على الرغم من توجه العالم نحو الصحافة الرقمية التي خلقت أفقًا إعلاميا جديدًا للقرن الحادي والعشرين، وعلى الرغم من التطور الذي اقتحم مجال الإعلام شأنه كشأن أي مجال آخر في عصر المعلوماتية، إلا أن رونق الصحافة الورقية ما يزل حاضرا في حاضرنا، متمسكا بثقافة وجوده كإرث لا يمكن التفريط به، أذكر ذلك جيدا منذ العام 2010، عندما بدأت بقراءة الصحف الورقية في وقت كانت عواصف الرقمية قد احتاجت العالم بأسره.
اليوم، وبعد مرور 57 عاما على تأسيس منارة الصحافة الورقية في الأردن، وبعد مضي 13 عاما على روتيني الصباحي الذي لم ولن يتغير، أول ما افتتح به هذا المقال، افتتاحية العدد الأول من جريدة الدستور : "هو رمز لكل ما يمثله وجودنا وبلدنا من مبادئ وقيم وامال وتطلعات، وهو الرمز لوحدة شعبنا في وطنه والتعبير عن انتماء هذا الشعب لامة واحدة تكافح من اجل وحدتها الشاملة ورسالتها الإنسانية العظيمة، كما أن «الدستور» هو الفيصل بين السلطات لكي لا تطغى احداها على الأخرى وهو منطلق التطور والتقدم في الحياة الديمقراطية التي اخترناها لانفسنا، وهو الدرع الذي يصون حريتنا وتجربتنا كلها من العبث والهواء".
تلك الإفتتاحية التي نشأت عليها جريدة الدستور، حملت مبادئ وقيم تلك المنارة التي سطعت في سماء الصحافة الوطنية والعربية، واصبحت رمزا يمثل بكل مصداقية وجودنا وتطلعاتنا، بل تجاوزت ذلك أيضا لتكون مدرسة نتعلم منها أبجديات المصداقية في العمل الصحافي، وجامعة نتخرج منها نحو طريق نهضة الصحافة التي شهدت تراجعا لافتا في مسيرتها الرقمية.
وتلك المبادئ والقيم تتلمذ عليها كبار الصحفيين في هذا الوطن، من نشأوا وترعرعوا في ميادين الدستور، وتعلموا من بحرها الشاسع ما يمهد لهم الطريق نحو قمم الإبداع والتميز، لن اذكر احد منهم خوفا من نسيان الآخرين، لكني اذكر بأن حلمي كان وما يزال التدرب تحت ظل شعار الدستور ورايتها، لمواصلة الطريق نحو الإبداع والتميز على نهج أولئك المبدعين.
في الثامن والعشرين من آذار، رسالة ابعث بها إلى الدستور، ملكة الصحافة في وطني ذات القيم والمبادئ الراسخة، دُمتِ منارة نستنير بها في سماء الصحافة، ودُمتِ مبدأً راسخا شامخا يطال السماء، ودمت هامة لا تنحني، كل عام والدستور بخير.