جوهرة العرب _ د.محمد صالح جرار /جامعة الحسين بن طلال
مثل امتحان الثانوية العامة ( التوجيهي) على مدار العقود الماضية تحديا حقيقيا للأسرة الأردنية بكافة مكوناتها، وبالرغم من بساطة العيش وعدم توفر الامكانيات الملائمة لدى معظم الأسر الأردنية لتوفير بيئة مناسبة لابنائهم تمكنهم من اتمام هذه المرحلة الحاسمة من مسيرتهم الدراسية، فان الامتحانات لم تمثل هذا الكم من الضغط النفسي والمجتمعي الذي نشهده في ايامنا الحالية.
فلم تكن المراكز قد حلت مكان المدرسة وانتشرت بهذا الكم التجاري الهائل، ولم تمثل الدروس الخصوصية في المنزل بديلا للحصص المدرسية، وكانت القيم العليا لمهنة التدريس تمنع بعض المدرسين من اتخاذ هذه المهنة وسيلة للتكسب على حساب الرسالة التي من المفترض انهم يؤدونها.
واليوم ومع تطور التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، وانتشار المواقع الاعلامية الالكترونية التي ساهم بعضها في اعادة تصوير امتحان الثانوية العامة بخلاف ما يجدر ان يكون عليه من قياس حقيقي لقدرات الطالب، ناهيك عن انتهاج سلوك جديد لدى أولياء الأمور يتمثل في مرافقة ابنائهم الى المدارس وانتظارهم على أبواب المدارس حاملين يافطات ورقية تطلب الدعاء لابنائهم كأنهم في ساحة معركة، في مشهد غير جدير ان يخرج جيلا واثقا من نفسه معتمدا على قدراته، نعده لمستقبل افضل للوطن وللأمة.
فلا يكون الخوف والمحبة لابنائنا بتعطيل ساعات من أوقات الآباء والامهات منتظرين على أبواب المدارس، ولا يكون قياس مستوى الامتحان بسؤال طالب خرج توا من الامتحان من الطبيعي ان يكون مشوشا ورأيه حسب مستوى دراسته وتحصيله لا حسب المستوى الحقيقي للقياس والتقويم الذي تراعيه وزارة التربية والتعليم عند وضع أسئلة امتحان الثانوية العامة.
رسالتي لأولياء الأمور ان ارحموا أبنائكم وخففوا من اعتمادهم عليكم لتعدوهم اعدادا حقيقيا لمستقبل ننتظر بفارغ الصبر ان يشكلوا به حالة تغيير ايجابي في بناء وطننا ومستقبل أمتنا.
ورسالتي الى أبنائي طلبة الثانوية العامة ان لا يجعلوا من هذا الامتحان المقياس الوحيد لقدراتهم، فأنتم جيل المعرفة والتكنولوجيا وقدراتكم ان وثقتم بها عظيمة، ومساهمتكم في بناء وطنكم لا تكون فقط في نجاحكم ودخولكم الجامعات، واعلموا ان سقوط الفرد يمثل حالة طبيعية ان استجمع قواه ونهض لاكمال مسيرته، ولا يعيب أحدكم اخفاقه في مجال واحد من مجالات الحياة، فالحياة مليئة بمجالات التفوق والنجاح، وأنتم أهلا ان تبدعوا وتبنوا أوطانكم كلا حسب قدراته وامكانياته.
لنعيد معا لامتحان الثانوية العامة ألقه وحقيقته ولنبدأ من أنفسنا واسرنا مرورا بمدارسنا وانتهاء بوزارة التربية والتعليم، ولنوجه دعوة الى الاعلام المهني الصادق ان يكون عونا لنا، بأن يلفظ من محيطه أدعياء الاعلام وتجار المواقف والتراجيديا الاعلامية.