لم نكن نعلم أن جسر عبدون الذي بدأ العمل به في العاصمة عمان في العام 2002،وتم إفتتاحه رسمياً في العام 2006،وبتكلفة تتراوح ما بين 10-15 مليون دينار،والذي أُقيم لخدمة المواطنين والتخفيف من أزمة السير الخانقة في العاصمة ،لم نعلم بأنه سيكون مصيدة للأرواح،ومكاناً مناسباً لمن يُريد أن يتخلص من حياته.
فالمتتبع للأمر يُلاحظ أنه لا يكاد يمر يوماً،أو حتى أسبوعاً دون أن نجد شخصاً قد ألقى بنفسه من أعلى هذا الجسر،أو حاول بهدف التخلص من حياته في حال لم يشاهده أحد ويثنيه عن هذا الفعل، حيث يُقدم على محاولة الإنتحار ولأكثر من مرة أحيانا ،والإنتحار في الأحيان الأخرى العديد من الأشخاص ومن فئات عمرية مختلفة من الجنسين،وكأن هذا الجسر أُقيم لغاية الانتحار والتخلص من الحياة.
وأثناء كتابة هذه السطور نجح رجال الأمن العام في إقناع فتاة بالثني عن الإنتحار من اعلى جسر عبدون،وهذه حتماً لم تكن المرة الأولى ،ولا حتى الأخيرة عن تدخل مواطنين ،ورجال الأمن العام وثنيهم لمواطنين عن الإنتحار ،ولعل قصة الملازم عُلا الجالودي التي أثنت مواطن عن الإنتحار نهاية العام الماضي من أعلى جسر عبدون ،ثم إجهاشها في البكاء،لا زالت عالقة في أذهاننا.
كما أن المتتبع لحوادث الإنتحار من أعلى جسر عبدون الذي يبلغ طوله 450 مترا،وارتفاعه 71 مترا، يجد أنها في زيادة مستمرة،حيث تشير الإحصاءات بأن أكثر من 400 شخص ألقوا بأنفسهم من أعلى الجسر منذ بدء العمل به في العام2002،ولتنتهي حياتهم بارتطامهم على الأرض بعد السقوط عن أدنى نقطة في وادي عبدون ،إضافة لتلك الحالات التي تهدد بالإنتحار من أعلى الجسر.
وحالات الانتحار من أعلى جسر عبدون في زيادة،وهي واحدة من طرق الإنتحار في المملكة التي زادت حيث كشف مدير الطب الشرعي في وزارة الصحة الدكتور ماجد الشمايلة بأن عدد حوادث الإنتحار في المملكة قد بلغت137 حالة في العام الماضي2022.
أما بيانات دائرة الإحصاءات العامة فقد أوضحت أن عدد حالات الإنتحار بلغت 186 حالة في العام 2021،كما بلغت 169 حالة عام 2020،وفي العام 2018 بلغت 142 حالة،وفي العام 2017 بلغت 130 حالة.
وفي ظل إرتفاع عدد حالات الإنتحار في المملكة ،حيث صادف في شهر آب من العام 2022 وقوع 3 حالات إنتحار خلال 24 ساعة،في ظل هذا الإرتفاع لا بد من البحث في الأسباب التي جعلت حتى الأطفال يُقدمون على هذا الأمر،وكذلك الشباب من الذكور الذين يفوق عددهم عدد الإناث.
غير أن الظروف الاقتصادية، وإرتفاع نسب الفقر والبطالة ،والفراغ الذي يعاني منه الشباب،إضافة للكثير من المشكلات الإجتماعية ،وتعاطي المخدرات لدى فئة ليست ببسيطة من الشباب ،من الدوافع التي باتت تطفو على السطح لإقدام الشباب على التخلص من الحياة.