(الخبيرة الدولية في تعديل الصورة الذهنية وعلم السلوك النفسي)
جرح المشاعر هي منصة الانطلاق نحو أفاق المشكلات بين الفرد وذاته وبين الفرد وأسرته وبين الأسرة والمجتمع فجميع الهموم والشجون والآلام تنطلق من بكلمة او بحرف او بإشارة او بحركة لغوية لقلوب مؤشراتها و معايرها و تأثيرها النفسي تعد رسالة طائشة جرحت جدار المعزة والكرامة أو نظره حائرة تغلغلت في أعماق ضمير مستتر محب ففجرت ينابيع الكراهية والحقد ، فامتلت قاعات المحاكم اليوم وزادت المظالم فخسرت القضايا وتفككت الروابط وتلاشت القيم ، و من هنا يأتي دور الجروح و الالام في ترسخ التعابير و البعد عن حقيقه الأشخاص و مشاعرهم اتجاه الاخرين و من هنا تبدا لغة الجسد في التعبير اللغوي الحقيقي سواء في حب الأشخاص او زرع الكراهية بكامل و كافه أنواعها .
لذلك لابد ان نبتعد عن الآلام والجروح والعمل على تقارب القلوب بصدقها الحقيقي دون التعبير المزيف النابع منه والمصطنع، حيث يوجد للألم جوانب جسدية وعاطفية عديدة إلى جانب المكونات الحسية سواء التي كانت على الفطرة او المكتسبة، وهو ما يفسر أن هناك روابط عصبية بين إدراك الألم الجسدي والاجتماعي وتم تسليط الضوء على الروابط العصبية للألم العاطفي في دراسات علم الأعصاب التي تعد هي حجر الزاوية لكل تلك المشاعر من خلال ترجمتها، والتي تكشف أن هناك تداخلا كبيرا بين الظاهرتين الجسدية والعاطفية.
حيث أظهرت دراسة مؤخرا أن الأشخاص الذين يعانون من الألم العاطفي لديهم مستويات أعلى من الألم من أولئك الذين يعانون من الألم الجسدي، كما أن الألم العاطفي يمكن أن يتكرر مرارا وتكرارا، في حين أن الألم الجسدي يتسبب في الضرر مرة واحدة فقط حيث ان الألم الجسدي نستطيع تداركه ونعالجه من خلال ادوية صنعت خصيصا لتلك المرحلة ولكن النفسي يتطلب جلسات لعلاجها من الممكن ان تصل الى مدى أطول في العلاج طبقا لمستويات الجرح والعمق ومدى تأثيره، ومن الآثار السلبية للألم العاطفي هي مجموعه من العوامل :
1- الماضي الأليم وذكرياته مثال على ذلك الذاكرة والانتباه، يمكن أن تقلل الألم أو تزيده، على عكس الألم الجسدي، يترك الألم العاطفي وراءه عددا من محفزات ومثيرات الألم تتمثل، على وجه التحديد، في الذكريات، التي تعيد الشعور بالألم في أي وقت يواجه فيه المرء ظرفًا مشابها له أو مرتبطًا به.
2- الازمات الصحية و الاثار المترتبة نتيجة تلك الازمات ، حيث إن هناك علاقة معقدة بين التوتر النفسي وأعراض الألم، حيث تقول بعض الدراسات و الأبحاث التي قد أجريت على تلك المرحلة أن التجارب العاطفية المؤلمة أو السلبية يمكن أن تؤدي إلى حدوث رد فعل عبارة يظهر كألم جسدي كالقولون العصبي و ارتجاع المرىء و غيرها من الام المعدة المزمنة و الناتج عن التوتر العصبي التوتر والقلق الشديد و التاريخ العائلي، إذ يمكن لعامل الوراثة أن يشكل أحد أسباب الإصابة بالقولون العصبي لكن المعدة الحساسة كان لها ارتباط قوي بالتفاعل الحسي بالمشاعر و الألم نفسي كان لها دور كبير في الإصابة قبل ان يكون نوعيه الطعام لها عامل في ذلك و إصابة المعدة أو الجهاز الهضمي بعدوى بكتيرية
من الممكن ان تخزن الذاكرة موضوعات ووقائع وحادث صادم في الماضي يمكن أن يزيد من الشعور بالإجهاد ويقود إلى عدد من المشكلات الصحية مثل كيمياء الدماغ المتغيرة وارتفاع ضغط الدم والسرطان والسكري وضعف جهاز المناعة.
