سقطت في ذلك اليوم من عينها دمعة فجاءت على خدها ..ولكنها كانت دمعة ليست كباقي الدموع..إنها دمعة مختلفة ..حتى أنها حرقت الخد الذي سقطت عليه..بل شوهته من شدة قوتها
وحرقتها.
هذه الدمعة الحارقة لم تكن إلا واحدة من تلك الدموع التي ذرفتها ..ولكنها هذه المرة كانت مختلفة فاليوم هي تشعر بالإنكسار..وأي إنكسار..نعم إنه الإنكسار الحقيقي..والإنحناء الذي ليس بعده إنحناء .
هي لم تكن تتخيل يومًا بأنها ستنكسر بهذه الطريقة..ولا تنحني لهذه الدرجة..ولم تكن تفكر حتى مجرد تفكير برحيل من كان سندها في هذه الحياة..ومن كان داعمها في كل خطوات حياتها..حتى جاء ذلك اليوم الذي لم يكن بحسبانها..فكانت الصدمة الحقيقية..وكأنها فعلاً الشعرة التي قصمت ظهر البعير.
هي لم تكن تعلم أن الانكسار الحقيقي، والوحيد ،بل والأصعب على الإطلاق في هذه الحياة ..هو أن تودع من تُحب،ومن تحمل إسمه،وأول من نطقت إسمه منذ أن رأت عيناها النور.. نعم فهذا الإنكسار لأنها تودعه إلى الأبد فيكون هذا هو الوداع الأخير لهذا الشخص.
هي أيضاً لم تكن تُدرك من شدة تعلقها بوالدها...أو أنها كانت لا تُريد أن تُدرك هذا الأمر..ولم تكن تضع في حسبانها أيضاً أن الأباء أيضًا يرحلون..كما يرحل الأبناء والأمهات،فهذا هو حال الدنيا..وكلنا حتماً راحلون إلى دار الحق.
هي أدركت أخيرًا وعندما علمت بالرحيل..ولأن خبر الرحيل جاء كالصاعقة ... أدركت أن الحياة إذا خلت من الأباء،بعد رحيلهم، فإن كل شيء جميل حتماً سيتوقف ..وسيرحل ..لأنهم يأخذون معهم كل ما في الحياة.