذا لم تنعكس على الخدمة التي تقدم للمواطنين ولم تضيف خبرة للمسؤول في كيفية رفع مستوى الكفاءة في آلية التواصل مع المواطنين، وكيفية التصرف في المواقف الإستثنائية وكيفية التعامل مع الشكاوى وعدم اهمالها، والنزول الى الميدان ومقابلة المراجعين بدلا من التمترس خلف المكاتب للوقوف على حيثيات المشكلة لإيجاد الحلول الناجعة لها، والعمل على تحسين الأداء المؤسسي للتخلص من الأجراءات البيروقراطية، واولى خطوات التطوير والتحسين هو الإستماع المباشر الى المواطن متلقي الخدمة لتلمس احتياجاته ومعالجة مشكلاته، واحيانا اخرى العمل على إيجاد الحلول الإستباقية وسد الثغرات لتحقيق مستوى خدمة أفضل، ولا يتحقق ذلك الا بإتباع آلية إتصال وتواصل فاعلة بين المواطن والمسؤول