3- الأضرار النفسية فانه يكفي نوبة واحدة من الألم العاطفي أحيانا لإلحاق ضرر جسيم بالصحة النفسية للشخص، ولكي يكون للألم الجسدي تأثير على صحتنا النفسية، يجب أن يكون شديدا وصادما و لا سيما و انه يمكن أن يؤدي الألم العاطفي طويل المدى إلى ظهور أعراض الاكتئاب لدى الأفراد، مما قد يؤدي إلى ارتفاع مخاطر السلوك التعسفي أو السلوك المنحرف مثل تعاطي المخدرات و شرب الكحوليات او الإدمان على ادوية المهدئات التي انتشرت مؤخرا في مجتمعاتنا المعاصرة و التي أصبحت في متناول الجميع دون حريص او رقيب من مجتمعنا عليها.
4- ما عرف علميا ب فجوات التعاطف حيث تعد فجوة التعاطف عادة ميل الشخص إلى التقليل من تأثير الحالات النفسية الأخرى على سلوكياته واتخاذه خيارات لا تأخذ في الاعتبار سوى مشاعره الحالية أو حالته المزاجية الحالية ويمكن أن تؤدي فجوات التعاطف إلى تقليل قدر الألم العاطفي ولكن لا يمتد التأثير إلى الألم الجسدي. لذلك، فإنه عندما يظهر الألم العاطفي، فإنه يسبب المزيد من الألم مقارنة بالألم الجسدي.
وهنا نوصي بضرورة التعامل مع الصحة النفسية بنفس مستوى الرعاية والاهتمام مثل الصحة الجسدية. عندما يعاني الشخص من إصابات عاطفية مثل الرفض أو الفشل أو الشعور بالوحدة أو الشعور بالذنب، يجب أن يكون اهتمامه الأول هو مداواتها، بنفس الطريقة التي يندفع ويسارع بها لتضميد وعلاج الجروح الجسدية ومن الأكثر النتائج غرابة على الإطلاق، أن الرجال يصابون بالحزن الشديد (أو ما يعرف باضطراب ما بعد الصدمة)، والذي يدخلهم في حالة من اليأس والبكاء والإحباط وتمني الموت!
والذي قد يستمر لأكثر من سنة بعد الانفصال ان كان متزوج او مرتبط او صديقه بحياته وخصوصاً عند تفكير الرجل بقيمة ما فقد وفداحة الخسارة وعدم وجود ضمانات لما قد يعوض تلك الخسارة وبنفس الجودة والتوافق والراحة النفسية مع الشريك و هنا تبدا مرحله جديدة مقلقه لابد التعامل معها و التعايش معها و علاجها بشكل حازم كي لا نصل الى طريق مسدود قد يؤدي الى الانتحار او القتل او تعاطي المخدرات او انعكاس الحالة النفسية لخلق شخص عدواني ضد المجتمع او تتحول الحالة الى منتقم و هنا يصبح تحول حقيقي في الشخصية لابد ان نتارك خطره و العمل على معالجته بكل حرص و حكمة و دراسة موضوعيه لكل حاله حيث تختلف الحالات و تتفاوت الصدمات حسب درجتها و تأثيرها و كذلك في حالة أصابه النشاء كذلك لابد ان نهتم بكل تلك الأمور و التعامل معها بحرص شديد .
إن آداب السلوك هي فن التعبير عن احترامنا لمشاعر الآخرين فلابد ان نتدارك جروحنا ومشاعرنا ونحرص على عدم جرح الاخرين ونكون حريصون في التعامل مع بعضنا البعض ربما يكون فيما بيننا حساس قد تجرحه دون ان تشعر وتبدأ مأساة قد تتحمل وزره مستقبلا فكون كالماء شفاف مع من حولك دون ان تجرح مشاعر او عواطف او جسد، النوايا الطيبة والمشاعر النقية الشفافة تدل على الطريق في بعض الأحيان، ولكنها في أحيانٍ أخرى تعمي البصر ولكن قد تكون نادرة في تلك الحالات.