دائما ما أكتب ، بأن كرة القدم عبارة عن ميدان هام لتبادل الثقافات العالمية ، و هذه حقيقة فعليا.
إن ثقافتنا في دولنا العربية ، ثقافة عربية إسلامية فمن الطبيعي جدا أن تظهر أي دولة عربية هذه الثقافة للآخر و هذا هو الأصل ، و قطر الآن تظهر هذه الصورة للعالم الآخر ، و المهم في ذلك أنها تعطي الصورة الحقيقية للعالم العربي و الإسلامي بأنه عالم بريء من التهم التي صنعت له ، كالإرهاب و غيره .
أبدعت قطر في افتتاح كأس العالم و الذي يعتبر ملتقى الحضارات و الثقافات العالمية في إبراز الحضارة و الثقافة العربية و الإسلامية ، و كان التراث العربي في الإفتتاح واجهة العرب للعالم ، و اللغة العربية (لغة القرآن الكريم) سيدة اللغات ...
ترسيخ الهوية العربية ضرورة حتمية في الوقت الحالي و هي الهوية القائمة على التراث و التاريخ العربي الذي يحمل القيم السامية و الثقافة الجامعة و الأخلاق المستمدة من الأديان ، و خصوصا بعدما أن عاشت الدول العربية حالة من الفوضى بسبب تشويهها بصناعة السياسات العالمية ، و وصفها بأنها مصنعا للإرهاب ، و هذا خاطيء تماما ، فمن صنع الإرهاب هم أهله بعيدا عن العرب و المسلمين .
قطر أظهرت في افتتاح كأس العالم الهوية العربية بأبهى حالاتها و الحقيقية منها ، من الأصل و التراث إلى الحداثة مع المحافظة على هذه الهوية و الثقافة المستمدة منها ، و أثبتت بأن التمسك بالهوية العربية و العمل بالحس العربي هو من باب القناعة بأننا موجودين على الخارطة العالمية ، و هذا ما يعزز وجود الوطن العربي تاريخيا و حضاريا و يعزز الذات العربية .
بينت قطر في افتتاح كأس العالم ثقافتها الإسلامية القائمة على حب الآخر و التكافل الإنساني و أن الإسلام دين السلام و المحبة و تقبل الآخر ، فمن لوحات الإفتتاح أن أجري حوار بين الشاب القطري (ذو الإحتياج الخاص ، غانم المفتاح) و الممثل و الأمريكي مورجان فريمان ، و كان الحوار هدفه راقي ، و لكن الشاب القطري كان مقنعا أكثر بقوة حجته و تعبيره و عزز ذلك باقتباسه آية من القرآن الكريم ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
و هناك جانب إنساني قد أظهره الإفتتاح في أن الإنسانية اساس الهوية العربية و لا فرق بين أي إنسان و الجميع سواسية ، من خلال اظهار الشاب (ذو الإحتياج الخاص ، غانم المفتاح ).
أما عن دور المرأة في لوحات الإفتتاح ، فظهرت بالزي التراثي القطري العربي بلوحة محترمة و متزنة ، حريصين على إظهار الثقافة العربية و الإسلامية بعيدا عن أي ابتذال ، فالمرأة العربية تستحق دوما أن تكون في المقدمة مع الحفاظ على هويتها وثقافتها العربية .