جوهرة العرب - رنا حداد / مدير دائرة المنوعات والفن - صحيفة الدستور
لم تكن جائحة كورونا التي توقف الحديث عنها بعد أن شغلت البشرية على مدار سنوات هي الأصعب .. فها هي تنتهي وتذوب بتصريح من منظمة الصحة العالمية ..وتبقى الجوائح التي تأكل انسانيتنا بلا اعلان أو مدة صلاحية .. في حديثه مع اساقفة وكهنة مؤخرا أشار قداسة البابا فرنسيس إلى خمسة عشر مرضا يمكن أن تصيب الأنسان سيما أولئك في مواقع المسؤولية، ومكانة التأثير في الناس ، فقال ان شعورنا بالخلود وأننا "خالدون" في مناصبنا وعلى كراسينا، مثلا وأننا "محصنون" وتعاملنا مع الآخر وفق هذا المنطلق، هو مرض، مرض المكسب الدنيوي، الذي ننجبر ونتجبر فيه باستعراض قدراتنا واننا فقط الأقوى والأجدر .ننسى عمل الله وارادته في حياتنا فنقع في براثن مرض آخر هو "الزهايمر الروحي" . وعن مرض فتاك آخر قال أن التنافس والمجد الباطل بالمناصب والألقاب يجعلنا أشخاصا مزيفين، فيما تقودنا الحياة الأخرى التي نخفيها عن الناس ولا نظهرها للوقوع بمرض "الشيزوفرينيا الوجودية" يقابلها مرض "سرطان الدوائر المغلقة" إذ نختار أحيانا الانغلاق على مجموعة محدودة من البشر، ولا نرغب برؤية أو أضافة مزيد من الناس الى حياتنا. ثم هناك مرض نصاب به بإرادتنا واعراضه تؤذي الآخر اكثر منا، هو "مرض الثرثرة" ، الذي يحولنا في كثير من الأحيان إلى "قتلة بدم بارد" ، لا نحس بالآخرين، بل قد نسعد بسقوطهم وفشلهم . فراغات وجودية بداخلنا كبشر، تأتي بضع أو مجموعة من الأمراض أنفة الذكر، لتجدها بيئة خصبة تنمو وتترعرع فيها ، لتتركنا وقد تحجرت قلوبنا وأحشائنا. لا يجدي مع مثل هذه الأوبئة مطاعيم ولا "عصير ليمون" ، بل تحتاج مواجهة مع الذات ورفض المرض بقبول الصحة النفسية عندما نعامل كما نحب أن نتعامل، إن نرحم، ان نترك للروح مساحتها، ومن له أذان سامعتان.. فليسمع .