لا كلام يداني الموت ، ولا كلام يفوق الحزن .. هذا دم أردني يراق في ليلة الجمعة .. العقيد الدكتور عبدالرزاق الدلابيح شهيد الواجب ذهب برصاص جبان ، وبرصاص مخرب أرادها فتنة بين الأردنيين ..
لا كلام يعبر عن حزننا ، فالمقتول منّا ، والقاتل أيضا .. أهكذا كان رصاص الأردنيين يوجه نحو أبنائهم ..
العقيد عبدالرزاق مثلنا ، ابن عسكري ومزارع خرج من قريته " الكفير" يتلمس طريقه بعرق جبينه ، أخلص للوطن ولمهنته وإرتقى سلم العلم وترك أهله وأسرته ، فالرزق في بلادنا تدفع ثمنه من صحتك ومن دفء عائلتك ، وليس لك إلا ذراعك وكفاءتك لتصنع حلمك ومستقبل أبنائك .. عبدالرزاق مثل كل أبناء القرى المنسية التي إنتفضت من الجوع والبؤس .. لم ينعم بعطر المدن ورغد القصور ، هو ابن الفقر الأردني الذي تربى عليه في مضافات أهله ، وأن التعفف لا يمس الشهامة ولا المروءة ، وأن الصبر كان ملاذ الأردنيين ، والعسكر وحدهم الذين يعرفون أن الوطن ليس راتبا ولا منصبا أو مكافئة.
حزين على وطننا ، وحزين أن يذهب العقلاء ، وأعرف أن الناس في ضيق ، والحكومات لا تسمع ، والحكومات تراهن على صبر الأردنيين الذي فاق صبر أيوب .. تدير بلادنا بعقلية التاجر ، وكيف تزيد ربحها والوطن ومدارسه وجامعاته وطرقه فقيرة .
يا عبدالرزاق ، يا زينة العيال ، دفعت الثمن من دمك ، أطنان من الديزل والكاز لا تعادل قطرة من دمك ، ولا تداني دمعة من عين أمك وحزن زوجتك ، يا عبدالرزاق سلام لروحك ، سلام لوطن فرشناه بالدم والطيب والهيل ، حتى لا يؤتيّن من قبلنا ، لم نبع ولم نتاجر ولم نخن .. المجد لك ولأهلك الدلابيح الطيبين ، ولقبيلتك بني حسن الشامخة دوما، والرحمة لروحك العالية ولا عزاء لعائلتك ومحبيك ولزملائك إلا سيرتك العطرة ويدك البيضاء، وأن المنايا مقدرة يلطف بها رب العالمين .