هي مشاهد تفطر القلوب،بل وتدميها،تنغرس في النفوس قبل العيون،توجعنا كثيراً،وتؤلمنا أكثر،هي مشاهد أقسى من يستوعبها العقل البشري،نعم إنها مشاهد لا تُنسى ،ولا يمكن تناسيها تلك التي ترسخت في أذاهننا،بل وعلقت فيها ،هي مشاهد مؤلمة من زلزال تركيا ،وعمليات البحث والإنقاذ من تحت الركام في سوريا وتركيا.
مشاهد لا يمكن أن تُنسى تلك التي إلتقطتها الكاميرات المحمولة ،أو كاميرات الهواتف النقالة،ومحطات التلفزة ،والفضائيات،وكاميرات المراقبة،والتي تلت الزلزال الذي ضرب تركيا بقوة 7،9درجة حسب مقياس ريختر فجر الإثنين الماضي،وتأثر به الشمال السوري مخلفاً عشرات الألاف من القتلى والجرحى ،إضافة لإنهيار ألاف المباني في البلدين.
نعم هي مشاهد لا يمكن نسيانها ،ولا يمكن للإنسان إلا أن يتفاعل معها ،وتُحرك مشاعر الحزن فينا،والحسرة على من قضى في هذه الكارث الطبيعية ،فما بين السيدة التي وضعت طفلتها مولودها تحت الأنقاض ،وبقي الحبل السري مرتبطا بها،رغم وفاة الأم،حيث جاءت هذه الطفلة من فم الموت،وفي زمن الموت،وبين أب يُعانق طفله العناق الأخير ليحميه من الأنقاض ، وليموتا سويا تحت الأنقاض،وآخر يُلقن إبنه تحت الأنقاض الشهادتين،وطفل آخر عالق في أحد المباني في سوريا يتم تلقينه تحسبا لعدم المقدرة على إنقاذه من هذه الكارثة،وآخر رضيع يرقد على سرير الشفاء في إحدى المستشفيات السورية يتناول حبة موز ليسد جوعه،بعد أن فقد جميع أفراد أسرته ليبقى وحيدا في هذا العالم.
وما بين هذه وتلك تتنوع الصور ،والقصص لضحايا هذا الزلزال الذين انهارت احلامهم قبل بيوتهم أمام أعينهم ،لتشريدهم،وفقدان عائلاتهم،أو عدد منهم لتكون بالفعل هي الصدمة الحقيقية لنا نحن الذين كنا نتابع،قبل أن تصل لهؤلاء الحقيقة القاسية.
بل هي قصص،وحكايات واقعية موجعه ،وصور قاسية عشناها ونعيشها كل يوم منذ السادس من شباط الجاري ،فها هي طفلة سورية من تحت الأنقاض تتوسل لمسعف" عمو إنقذني أصير عندك خدامة"،ومعالم لم يتبقَ منها إلا الأثر،بعد أن أبادها الزلزال،فنقف في حالة من الصدمة الحقيقية ،والذهول لما يجري وجرى.
ومن الصور المؤثرة أيضاً إصرار أب تركي على عدم ترك يد إبنته الميتة تحت الأنقاض ،وطفلة سورية تحتضن أختها الطفلة لحمايتها من تراكم الأنقاض،وطفل سوري آخر يستنجد من تحت الأنقاض"عمو مش ان الله طلعوني"،وإمرأة تركية ترفض الخروج من تحت الأنقاض إلا بعد أن أحضروا لها حجاب تضعه على رأسها،ورجل تركي يريد أن يصلي تحت الأنقاض ويطلب الماء من أجل الوضوء.
ووسط كل هذا الدمار هناك
صرخة أب سوري دفن فلذة كبده،ويبحث عن ما تبقى من أسرته،وسكان العمارة التي يقطنها ،ويوجد بها300أسرة،وعدم وجود فرق إنقاذ كافية حيث لا توجد إلا فرقة إنقاذ واحدة في المكان،ولم يتسنى لهم معرفة مصيرهم رغم مرور 24 ساعة ععلى الزلزال،وصرخة لرجل سوري دوّت في كافة ارجاء العالم طالباً المساعدة"ساعدونا،ما فيه حدا يساعدنا"فهل من مجيب..تلك مشاهد لا يمكن أن تُنسى من قِبل من كان ذا قلب ينبض بالحياة .
ووسط مثل هذه المشاهد يوجد بصيص من الأمل،فها هي فرحة رجال الدفاع المدني السوري لا توصف بعد إنقاذ عائلة من تحت الأنقاض بعد مرور 40 ساعة على وقوع الزلزاز،وانقاذ طفل سوري وهو يبتسم ويداعبه رجال الانقاذ،كما بدأ هو بمداعبتهم ،وكلنا أمل ينتهي هذا الكابوس الذي أوجعنا جميعا ً.