أجمل ما جاءت به النسخة العربية من كأس العالم في قطر هو الاستفتاء الشعبي اليومي والذي رفضت فيه الجماهير العربية وحتى جزء من غير العربية التعامل مع الصهاينة، وجاء التوصيف الأدق من أحد شباب لبنان عندما قال للصهيوني: لا يوجد شيء إسمه "دولة إسرائيل، وأنتم فقط مجرد كيان محتل" وهذه هي الحقيقة الثابتة.
يتزامن هذا الفرح العربي في قطر مع عودة النتن-ياهو للحكم وتحالفاته مع اليمين المتطرف وما يرافق ذلك من تقارير إعلامية تؤكد أن الفترة القادمة ستكون صعبة وكأن من سبق هؤلاء المتطرفين كانوا حمامات سلام!
الصهاينة كما هم منذ البداية ليسوا سوى مجموعات وأفراد من المتطرفين والقتلة الذين جاءت بهم الحركة الصهيونية العالمية بقيادة بريطانيا من عدة بلدان وقوميات وسلمتهم أرض فلسطين، وتشهد دماء الشعب الفلسطيني على دمويتهم منذ عصر اليميني المتطرف المجرم مناحيم بيغن قائد منظمة "إرجون" والذي قتل مَن قتل مِن الشعب الفلسطيني الأعزل ومن ثم تمت مكافأته بجائزة "نوبل" للسلام، أي جائزة تلك التي تكافىء المجرمين !
ولن يكون بن غفير سوى مشروع مجرم جديد لن يضع له حداً إلا شباب فلسطين الذين يعلمون جيداً أن الكيان الصهيوني لا يعترف بسلام أو غيره، إنما هي لغة القوة فقط التي تجعله يلهث وراء أمريكا ومن ثم مصر من أجل هدنة! ولذلك فإن التفجيرات والعمليات في داخل الأراضي المحتلة ستكون الرد الطبيعي بل أنها قد تكون أقوى من الماضي مع تطوّر المقاومة الفلسطينية خصوصاً وقد جاءت مجموعات عرين الأسود وجيل التحرير الفلسطيني بما هو جديد.
لن يؤثر القلق والتنديد والشجب الرسمي العربي على النتن-ياهو و بن غفير، ولن يهزّ شعرة من رؤوسهم، فهؤلاء مجرمون، وسيعملون ما في وسعهم من غطرسة وتوسع استيطاني وقتل المدنيين الفلسطينيين إذا لم تتم مواجهتهم بأسلحة مضادة تؤثر في وجودهم على رأس كيانهم الصهيوني، لا نتحدث فقط عن القوة العسكرية غير المتوفرة حالياً، إنما أيضا، لماذا لا يتم التعامل معهم كما تعاملت معهم الجماهير العربية في قطر من خلال نبذ وجودهم والتعامل معهم كاحتلال والتوقف عن تقديم التنازلات والتطبيع المجاني بدون مبرر!
الجيل الجديد من الحكام الصهاينة هو مجرد حمقى لا توجد عندهم أي استراتيجيات، ويفعلون ما يفعلون ليس من أجل خدمة الدولة اللقيطة كما يدعون، وإنما من أجل كسب معارك انتخابية للبقاء على الكرسي أكثر وقت ممكن، والدليل عودة النتن-ياهو للمشهد السياسي وتمسكه به حتى آخر رمق رغم أن صناديق الانتخاب لفظته سابقاً خارج المشهد، ولكن سذاجة من جاؤوا بعده هي الأساس في عودته وليس جودة أدائه، وعودته تؤكد أن الكيان الصهيوني أصبح بلا قادة وهي أحد شواهد اقتراب نهايته بمشيئة الله تعالى.
وبالعودة لقطر العروبة وما حصل فيها من صراعات جانبية وعلاقة ذلك بمحور الحديث هنا عن التطرف الصهيوني، وقد أدارت الدولة القطرية جزء من هذه الصراعات بينما تكفلت الجماهير العربية بإدارة جزء كبير من المشهد، إذ لابد من الإشادة بحسن إدارة ومواجهة تلك التحديات والصراعات لغاية الآن وهذه الحكمة في إدارة المشهد تستحق الإشادة (وإن كنت شخصياً لا أتفق مع كثير من التفاصيل) وسمات الهوية العربية تواجدت بقوة، حيث طيبة القلوب واحترام الضيوف ومساعدتهم بل إن كثيراً من الأجانب متفاجئ للغاية بطيبة العربي وبساطته وثقافته وتقبله للآخرين واحترامهم، بعكس ما برمجتهم عليه وسائل الإعلام الغربية التي تديرها الصهيونية العالمية التي يفاخر بأنه جزء منها رؤساء أكبر دولهم وتحديداً بايدن أمريكا وسلسلة رؤساء وزراء بريطانياً التي لم تعد تنجب رؤساء!
في قطر جسدت الجماهير العربية على وجه الخصوص نصراً كبيراً في أحد الصراعات الجانبية مع العدو المحتل وداعميه من العالم الغربي وكان الصهاينة منبوذين كما يستحقون، وكان حجم سعادتنا المعنوية بهذا النصر لا يقل عن فرحتنا بما تفعله صواريخ المقاومة وعزيمة "عرين الأسود" وهؤلاء هم فقط من يمثلون وجدان وضمير العرب في صراعنا مع الاحتلال بيمينه ويساره والذي نؤمن تماماً بأن نهايته قريبة بإذن الله تعالى.