إنَّ العينَ لتدمعُ وإنَّ القلبَ ليحزنُ ، وإنّا على فِراقك لمحزونونَ ، ستذكرك ساحاتُ القوات الخاصة ، ميادينَ العزّةِ والكرامةِ ومنعطفات العمليات الخاصة .
أجل ، تَعرِفُكَ خيلُ القوات الخاصة وليلُها وبيداؤُها وسيفُها ورمحُها وقرطاسُها والقلمُ ، قلبك صُنع من فولاذٍ لا يعرفُ التراجعَ ولا الترددَ ، صلبُ الإرادةِ قويَّ البأسِ ثاقبُ البصيرةِ .
الباشا جمال الشوابكة ملحُ الأرضِ ، رفيقُ الدَّربِ زميلُ السلاحِ ، له مواقفٌ لا تُنسى ، وتاريخٌ لا يُمحى وقصة حياةٍ لا تنتهي ، صادقُ الوعد ، وفيَّ العهدِ ، طيِّبُ النفس ، دمثُ الخلقِ ، طاهرُ المنبت .
نشأ وترعرع في ميادين الصبر والقساوة والخشونة والرجولة ، في شهر رمضان الماضي كُنا معاً ، في رحلة عبادةٍ إلى مكةَ المكرمة لأداء مناسك العمرةِ مع مجموعةٍ طيبه بمكرمةٍ من جلالة سيدنا .
استوقفتني سرعةُ اقتحامهِ اللبق لقلوب الآخرين ، قرأتُ في عينيه حُزناً على فقدان فلذة كبده ، تجاهلت وتغافلت بحجة عدم السمع ، وتجاوزنا ذكرى المصيبة بِلُغة العيونِ ، وهي أصدق اللغات ، وأدقُّ التفاصيل ، سيّما إذا ما تخللتها لغةُ الصمتِ الأبلغِ .
أمضينا ساعتينِ في الذهاب ومثلها في الإياب ، نتجاذب أطراف الحديث، لم تحدثني نفسي ولا دار في خلدي بأننا كنَّا نودِّع بعضنا الوداع الأخير ، لم أتوقع سرعة الرحيل .
أبو ماهر سلامٌ عليك يوم وُلدت ، وسلامٌ عليكَ يوم مماتكَ وسلامٌ عليك يوم تُبعث حيَّا ، هيَ الدنيا تُسومُنا أشكالَ العذابِ ، ونارُ الألَمِ ، وجرحُ القلبِ ، هو جمرُ الغضى ، وشوكُ الفراق يدمي مشاعرنا ، لك الرحمةُ حتى يرضى وجهُ الله ، وعزائي للأسرة والأبناء الارحام ، إنا لله وإنا إليه راجعون .