تأخذنا الدنيا… والحياة… وهمومها التي تجثم على صدورنا ولم يُقضَ لها أن تنتهي...حيث يصبح آخر الهم معاركة الحياة وشجونها وشؤونها…طوعاً وكرهاً… وإنتظاراً لعل القادم الأحلى يأتي… !.
فلسطين في القلب…لكل عربي حر… فكيف تكون بقلب أهلها..! فلسطين لا تنسى،..وبين يوم ويوم تغفو وتصحو…تتقدم وتتأخر في الأولويات اليومية والوطنية والقومية… لكنها تبقى صنو الفؤاد والروح ووعداً للتحرير في القلوب ولو وهنت..!، تنام الشعوب وتغفو لكنها لا تموت… !.
اهزوجة أم العبد، الثمانينية الفلسطينية التي ارتسمت على وجهها كل حكايا الهزيمة والتعب والنزوح وحياة المخيم والإنتظار… وبذات الوقت العزيمة والوعد الحق بعودة فلسطين… ستعود حتماً… وبشروط ام العبد؛ (شدوا بعضكم)، ام العبد التي لم تغادر مخيم الزرقاء لأنها على وعد العودة… اهزوجتك وصوتك الشجي وعنفوانك يا أمنا الجليلة… ضربت في أعماق مشاعرنا…ولامست قلوبنا المتعبة من كل شيء، وجعلتنا نخجل من ذاتنا وفرقتنا وانشغالنا… بترهات الحياة… اهزوجتك يا ام العبد اختزلت كل ارباب السياسة والسياسيين...والمارقين والخونة والمطبعين والمتآمرين…رغم بساطتها… لكنها قالت كل شيء…
شدوا بعضكم يا اهل فلسطين… ويا عرب…!، هذا هو الوحي والنداء الذي صدح في نفوسنا وبأمتنا...
من كلماتك التي تناقلناها جميعاً.
ستعود فلسطين… قد لا تفعلها اجيالنا… لكنه وعد الحق… ونداء ام العبد… وقبلها غنت فيروز من كلمات الأخوين رحباني… سنرجع يوماً:
سَنَرجِعُ يوماً إلى حَيِّنا
ونغرَقُ في دافئاتِ المُنى
سنرجِعُ مهما يمرُّ الزمان
وتَنْأى المسافاتُ ما بيننا
سنرجعُ خَبَّرني العندليب
غَداةَ الْتَقينا على مُنحنى
بأنّ البلابلَ لَمّا تَزَلْ
هناك تعيش بأشعارنا
ومازال بين تلالِ الحنينْ
وناسِ الحنينْ مكانٌ لَنا
فَيَا قلبُ كَم شَرَّدتنا الرياحْ
تعالَ سنرجِعُ هَيّا بِنا
فمن؛ شدوا بعضكم إلى سنرجع يوما أخبرني العندليب…إلى محمود درويش:
العصافير تموت في الجليل…
نلتقي بعد قليل…
بعد عامٍ بعد عامين و جيلْ....
وإلى عنفوان سميح القاسم بقصيدته تقدموا:
تقدموا… تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل ارض تحتكم جهنم
تقدموا
يموت منا الطفل والشيخ
ولا يستسلم
وتسقط الام على ابنائها القتلى
ولا تستسلم… .
وغيرهم الكثير ممن ناضلوا بالكلمة والأهزوجة في غياب القوة والردع والإتحاد… وسيادة التخاذل والإنهزام…
هي صحوة من وحي اهزوجة ام العبد حليمة الكسواني (أم عبد الحليم) بثوبها الفلسطيني المطرّز بكل ألوان فلسطين وطبيعتها ووجعها..!، ام العبد لا تنسى قريتها "بيت اكسا" قضاء القدس، والتي أُجبرت على فراقها وهي في العاشرة من عمرها، لكنها تحفظ كل شيء قضيتها… تراثها اغنياتها أهلها… وحواري قريتها وأبنيتها القديمة ومسجدها… وبساتينها وكل حبة تراب فيها، كلمات بسيطة لكنها لامست شغاف قلوبنا ونكأت الجراح والوجع… وتحشرج الصوت وامتزج بالدمعة في الروح والقلب قبل الأنفاس.
شدّوا بعضكم يا أهل فلسطين شدوا بعضكم
ما ودَّعتكم، رحلت فلسطين، ما ودعتكم
على ورق صيني لأكتب بالحبر على ورق صيني
يا فلسطينِ، عَ اللي جرى لك يا فلسطينِ..
ولكي لا ننسى… ام العبد ولدت في قرية بيت اكسا شمال غرب القدس، وتبعد عنها 9 كم. وحولها قرى بدو وبيت سوريك والنبي صموئيل ولفتا وقولونيا وبيت محسير. وفيها من الآثار؛ خربة العلاونة وخربة اللوزة، وأقام الاحتلال على أراضيها مستعمرة "عطروت" عام 1970 ومستعمرة "راموت" عام 1973.
وما زالت ام العبد متشبثة ببيتها في مخيم الزرقاء للاجئين، لإيمانها بأنه يعبر عن هويتها الفلسطينية ويبقيها وأبناء المخيمات متمسكين بالقضية الفلسطينية.
شدّوا بعضكم… يا اهل فلسطين… يا عرب… يا مسلمين… وغير هيك ( أبيش حكي)… حمى الله فلسطين...وأهلها… وجمع العرب على كلمة سواء… في زمن أصبح ما أقوله عند البعض ممن ماتت همتهم… ترف عليل يتغذى على طحالب التخاذل والانهزامية… حمى الله الأردن.